"البقيع المصرى" هكذا يطلق أبناء الصعيد على جبانة أسوان، لما تحويه من آلاف المقابر للمسلمين فى القرون الأولى للإسلام وخلال الفتوحات العربية فى أفريقيا، مثل المقابر الموجودة فى البهنسا بمحافظة المنيا.
وتعد جبانة أسوان من أقدم الجبانات الإسلامية بما تحتويه من قبور وقباب ترجع للعصر الفاطمى، اكتشفتها عالمة الآثار الإسلامية، بنت أسوان، الدكتورة سعاد ماهر، أول عميد لكلية الآثار الإسلامية للبنات فى مصر عن أقدم شاهد قبر إسلامى من الحجر الرملى عثرت عليه أثناء دراستها بأسوان، ومؤرخ فى عام 31 هجرية باسم عبدالرحمن الحجازى محفوظ بمتحف الفن الإسلامى بالقاهرة.
يتحدث الدكتور حسن جبر، الباحث فى شئون الآثار الإسلامية ومدير المتابعة الفنية لمناطق آثار مصر العليا وعضو اتحاد الأثريين العرب، عن جبانة أسوان، قائلاً: يتميز شكل القباب الموجودة فى المقابر الفاطمية بأسوان بوجود أوجه أضلاع ثمانية متقابلة للقبة من الخارج بما يعرف بالقرون ويرجع تاريخ القباب الموجودة فى الجبانة الفاطمية إلى القرن الرابع الهجرى.
وتقع المجموعة الأولى بطريق الخزان شمال وشرق متحف النوبة وغرب منطقة المسلة الأثرية والمجموعة الثانية بوسط مدينة أسوان وتعرف بمنطقة العنانى.
واهتم كثير من المؤرخين بالحديث عن مدينة أسوان فى مؤلفاتهم ولعل ذلك يرجع إلى أن أسوان هى البوابة الجنوبية لمصر، كما أن العرب عند الفتح العربى كانوا يستحسنون السفر برا إذ كانوا يمرون بالبحر الأحمر ثم الحجاز والعكس وهذا يعنى أن أسوان كانت طريقًا ومستقراً لكثير من التجار والرحالة والفاتحين ولما كانت هناك صراعات دموية بين النوبة والفاتحين، ما أدى إلى استشهاد العديد من المسلمين وليس أدل على ذلك من عدد شواهد القبور التى وجدت ومنها أقدم شاهد قبر إسلامى فى مصر مؤرخ سنة 31 هجرية باسم عبدالرحمن الحجزى أو الحجرى.
وحول علماء الآثار وتقسيمات المقابر الفاطمية، ذكر كل من كريزول ومونيريه القباب الفاطمية فى أبحاثهم وقد لجأ الاثنان إلى تقسيم الجبانة الفاطمية من حيث التصميم والتخطيط فقط دون النظر للعناصر المعمارية وهذا بخلاف الدكتور فريد شافعى الذى قام بدراسة العناصر المعمارية من حيث العقود والحنايا ومراحل الانتقال والقباب ورقاب القباب والمحاريب وتعتبر دراسة الدكتور فريد شافعى أفضل بكثير من الدراستين السابقتين هذا وقد قام مونيريه بدراسة خمسة وخمسين قبة بالجبانة الإسلامية بأسوان.
ويمكن تقسيم هذه القباب جميعها إلى نوعين على أساس مراحل الانتقال التى تقوم بتحويل الشكل المربع إلى شكل مثمن ثم دائرى، "المجموعة الأولى": وتشمل النماذج البسيطة وهى البلاطة المسطحة المثلثة ذات الحافة المستقيمة:- والتى تحول المربع إلى مثمن تقوم عليه رقبة القبة المثمنة ثم طاقية القبة وتتخلل رقبة القبة ثمانية نوافذ فى كل ضلع نافذة "الجبانة القبلية"، والبلاطة الأفقية المثلثة ذات الحافة المقوسة: والتى تحول الشكل المربع إلى دائرة تقوم عليها رقبة قبة مستديرة ثم طاقية القبة، والمثلث الهرمى المقلوب، وهو بدوره يحول المربع إلى دائرة تحمل فوقها رقبة قبة مثمنة الشكل الأضلاع، والمثلث الكروى، الذى يحول المربع إلى دائرة ترتفع فوقها رقبة قبة أسطوانية الشكل.
كما تقسم القباب إلى "الحنية المخروطية" وهى حنية نصف مخروطية مجوفة مبنية من الأجر على هيئة بلاطات صغيرة مربعة رصت بجانب بعضها فى جنازير متتالية وتقوم الحنية المخروطية بتحويل المربع إلى شكل دائرى وتعتبر الحنية المخروطية من التأثيرات الساسانية على العمارة الإسلامية، و"المقرنصات"، ولعل فكرة المقرنصات تنبع من فكرة الحنيات الركنية المخروطة والتى يرجع أقدم أمثلتها إلى العصر الساسانى المبكر.
أما المجموعة الثانية وتشمل نماذج الأركان المركبة أى التى انتقلت من البساطة إلى مرحلة أكثر تعقيدًا وتطورًا وهى نوعان، وفيه منطقة الانتقال المكونة من "حنيات ركنية" وضعت فى محور ضلع المربع ويتميز هذا النوع بأن جميع الحنيات سواء ما وضع منها فى الأركان أو فى الأضلاع تبدو واضحة من خارج البناء على عكس نماذج المجموعات السابقة كلها التى تختفى داخل كتلة البناء وهذا النوع تتميز به منطقة أسوان عن غيرها من العالم الإسلامى أجمع، أما النوع الثانى ويشمل الأركان المكونة من حطتين من "المقرنصات" وقد استعملت المقرنصات بكثرة فى الشرق الأوسط خلال القرن الحادى عشر وتفردت به العمارة العربية دون غيرها ولم تكن قاصرة على منطقة الانتقال بل استخدمت المقرنصات حتى وصلت إلى ثمانى حطات ثم إلى تسع فأكثر.
وحول الخصائص المعمارية التى تميزت بها القباب الفاطمية بأسوان، فإنها اختصت القباب الفاطمية ذات النماذج المبكرة بحطات مناطق الانتقال البسيطة بمظهر لا يوجد فى أى مكان آخر فى مصر ومن هذه الخصائص، "ظاهرة القرون" وهى أن كل حافة من حواف الأضلاع الثمانية تقابل الأوجه الثمانى ببعضها من الخارج ترتفع لأعلى وهذه ظاهرة محلية بأسوان، وإن الأوجه الثمانية للرقبة فى القبة ليس مسطحًا بل مقعراً والمثال الوحيد فى العالم الإسلامى فى جامع القيروان "قبة جامع القيروان" ويوجد مثال نادر لا يوجد له مثيل إلا فى أسوان حيث نجد أن منطقة التربيع السفلى ثم طاقية القبة مباشرة "أى لا توجد رقبة للقبة" والناظر من الخارج يرى أن جدران القبة فوقها طاقية مكتملة "قبة ضحلة".
الجبانة-القديمة
الطراز-المعمارى-للقبب-الفاطمية
القبب-من-الداخل
المقابر-الفاطمية
جبانة-أسوان
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة