رسائل حاسمة أطلقتها الدولة المصرية ولا تزال منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 7 أكتوبر الماضي، وتحذيرات لم تتوقف جددتها القاهرة من اتساع دائرة الصراع وإقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علي إقحام دول المنطقة ومن بينها إيران ولبنان وسوريا، فى الحرب التي لا تحظي بما يكفي من إجماع فى الداخل الإسرائيلي، وسط رفض شعبي متزايد، ومعارضة باتت واضحة فى الدوائر القريبة من صنع القرار فى تل أبيب.
تجاوز إسرائيلي .. ورد إيرانى
وجاء استهداف القنصلية الإيرانية فى سوريا قبل يومين ليجسد آخر محطات التجاوزات الإسرائيلية لإطالة أمد الحرب، وهو ما دفع إيران للرد بحزمة من المسيرات والصواريخ الموجهة من الأراضي الإيراني فى تصعيد هو الأول من نوعه حتى الآن بين البلدين، ما ينذر بحرب إقليمية متعددة الأطراف، وهو ما ظهر واضحاً خلال الساعات القليلة الماضية من استنفار على صعيد الدول الكبرى وبمقدمتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، فضلاً عن حالة الاستنفار فى دول المنطقة ومن بينها العراق والأردن وغيرها.
إيران التي أطلقت على عمليتها الوعد الحق، دعت الولايات المتحدة للبقاء فى منأى عن عملياتها ضد إسرائيل ، حيث قالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في رسالة عبر منصة إكس: هذا نزاع بين إيران والنظام الإسرائيلي المارق، ويجب على الولايات المتحدة البقاء في منأى منه.
وأعلنت بعثة إيران في الأمم المتحدة انتهاء الرد العسكري الإيراني على إسرائيل، وقالت في بيان لها إن العمل العسكري الإيراني الذي تم تنفيذه بناءً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالدفاع المشروع، كان رداً على عدوان النظام الصهيوني على مبانينا الدبلوماسية في دمشق، ويمكن اعتباره منتهياً" مشيرة إلى أن إيران سترد بشكل "أكثر حدة" في حال "ارتكب النظام الإسرائيلي خطأً آخر، ويجب على الولايات المتحدة ألا تتدخل".
وجاء إعلان البعثة الإيرانية بعد تحذيرات أطلقها وزير الدفاع الإيراني محمد رضا اشتياني قبل ساعات من أن طهران سترد بحزم على أي بلد يفتح مجاله الجوي أو أراضيه لشن هجمات على إيران من قبل إسرائيل ، بحسب وكالة مهر الإيرانية.
استنفار فى المنطقة .. وتحذيرات مصرية جديدة
ومساء السبت ، أعربت القاهرة عن قلقها البالغ تجاه ما تم الإعلان عنه من إطلاق مسيرات هجومية إيرانية ضد إسرائيل، ومؤشرات التصعيد الخطير بين البلدين خلال الفترة الأخيرة، مطالبةً بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.
واعتبرت مصر بحسب بيان لوزارة الخارجية أن التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة الإيرانية/الإسرائيلية حالياً، ما هو إلا نتاج مباشر لما سبق وأن حذرت منه مصر مراراً، من مخاطر توسيع رقعة الصراع فى المنطقة على إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والأعمال العسكرية الاستفزازية التى تمارس فى المنطقة.
وأكدت مصر على أنها على تواصل مستمر مع جميع الأطراف المعنية لمحاولة احتواء الموقف ووقف التصعيد، وتجنيب المنطقة مخاطر الانزلاق إلى منعطف خطير من عدم الاستقرار والتهديد لمصالح شعوبها.
وجدد بيان وزارة الخارجية موقف القاهرة الثابت منذ 7 أكتوبر، والداعي إلى ضرورة تجنب التصعيد في منطقة الشرق الأوسط وخاصة مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وهي الرسائل التي طالما أكدت عليها الدولة المصرية بداية من قمة القاهرة للسلام، وكذا خلال القمة العربية الإسلامية في المملكة العربية السعودية، بخلاف اللقاءات والاتصالات الثنائية بين الرئيس عبدالفتاح السيسي وقادة دول المنطقة وبمقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ورؤساء الدول الأوروبية.
وكانت مصر ودولاً عربية عدة فى طليعة المحذرين من تداعيات الاعتداء الإسرائيلي علي القنصلية الإيرانية ، حيث قال مصدر مصري رفيع المستوي فى تصريحات بثتها قناة القاهرة الإخبارية إن الدفاعات الجوية المصرية فى حالة تأهب قصوي بالتزامن مع اتصالات مكثفة تجريها القاهرة مع كافة الأطراف لوقف التصعيد في المنطقة، في إطار سعيها للتهدئة وتحقيق السلام، مؤكداً فى الوقت نفسه تشكيل خلية أزمة من كافة الأجهزة والمؤسسات المعنية لمتابعة التطورات ورفعها للرئيس عبد الفتاح السيسي على مدار الساعة.
الرسائل المصرية الأخيرة عكست موقف القاهرة الثابت فى اتخاذ كافة ما يلزم للحفاظ علي الأمن القومي من جهة، والاستمرار فى جهود خفض التصعيد ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني مع الحفاظ علي ثوابت القضية الفلسطينية وبمقدمتها التصدي لسيناريو التهجير القسري الذي حاولت إسرائيل ولا تزال فرضه على أهالي قطاع غزة، وهو ما يظهر واضحاً فى محاولات التوغل الإسرائيلي فى مدينة رفح الفلسطينية.
وقبل أقل من 24 ساعة على الرد الإيراني ، جددت مصر علي لسان وزير الخارجية سامح شكري مواقفها ، وذلك فى اتصال هاتفي جمعه مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن ، حيث أكد شكري على ضرورة مواصلة الضغط على إسرائيل للامتثال لمسئولياتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، لاسيما من خلال التوقف عن استهداف المدنيين العزل، وفتح المعابر البرية الحدودية بين إسرائيل والقطاع لزيادة تدفق المساعدات، وإزالة المعوقات الخاصة بدخول المساعدات، بالإضافة إلى السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في شمال غزة.
وأكد الوزيران على رفض إقدام إسرائيل على أية عملية عسكرية برية في رفح الفلسطينية، لاسيما في ظل العواقب الإنسانية الجسيمة لمثل هذا الإجراء، وتداعياته الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة. كما جدد الوزير شكري التأكيد على رفض مصر القاطع لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين خارج أراضيهم، لما ينطوي عليه هذا الإجراء من هدف تصفية القضية الفلسطينية، في انتهاك جسيم لأحكام القانون الدولي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة