يحتفل اليوم الفنان الكبير محمد صبحي بعيد ميلاده، وأفضل ما أقدمه لأستاذي ومعلمي هو كلمات عن مسيرته، فهو نموذج لإنسان مصري مبدع صنع نفسه، وبجهده ودأبه، وهو فنان راسخ في وجدان الشعب العربي، مخلد بما صنعه من مجد فني وبما قدمه من مسرح مصري له مذاقه وطعمه.
وأتذكر أنني في الكتاب الذي تشرفت بإعداده عن مسيرته الفنية وضعت تصريحات له عندما سئل في أحد حواراته الصحفية عام 1976 عن أمنياته الفنية قال: (أتمنى ألا أكون مشهورًا، وإنما أخلد في المسرح بأن أصنع مسرحًا له مذاق وطعم مصري عربي يمثل مصر عالميًا كــــ"الكوميدي فرانسيز" في فرنسا، و"الأولد فيج" في لندن، لأنه وللأسف حتى الآن لا يوجد مسرح يمثل مصر عالميًا، يمثلها طابعًا وروحًا وقلبًا، وإنما يوجد مسرح يمثلها لهجة فقط وهذا لا يكفي، وأعتقد أن خطوتي المقبلة ستكون أولى نفحات عطر هذا المسرح).
بالفعل حقق محمد صبحي أمانيه وأصبح له مسرحه، وضع لمسرحه منهجًا ودعائم قوية أصبحت طقوسًا يحرص عليها الجميع، فلم يكن الفن بالنسبة له غاية، بل وسيلة لإسعاد وإمتاع الجماهير، وامتد خط الكوميديا لديه من الأساتذة الكبار حتي وصل إليه، فكان خير حافظ على تراثهم وحمل عنهم راية الالتزام والتقاليد، وظل لأكثر من خمسين عامًا في محراب الفن، فهو نموذج فني احتذى به كثير من تلامذته، ونهلوا من بحر إبداعه حتى احتلوا الصفوف الأولى.
يظل محمد صبحي الأستاذ الحافظ على كبرياء الفن محتلاً مكانة مرموقة ومتقدمة كان ولا يزال أهلاً لها، وتتسم مسيرته بالتفرد والتميز مكتسبًا سمات خاصة وملامح لم تتشابه مع الآخرين، فقد قدم التراجيديا بخفة ظل الكوميديا، ويقدم الكوميديا بصدق التراجيديا.
كل سنة وأنت طيب يا "أستاذ" وهو اللقب الذي يناديه به كل تلامذته وكل العاملين معه، وهو كان العنوان الذي قدمته في الكتاب الذي كتبته عن الفنان محمد صبحي لأنه بالفعل أستاذ ومعلم وفارس نبيل استقر داخل قلوب الناس وسكن وجدانهم.
