بعد 178 يوما كامله، آثر الاحتلال الإسرائيلى الانسحاب بشكل كامل من مجمع الشفاء الطبى ومحيطه، ليترك وراءه الكثير من الانتهاكات التى ارتكبتها قواته، بين جثث وأشلاء، لتكون شاهدا على كم الجرائم التى تصل إلى حد الإبادة الجماعية لوضع المجتمع الدولى أمام اختبار حقيقى حول المعايير الحاكمة للعالم، فى حين دارت معارك ضارية بين المقاومة والجيش الإسرائيلى بمدينتى غزة وخان يونس.
وقالت وزارة الصحة فى قطاع غزة، أنه تم العثور على مئات من جثث الشهداء فى مجمع الشفاء الطبى ومحيطه غرب مدينة غزة، عقب انسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من داخل المجمع والمناطق المحيطة به.
وأفادت الوزارة، فى بيان صحفى، بأن قوات الاحتلال انسحبت بشكل كامل من داخل مستشفى الشفاء والأحياء السكنية المحيطة بها، فجرًا، باتجاه مناطق جنوب حى تل الهوى، جنوبى غرب مدينة غزة.
وذكر شهود عيان أن الانسحاب كشف عن إحراق قوات الاحتلال لجميع مبانى مستشفى الشفاء وخروجها بالكامل عن الخدمة.
وأوضحت الوزارة، أن الجيش دمر طوابق بشكل كامل فى مبنى الجراحات التخصصية، وأحرق بقية المبنى، فيما أحرق مبنى الاستقبال والطوارئ الرئيس، ودمر عشرات من غرفه وجميع الأجهزة الطبية فيه، كذلك أحرق مبانى الكلى والولادة وثلاجات دفن الموتى والسرطان والحروق، ودمر مبنى العيادات الخارجية.
وتم العثور على عشرات الشهداء فى مجمع الشفاء الطبى وفى شوارع عمر المختار وعز الدين القسام وأبو حصيرة وبكر وحبوش وجميعها محيطة بالمستشفى.
وأوضحت الوزارة أن الجيش دمر المقبرة المؤقتة التى كان قد أقامها المواطنون فى مجمع الشفاء الطبى وأخرج جثامين الشهداء والموتى منها وألقاهم فى مناطق متفرقة بالمستشفى.
وذكر الشهود، أن قوات الاحتلال أحرقت أو دمرت العديد من المنازل والبنايات السكنية فى محيط مجمع الشفاء الطبى والتى تضم الآلاف من الوحدات السكنية.
وقالت طواقم الدفاع المدنى فى غزة أن الاحتلال دمّر كل الأقسام والمبانى والبنية التحتية فى مجمع الشفاء، ويصعب إحصاء عدد الشهداء خاصة أنه قام بجرف الطرقات ودفن الجثث داخل وفى محيط المجمع، كما جرف جميع المقابر المحيطة بالمجمع وأخرج الجثث من باطن الأرض.
وأضافت أن جميع أصحاب مناشدات الإغاثة التى وصلت فى السابق تبين اليوم أنهم استشهدوا فى المجمع، كما أعدمت قوات الاحتلال مواطنين مكبلى الأيدي.
وقبل 14 يوما اقتحمت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبى والمناطق المحيطة به ونفذ عملية عسكرية واسعة فيه؛ ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى ومئات حالات الاعتقال.
وتعد هذه المرة الثانية التى تقتحم فيها قوات الاحتلال المستشفى منذ بداية العداون على قطاع غزة فى 7 أكتوبر 2023، إذ اقتحمته فى 16 نوفمبر الماضى بعد حصاره لمدة أسبوع جرى خلاله تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعدات طبية ومولد الكهرباء.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن ارتفاع حصيلة العداون الإسرائيلى إلى 32845 شهيدا و75392 إصابة من السابع من أكتوبر الماضى.
على الجانب الآخر صدق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على خطة لدخول رفح للقضاء على حماس، قائلا: "المعلومات التى حصل عليها مقاتلونا فى عملية الشفاء تساعدنا على تحديد مكان الرهائن".
وأضاف فى كلمة له "لا انتصار على حماس دون دخول قواتنا إلى رفح وسندخلها بكل تأكيد، ومستمرون فى عملياتنا فى غزة ولبنان".
وتابع، الدعوة إلى انتخابات مبكرة بدون تحقيق أهداف الحرب ستؤثر على مفاوضات إعادة المحتجزين، وأجدد التزامى بإعادة كل المحتجزين، وسنتغلب على كل الضغوط وندخل إلى رفح الفلسطينية رغم معارضة الرئيس الأمريكى بايدن.
وفى إسرائيل، توجه آلاف من المتظاهرين الإسرائيليين إلى محيط منزل نتنياهو للمطالبة بتنحيه، وللتنديد بحكومة نتنياهو وبـ الإعفاءات الممنوحة لليهود المتزمتين دينيا من الخدمة العسكرية.
ونظمت مجموعات احتجاجية المظاهرة أمام الكنيست، داعية إلى إجراء انتخابات جديدة تأتى بحكومة محل الحكومة الحالية. وقاد بعض من هذه المجموعات المظاهرات الحاشدة التى هزت إسرائيل العام الماضي.
وفى خضم الاحتجاجات المتزايدة، توجه نتنياهو إلى المستشفى للخضوع إلى عملية جراحية لعلاج فتق بعد أقل من عام على تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب له.
وأعلن مركز هداسا الطبى فى القدس المحتلة، نجاح عملية علاج الفتق التى أجريت لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
وذكر المركز أن نتنياهو استرد وعيه، ويتحدث مع أسرته بعد نجاح العملية، مشيرًا إلى أنه يتعافى بعد الجراحة.
ولم يحدد المركز على الفور الوقت الذى سيستغرقه التعافى بشكل كامل.
كما قدمت إسرائيل للأمم المتحدة اقتراحا بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فى الأراضى الفلسطينية، ونقل موظفيها إلى وكالة بديلة لتوصيل كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى غزة، وفقا لمصادر الأمم المتحدة.
وقالت مصادر مطلعة على المناقشات لصحيفة الجارديان البريطانية أن الاقتراح قدمه رئيس الأركان العامة الإسرائيلى، هرتسى هاليفى، أواخر الأسبوع الماضى، إلى مسئولى الأمم المتحدة فى إسرائيل، والذين أحالوه بدورهم إلى الأمين العام للمنظمة، أنطونيو جوتيريش.
ولم تشارك الأونروا فى المحادثات لأن الجيش الإسرائيلى يرفض التعامل معها منذ يوم الاثنين الماضى، على أساس مزاعم، لم يتم إثباتها حتى الآن، حول انتماء بعض موظفى الوكالة إلى حماس أو الجهاد الإسلامى، وفقا للصحيفة.
وتصر إسرائيل على أنها مستعدة للسماح بدخول كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة وأن العامل المقيد هو قرارها بعدم التعاون مع الأونروا وهو ما يؤثر بشدة على إمكانية حدوث ذلك.
وبموجب الشروط التى تم تقديمها الأسبوع الماضى، سيتم فى البداية نقل ما بين 300 إلى 400 موظف فى الأونروا إما إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل برنامج الغذاء العالمى، أو إلى منظمة جديدة تم إنشاؤها خصيصًا لتوزيع المساعدات الغذائية فى غزة.
ويمكن نقل المزيد من موظفى الأونروا فى مراحل لاحقة، كما سيتم نقل أصول الوكالة. وكانت التفاصيل غامضة بشأن من سيدير أى وكالة جديدة بموجب المخطط، أو من سيوفر الأمن لعمليات تسليمها.
وقد تم استبعاد الأونروا، التى تدعم الأراضى الفلسطينية منذ عام 1950، من المحادثات حول وجودها المستقبلى على الرغم من كونها أكبر جهة فاعلة إنسانية فى المنطقة. وقالت مديرة العلاقات الخارجية فى الوكالة، تمارا الرفاعى، أن "الأونروا لم تكن مطلعة بشكل منهجى على المحادثات المتعلقة بتنسيق المساعدات الإنسانية فى غزة".
ويرى بعض مسئولى الأمم المتحدة أن الخطة الإسرائيلية هى محاولة لتصوير الأمم المتحدة على أنها غير راغبة فى التعاون إذا كانت هناك مجاعة فى غزة، والتى حذرت المنظمات الإنسانية من أنها وشيكة.
وأمرت محكمة العدل الدولية، التى تنظر فى اتهامات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، يوم الخميس، الحكومة الإسرائيلية باتخاذ "جميع الإجراءات الضرورية والفعالة" لضمان توصيل المساعدات على نطاق واسع إلى غزة "بالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة".
ويرى البعض داخل الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى وجماعات حقوق الإنسان أن الاقتراح الإسرائيلى هو تتويج لحملة إسرائيلية طويلة لتدمير الأونروا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة