"ورثة العظماء".. طارق عبد الباسط عبد الصمد فى حوار مع "اليوم السابع": أشخاص اعتنقوا الإسلام بعد استماعهم للقرآن بصوت والدى.. انضمام الشيخ للإذاعة زاد من مبيعات الراديو.. ولم ينشغل بالموسيقى وحياته كانت للقرآن

الأحد، 14 أبريل 2024 12:00 م
"ورثة العظماء".. طارق عبد الباسط عبد الصمد فى حوار مع "اليوم السابع": أشخاص اعتنقوا الإسلام بعد استماعهم للقرآن بصوت والدى.. انضمام الشيخ للإذاعة زاد من مبيعات الراديو.. ولم ينشغل بالموسيقى وحياته كانت للقرآن الشيخ طارق عبد الباسط عبد الصمد ووالده
حوار / أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

* والدي لم يكن يريد الالتحاق بالإذاعة لرفضه ترك والديه
* قراءته الأولى في مسجد السيد زينب بأحد الموالد كانت سببا كبيرا في شهرته
*وصية أبي لي كانت بالاهتمام بالقرآن وإكمال مسيرته وسجلت القرآن بروايتي حفص وقالون
*مصر أساس المقرئين بالعالم العربي والإسلامي كله
* معظم القراء الآن مقلدون للقراء الكبار وهناك فئات جيدة تبشر بمستقبل طيب جدا
 

إذا كنت من عشاق إذاعة القرآن الكريم، فحتما ولا بد أنك تتمتع يوميا بصوت ذوي الحنجرة الذهبية كما وصفوه عشاقه، وصوت مكة كما وصفته المملكة العربية السعودية، أحد أشهر الأسماء في الجيل الذهبي للقراء في مصر، وأكد الكثيرون بأنه صاحب أجمل مدرسة تلاوة في العالم، استمع له كبار القراء خلال صباه واندهشوا من جمال صوته، عائلته كانت سببا كبيرا في اتجاهه نحو حفظ القرآن الكريم، لم يسع للشهرة بل إن الشهرة هي من جاءت له، إنه الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

لم يترك بدا إلا وطرق بابها وأسمع شعبها جمال صوته، بل إن جمال صوته كان سببا في دخول الكثير الإسلام خلال سفرياته في الخارج، كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد كان سببا في توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم، حيث لاقى اهتمامًا منقطع النظير من المسئولين في مصر والخارج، كما أطلق عليه البعض الشيخ مارلون براندو نظرا لاهتمامه بالمظهر، حيث كان يرى أن قارئ القرآن يجب أن يهتم بمظهره أكثر من أى شخص آخر.

كان لنا حوارا مع ابنه طارق عبد الصمد، الذي حدثنا عن تفاصيل حياة صاحب الحجرة الذهبية، الصوت الملائكى الذي ما زال يطوف العالم الإسلامى رغم مرور 36 عاما على وفاته، فلا يمكن أن تستمع لمحطة القرآن الكريم أو قناة دينية تبث قراءات للقرآن إلا وتستمع لصوته، بل إن هناك الملايين الذين يصطبحون على صوته أو ينامون على صوته، فأثره كان أطول من عمره، فكان أحد أهم القوى الناعمة للدولة المصرية، تؤكد مصر دائما أنها دولة التلاوة، حيث نزل القرآن في مكة ولكن قرئ في مصر، وإلى نص الحوار..

في البداية.. ما رأيك فيمن يقولون إن عائلتكم عرفت باسم والدك؟

هذه مقولة صحيحة، فقد عرفنا الناس؛ لأننا أبناء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، القارئ الذي عشقه الناس وما زالوا، ويستمعون إليه كل حين، وهذا من فضل الله علينا، ونعمة كبيرة، نرجو الله تعالى أن يوفقنا للقيام بحمدها وشكرها على أحسن وجه، وأن يجعلنا من أهل القرآن القارئين والعاملين به.

طارق عبد الباسط عبد الصمد
طارق عبد الباسط عبد الصمد

ما معنى أن تكون ابن القارئ الكبير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟

هذه منحة إلهية، ومسئولية كبيرة علينا أيضا، فوالدي كانت له سماته الخاصة من التقوى وحب القرآن والعمل بما فيه، وهو ما أورثه حب الناس واحترامهم، وهكذا هم أهل القرآن دوما في معية الله أينما راحوا وببركات القرآن ما زال الناس يحبوننا ويحترمون ذكرى أبي، القارئ الذي يحبون الاستماع إليه كل يوم.

لنبدأ أولى محطات الرحلة من أرمنت.. كيف كانت بداية الشيخ عبد الباسط؟

كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أحد أبناء قرية "المراعزة" التي تتبع مركز "أرمنت" الذى يتبع بدوره محافظة "قنا"؛ وفي قرية "المراعزة" عُرف بيت الحاج عبد الصمد سليم جد الشيخ عبد الباسط باسم "بيت القرآن" هكذا أطلق عليه الناس وانتشر هذا اللقب المبارك المقترن بكتاب الله عز وجل فى القرى والنجوع والحواجز حتى أضحى علامة مميزة لهذا البيت الطيب المبارك.

أي أن عائلة الشيخ عبد الباسط كانت سببا كبيرا في حفظه للقرآن الكريم؟

نعم.. وكان جد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عليه من سحائب الرحمة والرضوان وكان من حفظة كتاب الله عز وجل وكان من المجودين للقرآن الكريم، المحيطين إحاطة تامة بأحكام تلاوته والعالمين بمرامى ودلالات ألفاظه وعلاوة على هذا فقد كان فقيها عالما بالأحكام الشرعية المختلفة؛ كما كان مفسراً لكتاب الله عز وجل؛ وقد ورّث الحاج عبدالصمد أبناءه وأحفاده حفظ القرآن الكريم، لذلك شاء الله تعالى أن ينبت أبناء الشيخ عبد الصمد سليم نباتاً حسناً وأن يعلمهم من لدنه علما وأن يشرح صدورهم جميعاً للقرآن وما ذاك إلا لأنهم نشأوا فى بيت القرآن.

الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

كيف كان فضل "الكتاب" على الشيخ عبد الباسط؟

في عام 1937 حفظ الصبي عبد الباسط القرآن الكريم كاملاً في كتّاب الشيخ الأمير بأرمنت الوابورات وتدفقت آيات الذكر الحكيم في نياط قلبه وعقله وانشغلت كل جارحة من جوارحه وكل حاسة من حواسه بالقرآن فأصبح لا ينطق إلاّ ذكراً ولا يصمت أو يكف عن القراءة إلاّ ليخلد للنوم أو ليتلقى من جده أو والده أو والدته أمراً، وكان اليوم الذي أتم فيه سورة البقرة فرحا كبيرا، لا في بيت الشيخ عبد الصمد سليم فحسب وإنما في قرية المراغة كلها؛ وأقول سورة البقرة وليس الإخلاص لأن تحفيظ القرآن للصغار يتم في الكتاتيب بطريقة تدريجية مطردة عكس الترتيب المصحفي للسور، بمعنى أن الحفظ يتم من خواتيم الجزء الثلاثين إلى نهاية سورة البقرة.

كيف واصل الشيخ عبد الباسط تعلم فنون القراءات؟

بعد ذلك استطاع ابن الثالثة عشرة الفتى عبد الباسط أن يُحيط بدروب القراءات السبع إحاطة السوار بالمعصم وإزاء هذا حصل على الإجازة من شيخ جليل له فى القراءات باع طويل هو الشيخ محمد سليم حمادة المنشاوي.

متى اكتشفت قرية الشيخ عبد الباسط عبد الصمد موهبته؟

بعد أن رجع الشيخ عبد الباسط إلى قريته "المراعزة" بعد أن أمضى فترة طويلة بقرية "أصفون المطاعنة" حصل على إجازة بتلاوة القرآن الكريم بالقراءات السبع، ثم قرأ الشيخ عشر ساعات كاملة بناء على طلب في تأبين أحد أقاربه، فأدرك القوم أن الصبي قد وصل إلى مرحلة النضج مبكراً وأنه ماهر في القراءات إلى أبعد الحدود وباستطاعته التحكم في طبقات صوته بشكل مذهل، وينتقل بين المقامات الموسيقية ببراعة فائقة دونما تكلف أو إخلال بقواعد التجويد.

ماذا بعد الانتقال إلى القاهرة وبداية الشهرة؟

أثناء زيارة الشيخ عبد الباسط إلى مسجد السيدة زينب "أم هاشم" في أحد الموالد إذ بيد تربت على كتفيه ويقول لها صاحبها "مرحباً بك يا شيخ عبد الباسط أما تعرفني؟ أنا الشيخ "علي سبيع" إمام المسجد وقد أتيحت لي الفرصة لأستمع إلى تلاوتك بينما كنت في زيارة لأهلي في صعيد مصر، وأنا أطلب منك أن تقرأ ولو لعشر دقائق أثناء الاستراحة".

وما هو رد فعل والدك حينها؟

اندهش الشيخ الشاب عبد الباسط قائلاً: "أمثلي يقرأ في حضرة هؤلاء القراء العظام"، فقال له الشيخ سبيع: "لقد أخذت لك الإذن من كبير القراء الشيخ الشعشاعي والرجل نفسه تواق إلى أن يسمعك".

عبد الباسط عبد الصمد
عبد الباسط عبد الصمد

ماذا فعل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟

استجاب لطلبه، وبعد عشر دقائق اختتم الشيخ الشاب تلاوته، فما كان من الحضور إلاّ أن طلبوا منه المزيد وهم يقولون بصوت يرج المكان رجًّا: "الله يفتح عليك" وصلّى الشيخ صلاة الصبح ولم يدر بخلده مطلقاً أن يكون من ضمن الحضور الشيخ "علي بن محمد حسن إبراهيم" الملقب "بالضبّاغ" عضو لجنة تقييم الأصوات واختبار القراء بالإذاعة والذي دخل الشيخ عبد الباسط الإذاعة على يديه، وبانتهاء الصلاة خرج الشيخ عبد الباسط من المسجد الزينبي لا كما دخله أول مرة وإنما خرج محمولاً على أعناق الرجال الذين التفوا حوله غير مصدقين أن يكون هذا الصوت الملائكي صوت رجل مغمور ساقته الأقدار إليهم دون سابق ترتيب.

هل كان لهذه القراءة تأثير في شهرة الشيخ عبد الباسط؟

بالطبع، حيث من يومها انهالت الدعوات على الشيخ لإحياء الليالي الكبرى في الصعيد والدلتا والقاهرة والإسكندرية وكبريات مدن مصر.

كيف شجع الشيخ "الضباغ" والدك على الانضمام للإذاعة؟

كان الشيخ "الضباع" قد طلب من والدي أن يتقدم في اختبار الإذاعة إلاّ أن والدي رفض.

لماذا؟

لأن والدي لا يستطيع أن يترك أهله فى الصعيد.

ماذا فعل الشيخ الضباغ لإلحاق والدك بالإذاعة؟

لم يجد الشيخ الضباغ بُدًّا سوى أن يذهب إلى مبنى الإذاعة القديم ويعرض التلاوة التي سجلها له على لجنة تقييم الأصوات واختبار القراء، والتي كانت تضم في عضويتها فضيلته بوصفه شيخ عموم المقارئ المصرية والشيخ محمود شلتوت قبل أن يتولى مشيخة الأزهر إلى جانب بعض الأعضاء الآخرين؛ فأبدى جميع أعضاء اللجنة بلا استثناء إعجابهم الشديد بمخارج حروف الشيخ وبصوته الأسطوري وبتمكنه في أحكام التجويد، وإزاء هذا قررت اللجنة بالإجماع اعتماد وإجازة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد قارئًا بالإذاعة دون أن ينعقد له امتحان؛ ونقل الأثير عبر موجاته صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لأول مرة على الهواء مباشرة إلى كل الدنيا في السادسة من صباح أحد أيام الثلاثاء من عام 1950؛ حتى يقال وقتها إن انضمام الشيخ عبد الباسط إلى الإذاعة تسبب في زيادة مبيعات الراديو.

ما صحة أن الشيخ عبد الباسط كان من عشاق سماع الموسيقى وغناء أم كلثوم؟

والدي كان يحب الأصوات الجيدة، لأنه كان يملك أذنا مستمعة جيدة، لكنه لم يكن منشغلا بالموسيقى أبدا وإنما هو القرآن، حياته كلها قرآن فقط، إما أنه في تلاوات للإذاعة أو بالخارج في دعوات أو في البيت يصلي في غرفته ويقرأ ورده اليومي أو يراجع لنا محفوظنا أو في حفلات عزاء، هذه هي حياته كلها، ولو نظرت إلى كل هذه التسجيلات التي تركها وقستها على عمره ستتعجب كيف كان يجد الوقت للنوم.

سافر الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لبلدان عديدة وطاف العالم.. هل بالفعل دخل أناس الإسلام في الخارج لجمال صوته؟

نعم هناك أشخاص اعتنقوا الإسلام عقب استماعهم للقرآن بصوت الوالد وذلك خلال زيارته لجنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.

حدثنا عن عبد الباسط عبد الصمد الأب والصديق؟

القرآن الكريم دستور حياة لأسرتي كلها منذ جدودي الأوائل وليس فقط من الشيخ عبد الباسط، وإن كان لا يُقارن به أي شيء آخر، والناس يقولون إن صوتي الأقرب إليه؛ ومع هذا فقد أديت عملي كضابط للشرطة كما يجب بشهادة رؤسائي ولم أقصر أبدًا في احترام مهنتي فأديت خدمة متميزة أفدت بها وطني حتى وصلت إلى رتبة اللواء ونلت شهادات رؤسائي ولكن القرآن كان كل حياتي.

ماذا كانت وصية والدك لك؟

وصية والدي لي كانت بالاهتمام بالقرآن وإكمال مسيرته، ولذلك سجلت القرآن برواية حفص عن عاصم ورواية قالون عن نافع المدني وحصلت على إجازة التجويد من الأزهر الشريف، وسافرت قارئًا لإحياء ليالي رمضان إلى معظم دول العالم موفدا من وزارة الأوقاف، وكنت قارئ وزارة الداخلية في الاحتفالات الرسمية ولذلك تم تكريمي بالحج على نفقة الوزارة.

نجل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد
نجل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

إذن هل ترى أن دولة التلاوة في مصر ما زالت قائمة وتحتل عرش التلاوة عربيا وإسلاميا؟

بالطبع، فالقرآن قرئ في مصر، مصر هي أساس المقرئين بالعالم العربي والإسلامي كله، كانت ولا تزال سيدة الدنيا في قراءة القرآن، صحيح هناك قراء جيدون في كل العالم الإسلامي وهذا شيء جيد وخير كبير، ولكن الحقيقة أن مصر كانت ولا تزال هي الرائدة بفضل قرائها الكبار وتسجيلاتهم وقرائها الحاليين، وأنا متفائل بالقادم إن شاء الله.

لماذا نرى جيل الكبار من القراء حاضرين في الصف الأول وكأنهم بيننا؟

لأن هذا الجيل كان منفوحا بمدد السماء، فهم حالة خاصة في التعلق بالله وحب القرآن من أجل القرآن، قلوبهم نظيفة ويحبون بعضهم البعض؛ لأن القرآن كان هو الأساس في تعاملاتهم، لذلك هم قريبون من الناس حتى الآن، إضافة إلى علمهم الكبير بأحكام التلاوة وإنفاق الأيام والليالي والسنوات للحفظ والدراسة والتجويد ودراسة الأحكام والحصول على الإجازات القرآنية، وقد كافأ الله تعالى مجهودهم وجعلهم مرتبطين بالقرآن وقربهم من قلوب الناس.

هل ترى أن أغلب القراء الحاليين مقلدون للكبار؟

صحيح أن معظم القراء الآن مقلدون للقراء الكبار، ولكن هناك فئات جيدة تبشر بمستقبل طيب جدا، ونصيحتي لهم أن يجتهدوا في الدراسة ثم يبحثوا لأنفسهم عن طريق جديد في التلاوة بدون تقليد؛ خاصة أن لدينا خامات طيبة ومع بعض الجهد سيكون لهم مستقبل في التلاوة إن شاء الله.

لمن تحب أن تسمع القرآن غير والدك؟

أسمع كل القراء الكبار القدامى، ومنهم الشيخ محمود علي البنا، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ علي عمران، والشيخ الحصري، والشيخ المنشاوي وغيرهم من كبار القراء.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة