أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن قرارات البنك المركزي بشأن قرار السعر العادل للجنيه، ورفع سعري الإيداع والاقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بمقدار 600 نقطة خطوة مهمة لمواجهة المشكلات الاقتصادية التي واجهت مصر خلال الفترة الماضية ومن أهمها ارتفاع معدلات التضخم وتغول السوق السوداء وفي هذا التقرير، يرصد "اليوم السابع"، أهم مزايا القرار وتأثيرها على الأوضاع الاقتصادية على المدة القصير والمتوسط.
وقال الدكتور مصطفى أبو زيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، إن القرار يساهم في زيادة الطلب على المنتجات المصرية لأنها أرخص من مثيلاتها، وهذا يساهم في تحقيق مستهدفات الدولة المصرية في الوصول بالصادرات المصرية لـ 145 مليار دولار خلال الست سنوات القادمة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري.
وأوضح أن سياسة السعر العادل للجنيه له آثر إيجابي على زيادة حجم التبادل التجاري بالعالم الخارجي، لأنه مرتبط بحجم العرض والطلب وبالتالي زيادة حجم النشاط الاقتصادي للدولة المصرية.
وتابع: أن القرار يساهم في تنفيذ السعر العادل للجنيه أن يكون له أثر إيجابي على تحسين وزيادة الناتج المحلى الإجمالي وارتفاع معدل النمو للاقتصاد المصري، بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية في مقابل زيادة الطلب على المنتجات المصرية في الخارج، وبالتالي زيادة الانتاج بحجم اكبر لتلبية احتياجات السوق المحلى والصادرات.
زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر
وأشار إلي أن تنفيذ سياسية السعر العادل للجنيه يكون له أثر إيجابي على زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الوصول إلى استقرار سعر الصرف، ما يساهم في تحديد الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي ينوى المستثمرين ضخ استثماراتهم فيها داخل الاقتصاد المصري ، والمساهمة في تحقيق المستهدف وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري (2024-2030) إلي 19 مليار دولار خلال الست سنوات القادمة.
واستطرد أن سياسة السعر العادل للجنيه يكون لها أثر إيجابي على زيادة خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة نتيجة إلى زيادة حجم الإنتاج المدفوع بزيادة حجم الصادرات المصرية إلى جانب زيادة حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة فى إقامة مشروعات إنتاجية أو خدمية جديدة.
وتابع أن ميزة قرارات البنك المركزي، تعمل على زيادة الطلب على العمالة وتوفير فرص عمل تساهم في تراجع معدل البطالة، وبالتالي إيجاد دخول مناسبة للمواطنين تساهم في تلبية احتياجاتهم المعيشية.
تنفيذ سياسية السعر العادل للجنيه
وأكد أن لقرارات البنك المركزي أثر بشأن قطاع السياحة، حيث أن انخفاض قيمة العملة الوطنية يساهم في زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر للاستمتاع بكافة الخدمات السياحية والفندقية بتكلفة أقل عن مثيلاتها في أي دولة اخرى ، وبالتالي يساهم في الوصول إلى تحقيق المستهدف في إيرادات قطاع السياحة وفقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري خلال الست سنوات القادمة إلى 45 مليار دولار في عام 2030.
زيادة حجم الاحتياطي النقدي
وقال إن تنفيذ سياسة السعر العادل للعملة الوطنية له أثر إيجابي على زيادة حجم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري، نتيجة زيادة تدفقات إيرادات الصادرات المصرية وإيرادات قطاع السياحة وارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر ما يعطى الأريحية والملاءة المالية القوية للاقتصاد المصري في الوفاء بالتزاماته وتعهداته الدولية من فوائد وأقساط الديون، وبالتالي تعزيز سمعة وثقة الدولة المصرية أمام المؤسسات المالية والدولية، وارتفاع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري ، مما يعني ثقة أكبر في قوة ومرونة الاقتصاد المصري على قدرته على توليد إيرادات مستدامة واقتصاد متنوع ينمو ويزداد وبالتالي ثقة اكبر للمستثمرين في مناخ الاستثمار في مصر.
