ولد الملك فاروق فى يوم 11 فبراير سنة 1920، فاجتمع مجلس الوزراء وقرر إبلاغ النبأ إلى المديرين والمحافظات ثم إلى المندوب السامى البريطانى اللورد اللنبى، وإلى وزارة الخارجية البريطانية فى لندن، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مقدمات ثورة 23 يوليو 1952».
يضيف «الرافعى»، أن الحكومة البريطانية انتهزت فرصة مولد فاروق، وأرادت أن تعلن عن مظهر من مظاهر الحماية على مصر بتدخلها فى تقرير وراثة العرش، إذ لم يكن قد بت بعد فى هذا الأمر فى ظل هذه الحماية التى أعلنتها منذ بداية الحرب العالمية الأولى، وإذ رأت أن السلطان فؤاد لم يعلن بعد تلقيب ابنه وليا للعهد، فقد وضعت هى نظام توارث العرش، وأعلنت فاروق وليا للعهد فى خطاب بعث به اللورد اللنبى إلى السلطان فؤاد فى يوم 16 إبريل 1920، الذى صار ملكا فيما بعد.
قال «اللنبى» فى خطابه: «يا صاحب العظمة، إن الحادث السعيد الجديد، وهو ميلاد نجل لعظمتكم، قد دعا حكومة جلالة الملك جورج الخامس إلى النظر فى نظام وراثة السلطنة المصرية، وعليه فقد أمرت من لدن جلالة الملك بأن أبلغ عظمتكم الاعتراف بنجل عظمتكم الأمير فاروق ونسله من الذكور على قاعدة الأكبر فالأكبر من أولاده وهكذا، وإن لم يوجد فيمن يولد لعظمتكم من الذكور ومن يتناسل منهم من الذكور على نفس تلك القاعدة كأولياء عهد لعظمتكم فى حق تقلد السلطنة المصرية».
يذكر فقد أمرت من لدن جلالة الملك بأن أبلغ عظمتكم الاعتراف «الرافعى » أنه فى نفس اليوم، 16 إبريل، رد السلطان فؤاد ببرقية شكر إلى الملك جورج الخامس على أمره بالاعتراف بفاروق وليا للعهد على قاعدة الأكبر فالأكبر من أولاده نسل الذكور، ويعلق: «لا يخفى أن صدور نظام وراثة العرش عن دولة أجنبية، هو من أخص مظاهر الحماية بل هو التبعية بعينها، فكأن الحكومة البريطانية أرادت أن تسجل هذا فى وثيقة رسمية».
بعد عامين مما فعلته الحكومة البريطانية، وبالتحديد فى يوم 13 إبريل، مثل هذا اليوم، 1922، أصدر السلطان فؤاد مجموعة أوامر نشرتها الوقائع المصرية بشأن «نظام الوراثة فى بيت محمد على»، وجعل من نفسه ملكا، ويذكر الدكتور يونان لبيب رزق فى كتابه «فؤاد الأول.. المعلوم والمجهول »، أن نظام الوراثة شمل ثلاث عشرة مادة.
تنظم المادة الأولى طريقة انتقال ولاية الملك «من صاحب العرش إلى أكبر أبنائه، ثم إلى أكبر أبناء ذلك إلى الابن الأكبر، وهكذا طبقة بعد طبقة، وإذا توفى أكبر الأبناء قبل أن ينتقل إليه الملك، كانت الولاية إلى أكبر أبنائه، ولو كان للمتوفى إخوة، ويشترط فى كل الأحوال أن يولد الأبناء من زوجته الشرعية، فولاية الملك من بعدنا لولدنا المحبوب الأمير فاروق، أما فى حالة عدم وجود الابن، فنصت المادة الثالثة أن يؤول العرش إلى أكبر أبناء الإخوة الآخرين، فإن لم يكن فللأكبر من إخوته الآخرين حسب ترتيب سنة الإخوة، غير أن هذه المادة استثنت الخديو السابق عباس حلمى الثانى، فلا تثبت له ولاية الملك، على أن هذا الاستثناء لا يتعداه إلى أبنائه وذريته ».
يذكر «رزق »، أن المادتين الخامسة والسابعة تضمنتا بعض المحظورات، فتنص المادة الأولى على أنه «لا حق للنساء أيا كانت طبقتهن فى ولاية الملك»، فى حين تذكر الثانية أنه «إذا تزوج أمير بغير إذن الملك أو إذن من كان له الحق فى تولى سلطته، يحرم هو وذريته من حقوقهم فى العرش، وتنتقل ولاية الملك إلى من يليهم فى الترتيب، كذلك يحرم من العرش من صدر فى حقه حكم بإخراجه من الأسرة المالكة ».
يضيف «رزق »: «لأن فؤاد الأول أنجب ابنه فاروق بعد أن جاوز الخمسين عاما «مواليد 1869 »، ولما كانت حالته الصحية على غير ما يرام، فكان من الطبيعى أن يعنى نظام الوراثة بترتيب الأوضاع فى حالة وفاته قبل أن يبلغ ولى العهد سن الرشد، التى قررها هذا النظام بثمانى عشرة سنة هلالية، الأمر الذى خصص معه ثلاث مواد لاحتمال أن يرحل قبل أن يبلغ فاروق هذه السن ».
نصت إحدى هذه المواد الثلاث على «أن يكون للملك القاصر هيئة وصاية للعرش، تتولى سلطة الملك حتى يبلغ سن الرشد »، فى حين قررت أخرى ضرورة تأليف هذه الهيئة من ثلاثة «يختارهم الملك لولى العهد القاصر بوثيقة تحرر من أصلين، يودع أحدهما بديوان الملك والآخر برياسة مجلس الوزراء، وتحفظ الوثيقة فى ظرف مختوم، ولا يفتح الظرف وتعلن الوثيقة إلا بعد وفاته وأمام البرلمان »، ووضع النظام فى حسبانه احتمال عدم وجود هذه الوثيقة، فنص على أن «يعين البرلمان وصاية العرش » فى هذه الحالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة