تحل اليوم ذكرى وفاة جمال الدين الأفغاني، أحد مؤسسي حركة الحداثة الإسلامية وأحد دُعاة الوحدة الإسلامية في القرن التاسع عشر، وكانت له مع الخديو توفيق مواقف مختلفة في عصره جعلت التقلبات تلحق بحياته، حتى إن العلاقة بينهما ساءت لدرجة أن الخديوى توفيق نفى جمال الدين الأفغاني بسبب مقالاته عن حقوق الشعب وضرورة مواجهة الاستعمار.
يقول رئيف خورى في كتابه الفكر العربي الحديث، "أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي أن الخديوي توفيق باشا قال لجمال الدين ما معناه: إنني أحب كلَّ خيرٍ للمصريِّين، ويسُرُّني أن أرى بلادي وأبناءها في أعلى درجات الرقي والفلاح، ولكن مع الأسف إن أكثر الشعب خامل جاهل لا يصلح أن يُلقى عليه ما تُلقونه من الدروس والأقوال المهيِّجة فيلقون أنفسهم والبلاد في تهلُكة.
قال جمال الدين مجاوبًا: ليسمح لي سمو أمير البلاد أن أقول بحرِّية وإخلاص إن الشعب المصري كسائر الشعوب لا يخلو من وجود الخامل والجاهل بين أفراده، ولكنه غيرُ محروم من وجود العالِم والعاقل؛ فبالنظر الذين تنظرون به إلى الشعب المصري وأفراده، ينظرون به لسموكم. وإن قبِلتم نُصح هذا المخلصِ وأسرعتم في إشراك الأُمَّة في حُكم البلاد على طريق الشورى، فتأمرون بإجراء انتخابِ نوابٍ عن الأمة تسنُّ القوانين وتُنفَّذ باسمكم وبإرادتكم، يكون ذلك أثبتَ لعرشكم وأدومَ لسلطانكم.
هذا أهمُّ ما جرى في هذه المقابلة التي كان فيها سُمو الخديوي غير راضٍ وأسرَّ في نفسه البطش بجمال الدين ولكن لم يُظهر له شيئًا من ذلك.