القضاء على السوق الموازي
وأختتم حديثة، بأن القرار له أثر إيجابي على المواطن في القضاء على السوق الموازي للدولار، وبالتالي التحكم بشكل أكبر وفعال في ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، والمساهمة في تراجع معدل التضخم وعدم تأكل القوة الشرائية للمواطن المصري في ظل اهتمام الدولة المصرية في تخفيف الأعباء التضخمية، وآخرها حزمة القرارات الاجتماعية من زيادة الأجور والمرتبات وزيادة المعاشات وتكافل وكرامة ورفع حد الإعفاء الضريبي، وكلها أمور تزيد من النقد المتاح لدى المواطنين لتوجيهه نحو الاستهلاك في الأسواق وبالتالي انتظام الدورة الاقتصادية.
الخبير كريم عادل : قرار البنك المركزي يستهدف كبح جماح التضخم
قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن قرارات لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري تأتي تأسيساً على نتائج الرصد والتحليل والمتابعة والتقييم للمتغيرات الداخلية والخارجية، وفي ظل العديد من التحديات والأزمات الداخلية وعلى رأسها أزمة نقص الموارد الدولارية، وما يتبعها من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، وكذلك العالمية التي تواجه الأسواق الناشئة.
تحفيز صندوق النقد للموافقة على برنامج مُعزز لمصر
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن قرار البنك المركزي بتحديد سعر الجنيه وفقا للسعر العادل، يتسق مع متطلبات المرحلة الحالية ومطالبات المؤسسات المالية العالمية، لا سيما وأن تحرير سعر الصرف كان مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي لصرف دفعات القرض المتأخرة وكذلك زيادة قيمة القرض للدولة المصرية إلى عشرة مليار دولار، وهذا ما أكدته وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في تقريرها الأخير الصادر منذ أيام من أن : " هذا الإجراء يحفز صندوق النقد ليوافق على برنامج دعم مُعزز لمصر" .
كبح جماح التضخم
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن قرار رفع سعر الفائدة بمعدل 6%، للمرة الأولى في تاريخ البنك المركزي المصري، تطبيقاً لسياسة التقييد النقدي ومحاولة سحب السيولة النقدية من السوق ، بهدف كبح جماح التضخم والقضاء على عمليات الدولرة ، باعتبارهما أثر مباشر لتحرير سعر الصرف.
الحد من عمليات الـ "دولارة"
واختتم عادل، أنه من المتوقع استقرار الأسعار بالسوق خلال المرحلة المقبلة كنتاج طبيعي لعملية تحرير سعر الصرف ، وكذلك توقف السوق الموازي والحد من عمليات الدولرة مرهون بالعديد من الأمور يأتي على رأسها تدبير النقد الأجنبي للمستوردين والأفراد بصورة مستدامة ، وتشديد الرقابة على الأسواق، مشددا على أن القرار يحتاج إلى مراجعة دورية، لا سيما وأن رفع الفائدة أمر ليس بجيد على مستوى الاستثمار نظراً لارتفاع تكلفة الإقراض آنذاك .
الدكتور مصطفى بدرة: قرار "المركزي" خطوة مهمة للقضاء على السوق السوداء للدولار
وفي نفس الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، مصطفي بدرة، أن قرار البنك المركزي بالسماح بالتسعير العادل للجنيه، خطوة مهمة نحو تحقيق عدد من المستهدفات أهمها السيطرة على معدلات التضخم، التي تسببت في ارتفاع الأسعار خلال الشهور الماضية، بالإضافة إلى القضاء على السوق السوداء للدولار ومن ثم توحيد سعر الصرف.
تداعيات إيجابية على السوق النقدي
وأضاف "بدرة" لـ "اليوم السابع"، أنه سيتم تحديد السعر الاسترشادي للدولار في نهاية عمل البنوك اليوم، موضحا أن القرار يتضمن رفع سعر الفائدة 600 نقطة وهو خطوة مهمة للمدخرين، وهو ما يساعد في تحجيم التضخم ، لأنه سيساهم في جمع أكبر سيولة في الأسواق.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن القرار يأتي كخطوة أخيرة في مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن القرار سيكون له تأثير إيجابي على السوق النقدي.
الدكتور رائد سلامة: يساهم في القضاء على المضاربات وكبح جماح التضخم
أكد الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادي والمقرر المساعد للجنة التضخم بالحوار الوطني، على أهمية وجود سعر موحد للعملات الأجنبية تتحدد بناءا على آليات العرض والطلب مع التدخل لضبط الأسواق إن لزم الأمر، وهذا ما أشار البنك المركزي بوضوح في القرار الصادر عنه، وبالتالي فلا أحد يختلف على ضرورة القضاء على المضاربة الإجرامية التي أدت الى تسعير العملات الأجنبية بأسعار مغالى فيها بدرجة فاحشة.
وقال الخبير الاقتصادي، لـ "اليوم السابع"، إن رفع سعري الإيداع والاقراض لمدة ليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بمقدار 600 نقطة أساس إلى 27.25%، 28.25% و27.75% على التوالي، ورفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%، سيكون له أثر سلبي على وتيرة الاستثمار حيث سيفضل أي مستثمر أن يوظف أمواله في ودائع لدى البنوك بدلا من تشغيلها كاستثمار مباشر يؤدي إلى انعاش العملية الاقتصادية كما سيكون له أثر بالغ على زيادة عجز الموازنة.
وأضاف "سلامة"، أن القرار سيكون له أثر محدود على كبح جماح التضخم لأن معدلي التضخم القياسي والأساسي وما يشملانهما من معدلات فرعية على السلع الأساسية مازالت أعلى من معدلات الفائدة بسبب ارتفاع سعر الدولار، مؤكدا أن التعامل مع ظاهرة التضخم في مصر باستخدام أدوات السياسة النقدية يحتاج إلى إعادة نظر لأن مثل هذه الأدوات تستخدم حين يكون معدل التضخم منخفضا نسبيا كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يدور المعدل عند مستوى 3% بينما يحرك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة ليصل الي ما يزيد عن 5% لتعويض المودعين عن فارق التضخم اي ان هناك فارقا موجبا.
وشدد "سلامة "، على اتفاقه مع استمرار المركزي على العمل لتوحيد سعر العملة الأجنبية من ناحية، ومن ناحية أخرى أختلف مع رفع اسعار الفائدة واتمنى أن يكون إجراء مؤقتا يعاد النظر فيه لاحقا.
الدكتور بلال شعيب: القرار يُحدث نوع من التوازن في سعر الصرف
كما أكد الدكتور بلال شعيب الخبير الاقتصادي، أن قرار البنك المركزي بالتسعير العادل للجنيه ، وفقاً لآليات العرض والطلب في البنوك خطوة مهمة نحو القضاء علي السوق الموازي وتجارة العملة خارج القنوات الرسمية.
وأشار في تصريح خاص لليوم أنَّ السوق المصرية كانت تشهد ارتفاعًا في الأسعار، ولكن مع جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي وتوفر السيولة الدولارية، عن طريق مشروع صفقة رأس الحكمة و الاستثمارات الأخرى، تمكّن البنك المركزي المصري من مواجهة آثار الأزمات العالمية بزيادة سعر الفائدة بنحو 6% دفعة ليحدث نوع من أنواع التشديد النقدي بسحب السيولة الموجودة في السوق.
وقال أن آليات الطلب والعرض في السوق هي التي ستخلق توازن بشكل مباشر، لأن تدخل البنك المركزي في سعر الفائدة جاء لغرض اقتصادي وهو سحب السيولة، وكي لا يٌمكن تجار العملة من التلاعب في سعر الدولار مرة أخرى، وأن التشديد النقدي مهم جدا كإجراء اقتصادي لإحداث نوع من التوازن في سعر الصرف.
واستطرد الدكتور بلال شعيب أن التضخم يعد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، وظاهرة الدورة المرتبطة بظاهرة التضخم، على اعتبار إن البعض يمارس ظاهرة "الدولرة" في أبشع صورها بشكل نقدي، حيث يتم تحويل الجنيه المصري إلى دولار، وكان البعض يحدد أسعار السلع السيارات والأغذية وتقييمها بالدولار وبيعها بالجنيه المصري، لذلك شاهدنا ارتفاع جنوني في أسعار السلع.