هل من الممكن أن نعتبر أننا رأينا إنتاجا فنيا مختلفا ومتنوعا فى مهرجان الدراما الرمضانى الأخير، فقط!
وهل من الطبيعى أن نطوى صفحة ما رأيناه، ونبدأ من جديد فى التحضير لأعمال العام المقبل؟
وهل ينفصل هذا العام عن كل أعوامنا منذ بدأ إنتاج الدراما التليفزيونية فى مصر عام 1960؟
التاريخ مهم برغم أننى أكتب الآن عن الدراما المصرية كفن وصناعة، وعن رحلة طويلة مرت بها، وصنعت من خلالها أمجادا وأعمال كبيرة مهمة فكريا وفنيا من خلال نخبة من صناع المحتوي الفكري، أي الكتاب الذين أصبحت لأسمائهم قوة وقيمة تدفع المشاهد في كل مكان يتحدث العربية إلى مشاهدة أعمالهم، ومخرجون ومخرجات لهم نفس الأهمية والقيمة التي تذهب بالمشاهد إليهم، وبالطبع فإن بقية الاختيارات مرهونة بهم، خاصة الممثلين والممثلات، وبقية فريق العمل الدرامي في كل التخصصات، وبالطبع فإن هذا كان يتم من خلال ثلاثة أوعية الإنتاج بالتليفزيون المصري (قطاع الانتاج ، مدينة الانتاج وصوت القاهرة ) قبل أن ينتقل الآن إلى المتحدة للخدمات الإعلامية لتقوم بقيادة هذه العملية بكل ما فيها من تفاصيل ومتغيرات، وهي القيادة التي أوصلتنا هذا العام إلى هذا الإنتاج المدهش والذي استعاد للدراما المصرية نوعيات اختفت، منها مثل الدراما التاريخية بما تتضمنه من محتوى متنوع بين الدينى والسياسى، وهو ما رأيناه عبر مسلسل (الحشاشين) وقبله في العام الماضى رأينا رسالة الإمام، وكلاهما يقدم رسالة عن قضية هزت العالم قديما، وإن كانت تداعيات فرقة الحشاشين وقائدها حسن الصباح استمرت برغم موته، وأصبحت نموذجا لأمثاله ممن استخدموا الدين لاقتناص السلطة، وهو ما رأيناه عبر دراما قوية تمتلك كل عناصر القوة والإبهار بدءا من المكان والألوان والظلال إلى الصراعات والمعارك إلى حالة البشر التي بدأت بالصباح وأضافات رحلته الفكرية والعائلية والصراعية لأجل الاستيلاء على السلطة، وأيضاً استعادت الدراما المصرية المسلسل الخيالي الاستعراضي الذي عرفناه أذاعيا أولا، ثم تليفزيونيا وانطلق من خلال مبدعين متعددين في الكتابة والإخرج لتقدم لنا النسخة الجديدة منه (جودر) بكل ما تمتلكه التقنيات الجديدة من إبهار يتجاوز سطح الصورة الى أعماقها، ويأخذنا إلى عالم ألف ليلة وليلة الجميل بكل ما فيه من اختلافات بين قصر شهريار وشوارع وحارات المدينة، ثم ديوان السحرة وزعيمتهم شواهي، عالم ساحر تمنيت لو أعدنا تقديم. قديمه بأمكانيات اليوم كما رأيناها في جودر، والمؤكد أن الجزء الثاني منه لن يقل مستوى، عن الأول، والمهم هنا هو التأكيد على عناصر أساسية أراها ضرورية في رحلة الدراما القادمة الى العام 2025 وما بعده .
أولا - الاهتمام بالكاتب والمؤلف ، وبالتالي المحتوي الذي تقدمه الأعمال القادمة ، ولنا في كتاب مثل عبد الرحيم كمال (الحشاشين ) وأنور عبد المغيث (جودر ) مثالا ، وأيضا أتمني أن يتجه صناع الدراما أكثر إلى الأعمال الأدبية كما حدث مع مسلسلين مهمين هما (عتبات البهجة )عن رواية ابراهيم عبد المجيد ، و(امبراطورية ميم ) عن رواية احسان عبد القدوس ، وأخيرا فإن الدراما المصرية وهي تسعي لاكتشاف. كتاب جدد عليها أن تستعيد كتابا كبارا موجودين بيننا مثل محمد جلال عبد القوي ، ومحمد السيد عيد ، ونادية رشاد وغيرهم.
ثانيا- المخرجون أيضا ، فإذا كنا قد سعدنا بأعمال مخرجين مثل بيتر ميمي في (الحشاشين )، وإسلام خيري في (جودر )، وهاني خليفة في (بدون سابق إنذار) ونادين خان في (مسار إجباري) فإننا أيضا استعدنا أعمال مخرجين آخرين مثل مجدي ابو عميرة في ( عتبات البهجة) ، وعمرو عرفة في (مليحة )، وعلينا أن نستعيد مبدعين غيرهم في الإخراج مثل محمدفاضل وانعام محمد علي وجمال عبد الحميد واحمد صقر وكاملة أبو ذكري، وتامر محسن، اما نجوم التمثيل الذين غابو هذا العام فإننا نتطلع لرؤيتهم في العام الدرامي القادم أيضا مثل يسرا وإلهام شاهين وليلى علوى ومنى زكي ومنة شلبى وروبى وأمينة خليل، وأحمد حلمي وجمال سليمان وماجد كدواني ومحمد ممدوح ومحمد فراج واحمد داوود، صحيح إن بعضهم قدم أعمال قصيرة للمنصات، لكن الموسم الأهم للدراما يظل هو مهرجان رمضان المفتوح، والذي يدرك صناع الدراما أنه الوقت الاهم للتفاعل مع ملايين المشاهدين (برغم الإعلانات ) وبالتالي فإن هؤلاء المبدعون في كل مجالات العمل الفني هم فريق كبير قدم الكثير لنا علي مدي سنوات غير قليلة واستطاع ان يحتفظ بمحبتنا وانتظارنا ،،وتبقي الأفكار الجديدة والقضايا التي سيقدمونها وستعبر عن مجتمعنا في الأعمال القادمة هي العبء الحقيقي للدراما في العام الجديد .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة