.. عمره يتجاوز 107 سنة ويخضع لضوابط صارمة ويوفر الوقود لعشرات المفاعلات حول العالم
على بعد ساعة ونصف تقريباً من قلب العاصمة الروسية موسكو، يقع واحد من أهم وأقدم مصانع الوقود النووي في الكرة الأرضية، الذي يتجاوز عمره 107 سنة.. مصنع "Elemash" التابع لشركة روساتوم الحكومية، ذاك المصنع الروسي الذي تم تأسيسه منذ العام 1917، ويطلق عليه اصطلاحا مصنع الوقود النووي، رغم أن بداية هذا الصرح العملاق كان لتصنيع الذخيرة خلال الحرب العالمية الأولى، إلا أنه تحول ليصبح أحد أهم مصانع العالم حالياً للوقود النووي، وتحول إلى أحد أهم المصانع في العالم اليوم للوقود النووي. وهي شركة تابعة لشركة تفيل للوقود التابعة لروساتوم والتي ستقوم بتزويد محطة الضبعة النووية بالوقود.
وبدون الغوص كثيراً في تاريخ التدشين والتأسيس.. هيا بنا نأخذ جولة في هذا المصنع العملاق، حيث نجح "اليوم السابع" في الاطلاع علي آليات عمل مصنع الوقود النووي Elemash، وكيف يتم الإنتاج وكيف يحصل العالم على الوقود النووي، خاصة أن روساتوم مسئولة حالياً عن توفير الوقود لعشرات المفاعلات حول العالم.
حاولنا الحصول على تصريح بتصوير الزيارة وتوثيقها بالفيديو والصور، إلا أن الضوابط الأمنية حالت دون ذلك، وفهمت فيما بعد لماذا يتم حظر التصوير داخل مصنع الوقود النووي.. فبمجرد الوصول إلي مقر المصنع يقدم لك المختصون هناك عدد كبير من النصائح قبل الدخول، كما يطالبوك بترك كل أجهزة الاتصالات والكاميرات والموبايل وأية وسائل اتصال أخرى وبرروا ذلك بالقول " أنت ستدخل منشأة حيوية للغاية ولا يسمح لأحد بالتصوير فيها وسندعمك بصورة من خلالنا" .. هكذا كانت البداية، كما قدموا عددا كبير من النصائح المهمة خلال التواجد بالمصنع منها الالتزام بخط السير المحدد والتعليمات والتوجيهات التي سيقدمها لك مرشد الزيارة أو المسئول عن جولتك بالمصنع.
وتوجهت من خلال سيارة تم توفيرها عبر شركة روساتوم الحكومية لبوابة المصنع العملاق الذي يقع على مساحة 3 ملايين متر مربع، وخضع الجميع لتفتيش دقيق للغاية، حيث تترقب السيارة إشارة الدخول بعد انتهاء فحصها من كل الاتجاهات، وبعد دخولك لأرض ال "Elemash" تجد عدد كبير من المباني وتسير السيارة لمدة غير قليلة حتى وصلت إلي المبني المراد الدخول إليه، وهناك حصلت على تعليمات جديدة تتعلق بالأمن والسلامة، وجرى توفير ملابس وقائية تغطي كامل الجسد والرأس.. وتوجهت إلي مبني متاخم، وهو المبني الذي يحوى المرحلة الأخيرة من إنتاج وحدات الوقود النووي.. تساءلت لماذا نبدأ بالمرحلة الأخيرة من إنتاج الوقود..ورغم أن الإجابة جاءت متأخرة بعد أن دخلت المرحلة الأولي التي كانت تتطلب الوصول إلي مكان تقريباً تحت الأرض وبه يتم إنتاج وحدات صغيرة من ثاني أكسيد اليورانيوم.
أنابيب رقيقة جدا ومرصوصة بدقة يوجد بداخلها اليورانيوم وتسمى هذه الأنابيب "قضبان" بحسب ما ذكره القائم على هذه الزيارة. هكذا بدت لي الصورة في البداية، حيث يتم في هذه المرحلة وهي المرحلة الأخيرة من إنتاج الوقود النووي تجميع هذه القضبان أو الأنابيب مع بعضها لتصبح وحدة وقود بها 312 قضيب .. هذه الوحدة هي التي يتم وضعها داخل المفاعل النووي.. والمفاعل يحتاج قرابة 163 من هذه الوحدات ليصبح جاهز للتشغيل. بهذه السطور القليلة يمكنني تلخيص جولتي في المرحلة الأخيرة من مصنع إنتاج الوقود النووي، ولفهم هذه الأمور تطلب الأمر أكثر من ساعة بالشرح الدقيق من أحد مسئولي المصنع، والذي قال"إن كل ما تراه من معدات هندسية دقيقة وكل الآلات الموجودة هنا هي صناعة روسية خالصة وتخضع مراحل الإنتاج لدينا لعدد كبير من الاختبارات والفحص الدقيق".
وهنا اعتقدت أن المرحلة القادمة من جولتي في مصنع Elemash وهي المرحلة الأولي من إنتاج الوقود النووي ستكون سهلة، لكن الأمر كان مختلفاً للغاية.
حيث يتم في المرحلة الأولى لإنتاج الوقود تحضير المادة الخام "ثاني أكسيد اليورانيوم"، ويتم في هذه المرحلة تصنيع أقراص اليورانيوم التي تتطلب مراحل تقنية معقدة للغاية وتتطلب درجات حرارة تزيد عن 1700 درجة، بالإضافة إلى حاويات ذات مواصفات خاصة، تستطيع أن تتحمل الحرارة. تخرج هذه الاقراص ليتم حشوها داخل أنابيب المرحلة الأخيرة (تكسية عناصر الوقود) التي يتم تجميعها في حزم وقود ووضعها في قلب المفاعل النووي لإنتاج الطاقة.
وتستغرق هذه المراحل من إنتاج الوقود النووي فترات طويلة، بحيث يتم توفير الوقود لنحو 17% من احتياجات العالم حيث تقوم شركة الوقود TVEL التابعة لروساتوم بتزويد الوقود لعشرات المفاعلات في مختلف مناطق العالم وتقوم روساتوم حاليا ببناء حوالي 22 محطة جديدة في 7 دول بحاجة للكثير من الوقود النووي، مما يجعل الوقود النووي المستخدم للأغراض السلمية.
أقدم مصنع بروسيا
صناعة الوقود النووي
مراحل تصنيع الوقود
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة