يأتى العيد ويأتى معه كل السعادة والفرح، فهو يحمل العديد من الذكريات المبهجة، وكان للمثقفين دوراً مهم فى سرد قصصهم مع العيد، ومن بينهم الكاتب الراحل توفيق الحكيم.
فى الفصل الأخير من كتابه "عدالة وفن" كتب توفيق الحكيم فصلاً بعنوان "مفتش الكعك" يروى فيه واقعة تعرض فى أول سنة من عمله كوكيل نيابة عندما قام جميع زملائه بإجازاتهم فى عيد الفطر وتركوه بمفرده فى مدينة بالأرياف، يعانى الوحدة وثقل التحقيقات والمحاضر.
وقال "إنه تلقى دعوة فى العيد ليذوق كعك داعيه فى منزله، وكاد يرفض الدعوة لأنه لا يحب الكعك، لكن وطأة الوحدة دفعته للذهاب، وقدم له داعيه القهوة وطبق الكعك، فتذوق واحدة فأعجبته، واكتشف أن الكعك ألذ شىء ذاقه فى حياته، فأكل ثانية وثالثة، وأبدى إعجابه لصاحبه، فقال له: "وماذا لو ذقت كعك قاضى البندر؟" ورد توفيق الحكيم عليه وقال "وكيف السبيل إلى ذلك؟"، فقال مضيفه: "هلم بنا نزوره ونعيّد عليه.. إنه هنا مع أسرته ولم يسافر".
وأوضح توفيق الحكيم "ذهبنا إلى بيت قاضى البندر، وتبين أن كعكه أتقن صنعا وأمتع طعما، فأبديت إعجابى به، فقال القاضى: "وماذا لو ذقت كعك قاضى المركز؟" وذهبنا إلى قاضى المركز، واتضح أن كعكه أحلى وأطعم، وشهدت له، فقال قاضى المركز: "إذا كنت تريد حقا أن تذوق كعكا فذق من كعك القاضى الشرعى"، وذهبنا إليه، فما كادت رائحة كعكه تبلغ أنفى حتى أدركت لطول مرانى حقيقة أمره فقلت: "نعم.. هذا هو الكعك".
وحين عاد زملاؤه من إجازاتهم سألوه "ماذا فعلت فى العيد؟" فقال "اشتغلت مفتش"، قالوا "مفتش قضائى؟"، ضحك وهو يقول لهم "بل مفتش كعك".