الحرب ليست كلها قنابل أو رصاص، قد يكون التجسس وكشف المعلومات أثقل فى تأثيره من إطلاق آلاف الرصاصات، وهو ما أثبته الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن استطاع بمخابراته التجسس على اجتماع عسكرى غاية فى السرية لمجموعة من المسئولين العسكرين الألمان، ليضرب بهذا التسريب عصفورين بحجر واحد، فما بين اثبات ضعف السرية فى الجهاز العسكرى الألمانى من ناحية، وما بين تشويه سمعة المستشار الألمانى من جهة أخرى.
تسريب خطير بين كبار الظباط الألمان يحرج برلين
تسريب لمؤتمر عبر الفيديو مدته 38 دقيقة، ناقش خلاله أربعة من كبار مسؤولى الدفاع الألمانى، إرسال صواريخ توروس إلى أوكرانيا، وتدريب الأوكرانيين على استخدامها، واستهداف الجسر الذى يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسى لروسيا، وتم تسريب الشريط على قناة RT الروسية الرسمية يوم الجمعة وأكدت الحكومة الألمانية صحته فيما بعد.
التسريب فى الحقيقة يخالف ما يردده المستشار الألمانى أولاف شولتز منذ أيام، بعد أن امتنع علانية عن تلبية أمانى أوكرانيا بالحصول على صواريخ "توروس" القادرة على إصابة أهداف على بعد ما يصل إلى 500 كيلومتر، وذلك خوفا من أن يؤدى ذلك إلى تصعيد النزاع وإثارة توترات إضافية مع روسيا.
ماذا قال المستشار الألمانى عن إرسال صورايخ توروس؟
ويعتبر شولتز حصول أوكرانيا على صواريخ من طراز ستورم شادو التى يبلغ مداها 250 كلم من فرنسا وبريطانيا كافيا لكييف، كما أن استحواذ كييف على صواريخ توروس الألمانية سيمثل دفعا كبيرا لأوكرانيا التى تكافح لمواجهة القوات الروسية.
وقال شولتز أن ألمانيا لا يمكنها اللحاق بركب بريطانيا وفرنسا وتزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لأن الخطوة "لن تكون مسؤولة". وقال "إنه سلاح بعيد المدى للغاية، وما يفعله البريطانيون والفرنسيون من استهداف ودعم الاستهداف، لا يمكن لألمانيا أن تقوم به".
التسريب يشعل الخلاف بين روسيا وألمانيا
لكن هذا التسجيل، كما تقول فرانس 24 صب الزيت على نار التوتر الراقدة تحت الجمر بين موسكو وبرلين جراء موقف الثانية من الحرب التى تشنها روسيا على جارتها أوكرانيا والخطوات التى اتخذتها برلين فى هذا الصدد من دعم كييف بالمال والسلاح.
وهو ما جعل وزير الخارجية الروسية سيرجى لافروف يصرح قائلًا: صارت الخطط الماكرة للقوات المسلحة الألمانية واضحة بعد نشر هذا التسجيل الصوتى، أنه كشف صارخ للذات، مؤكدا على أن أوكرانيا وداعميها "لا يريدون تغيير مسارهم على الإطلاق ويريدون إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا فى ساحة المعركة"..
ويستخدم بوتين التسجيل لتغذية آلته الدعائية فى الداخل، وتقديمه كدليل إضافى على أن الغرب يسعى للحصول على روسيا، لكن ألمانيا تتسرب كالغربال، ودفاعاتها فى مجال مكافحة التجسس فى حاجة ماسة إلى الإصلاح الشامل.
وهو الأمر الذى التفت إليه وزير الدفاع الألمانى بوريس بيستوريوس ووصفه بأنه محاولة "لزعزعة استقرار ألمانيا" متهمًا موسكو بشن "حرب معلومات على بلاده.
من جهتها، طالبت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ألمانيا بتقديم توضيحات سريعة بشأن فحوى التسجيل، وقالت "محاولات تجنب الإجابة على الأسئلة سينظر إليها على أنها إقرار بالذنب".
وبدوره، كتب الرئيس الروسى السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومى دميترى مدفيديف فى منشور على تلجرام "تحول خصومنا القدامى -الألمان- مرة جديدة إلى أعدائنا اللدودين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة