فى يوم 14 أبريل عام 1912، غرقت سفينة تيتانيك واختفت تحت الأمواج المظلمة فى شمال المحيط الأطلسى فى الساعات الأولى من صباح يوم غرقها، حاملة معها العديد من الأسرار والحكايات، لذا كانت "تيتانيك" ولا تزال محط اهتمام العديد من الباحثين على مدار سنوات طويلة يحاولون فيها البحث عن الضحايا وعن محتوايات السفينة وطاقهما وعن شعور الضحايا وقت الغرق، إضافة إلى محتويات السفينة وغيرها من الأسئلة التى تخطر فى بال كل باحث مهتم بالتاريخ وأسراره، وفى خلال السطور التالية سوف نرصد أبرز ما قدمه الباحثين عن "تيتانيك"..
تواريخ وأرقام مهمة فى رحلة تيتانيك
بدأ بناء تيتانيك فى بلفاست فى 31 مارس 1909، وانتهت فى 31 مايو 1911، بدأت رحلتها الأولى فى 10 أبريل 1912 بعدما غادرت ساوثامبتون، وبلغ وزن تيتانيك حوالى 53 طنا، وطولها 269 مترا وعرضها 28 مترا، وارتفاعها 53 مترا عبارة عن مبنى مكون من 11 طابقا، وعمقها تحت الماء 11 مترا، وتعمل بمواتير بخاري، وبلغ عدد الركاب الرسمى 2224 شخصًا على متن سفينة تيتانيك، تبقى منهم فقط 710 على قيد الحياة، فقد 1514 شخصًا حياتهم فى غرق السفينة، ولم يتم العثور إلا على 333 جثة فقط، وفى عام 1985 فى الساعة 12:48، بدأت تظهر قطع من الحطام على شاشات الكاميرات، تم تحديد قطعة واحدة كمراجل، وفى اليوم التالى تم العثور على الجزء الرئيسى من السفينة.
سلوك ضحايا تيتانيك قبل الغرق في المحيط
لم يكن أحد يعلم، عندما تم استدعاؤهم لأول مرة إلى سطح السفينة فى منتصف الليل تقريبًا فى تلك الليلة الصافية، كان هناك ما يقرب من نصف عدد قوارب النجاة المطلوبة، من المؤكد أن الذعر حل مع مرور الوقت، خاصةً عندما أصبحت قوارب النجاة نادرة، وبدأت السفينة تميل بشكل ملحوظ، وشهدت إليواز سميث، وهى راكبة من الدرجة الأولى، فى جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكى بشأن الكارثة: "لم يكن هناك اضطراب، ولا ذعر، ولا يبدو أن أى شخص خائف بشكل خاص، لم يكن لدى أدنى شك فى ندرة قوارب النجاة، بينما قال أحد الراكبين الناجين: "لقد شاهدت القوارب على الجانب الأيمن، حيث تم ملؤها بالناس وإنزالها على التوالى، لم يكن هناك فى أى وقت من الأوقات خلال هذه الفترة أى ذعر أو دليل على الخوف أو إنذار غير عادى لم أر أى نساء ولا أطفال يبكون ، ولا دليل على هستيريا"، وحتى الناجون الذين بقوا على متن تيتانيك بعد أن ابتعدت قوارب النجاة الأخيرة سرعان ما وجدوا أنفسهم فى المياه الجليدية، واندهشوا مما رأوه، وكشف الساعات الأخيرة لسفينة تيتانيك بعض الدلائل على الهدوء، فبعدما اصطدمت السفينة بالجبل الجليدي القاتل في الساعة 11:40 مساء، كان العديد من الركاب فى الفراش فى ذلك الوقت، وقال عدد قليل من الناجين إنهم لاحظوا اهتزازا طفيفا، وجاء المضيفون فى النهاية لإيقاظ الركاب واقترحوا عليهم ارتداء ملابسهم والصعود على سطح السفينة، كان ذلك أول تلميح لمعظمهم أن هناك شيئًا ما خطأ.
أشهر ركاب تايتنيك 1912
المليونير جون جاكوب أستور الرابع وزوجته مادلين، ورجل الأعمال بنجامين جوجنهايم، وإيزيدور وإيدا ستراوس، وصاحب ميسيز، ومارجريت "مولى" براون، والطفلة التى كان عمرها تسعة أسابيع فقط وهى آخر ناج ظل على قيد الحياة، توفيت عن عمر ناهز 97 عامًا فى 31 مايو 2009.
لماذا لم يتم استخراج حطام تيتانيك؟
استقرت السفينة فى قاع المحيط وظل مكانها غير مكتشف بعد غرقها لعقود طويلة، حتى جاء باحثين مهتمين بهذا الشأن وهم فريق من العلماء بقيادة عالم المحيطات "روبرت بالارد" عام 1985م، ونجحوا فى تحديد موقع حطام السفينة الذى يقع على بعد 13000 قدم تحت سطح المحيط الأطلسي، الذين أكدوا استحالة استخراج "تيتانيك" من على هذا العمق إلى جانب تحلل أجزاء كبيرة من السفينة ، كما أكدوا أنه بحلول العقود القادمة ستختفى السفينة كليا نتيجة تحللها .
أهم مقتنيات تيتانيك المباعة بالمزادات
في رحلة البحث عن حطام السفينة، وجد العديد من علماء الآثار أو من خلال البحث في الأرشيف، على أبرز المقتنيات التي كانت موجودة وقت الغرق لعل أبرزها الأتى:
الكمان
كان يعزف عليه قائد الفرقة الموسيقية فى سفينة تيتانيك تم العثور عليه، وقال ناجون من تيتانيك، إنهم يتذكرون أن الفرقة التى كان يقودها والاس هارتلى ظلت تعزف حتى بينما كان المسافرون يركبون قوارب النجاة بعد اصطدام السفينة بجبل جليد، وكان يعتقد أن كمان هارتلى قد فقد فى الكارثة التى وقعت عام 1912 لكن دار مزادات هنرى الدريدج آند سون قالت إن الآلة تم العثور عليها عام 2006 وخضعت لاختبارات مكثفة أثبتت أنها كمان هارتلى، إن الآلة ذات الخشب الوردى بها كسران طويلان فى هيكلها، لكنها "فى حالة جيدة بشكل لا يصدق"، رغم عمرها الطويل وتعرضها لمياه البحر، وتقول أحد المزادات العالمية إن الكمان يساوى مئات الآلاف من الدولارات.
رسالة
بيعت رسالة كتبتها إحدى ركاب السفينة "تيتانيك" وصفت "عبورا رائعا" للسفينة العملاقة قبل ساعات من اصطدامها بجبل جليدى، بأكثر من مائتى ألف دولار فى دار مزادات فى بريطانيا، وقال أندرو ألدريدج، من دار المزادات، إن الرسالة قام بشرائها مزايد مجهول عن طريق التليفون، وبهذا يتجاوز سعر الرسالة المكتوبة بخط اليد التوقعات التى قدرت بيعها بنحو 100 ألف جنيه إسترلينى (168 ألف دولار(.
بسكويت
بيعت قطعة البسكويت التى نجت من حادث الغرق بقيمة 22.968 دولار فى مزاد علنى فى "ويلتشير" إنجلترا، ويطلق عليها اسم "البسكويت الأكثر قيمة فى العالم"، قطعة البسكويت لا تشكو إلا من بعض التكسيرات نتيجة عوامل الزمن، وتم شراؤها من قبل هواة جمع القطع القديمة من اليونان، وكانت جزءًا من مجموعة البقاء فى أحد قوارب النجاة.
قائمة طعام
بيعت قائمة طعام الغداء الأخير لمسافرى الدرجة الأولى على متن السفينة الغارقة مقابل 88 ألف دولار فى مزاد عبر الإنترنت، وبيعت القائمة، التى احتفظ بها أحد ركاب الدرجة الأولى، إلى أحد هواة جمع التذكارات، وجاء سعر البيع متماشيا مع التقديرات التي وضعها المزاد.
قارورة فضية اللون
تم بيع أيضا قارورة فضية اللون كانت ملك لأحد المسافرين على الدرجة الأولى في السفنية، ظلت شاهدة على هذا الحدث المؤسف، فى مزاد علني الأيام بمبلغ خيالى وهو 98 ألف دولار.
أبرز الاكتشافات التي عثر عليها في أنقاض السفينة
عثر على قلادة مفقودة لأكثر من قرن، في حطام سفينة "تيتانيك"، وذلك أثناء المسح الرقمي الثلاثي الأبعاد لحطام السفينة، ويتم الآن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد هوية هذه المجوهرات.
وسبق وقال أحفاد وأقارب ركاب وأفراد طاقم تيتانيك، فى تصريحات لوسائل الإعلام الأجنبية، أنه لا بد وأن يترك العالم حطام سفينة تيتانيك فى "بسلام".
وأوضحوا فى تيتانك مات الناس هناك بشكل مأساوي، مأساوي للغاية.. فلماذا نجعلها مكانًا يذهب إليه الناس ليشاهدوا مقبرة لماذا، عليكم فعل ذلك؟ دعوا الضحايا يرتاحون فى سلام، فكرة الذهاب إلى هناك أمر مروع. بإمكان أى شخص أن يرى الحطام دون أن يذهب إلى هناك فعليا.. ما الذى كانوا سيشاهدونه بالفعل حينما يصلون إلى موقع الحطام؟ ما هو المشهد الذى كان فى مخيلتهم رؤيته حينما يصلون؟، كما أننا نستنكر حقيقة أن تيتانيك أصبحت منطقة جذب سياحي، فهى مقبرة ويجب تركها في سلام واحترام، عليكم ترك تلك النفوس المسكينة فى الراحة الأبدية.
اختقاء حطام تيتانيك في عام 2050
جددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، اليونسكو، تحذيرها للمطالبة بحماية التراث الثقافى المغمور بالمياه فى جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أن بقايا سفينة تيتانيك، التى ترقد فى أعماق المحيط الأطلسى منذ غرقها فى عام 1912، تتعرض للخطر، وذلك لأن الرحلات الاستكشافية إلى موقعها والتلوث والبكتيريا تفكك حطامها، ومن المتوقع أن تختفى بحلول عام 2050، وقالت اليونسكو إن أكبر متحف فى العالم يقع تحت المحيطات والبحيرات والأنهار لكل دولة وفى أعالى البحار، ويضم من أدلة أحفورية ومستوطنات بشرية مبكرة غرقت بسبب ارتفاع منسوب البحار بعد العصر الجليدي، وهذا التراث يتحدث عن هويتنا كبشرية فهو دليل أساسى على أن ماضى الإنسانية لم يوضع بعد فى مكانه الصحيح.