تمتلك أفريقيا مهارات تقليدية وتقنيات في صناعة النسيج فريدة في العالم، لذا ينمو قطاع الموضة والملبوسات في القارة السمراء بشكل متسارع، مستفيدا من الزيادة الكبيرة في أعداد الشباب الذين يشكلون نحو 55% من مجمل سكان القارة السمراء البالغ عددهم نحو 1.2 مليار نسمة، ومن جيل إلى آخر ينتقل الولع بالأزياء والألوان الأفريقية المميزة والتى تلهم المصممين الشباب.
كما تتمتع القارة الأفريقية بكل الإمكانيات التى جهلتها تتصدر قطاع الموضة العالمي، فأفريقيا هي منتجة كبيرة للمواد الأولية (37 بلداً من أصل 54 تنتج القطن) ومصدرة للأقمشة (بقيمة 15,5 مليار دولار أمريكي سنوياَ) وسوق للاستيراد (بقيمة 23,1 مليار دولار أمريكي سنوياً)، وذلك وفقا لتقرير اليونسكو اكتوبر 2023.
وتشهد أسابيع الموضة الاثنين والثلاثين التي تقام في أفريقيا سنوياً على اكتنازها مواهب في مجالات الألبسة الراقية والمهن الفنية والمهن المتعلقة بالملابس؛ ويتوقع أن يزداد الطلب على الألبسة الراقية الأفريقية بنسبة 42% خلال السنوات العشر المقبلة.
كثر الألوان هى سمة تميز الأزياء الأفريقية، وتعددها واستخدام الألوان الصريحة والصارخة مثل الأخضر والفوشيا والبرتقالى، ومزج هذه الألوان بما يعكس التيمة الخاصة بالطبيعة الأفريقية التى يسيطر عليها "الأورنج" والأخضر بدرجاته، بشكل كبير، أيضاً الميل لايتخدام الأقمشة المنقوشة والمزخرفة والمبالغة فى أحجام القبعات وربطات الشعر واستخدام الاكسسوارات الملونة.
ويعود تاريخ الأقمشة الأفريقية التى تعد جزء أساسى من هذه الصناعة إلى القرن 19، حيث عثر علماء الأثار على قطع من الأقمشة القطنية فى غرب أفريقيا، والألياف المنسوجة فى نيجيريا، وقديماً كانت تعتمد صناعة الملابس والأقمشة هناك على لحاء الشجر "الطبقات الخارجية لجذوع النباتات"، ولكن تطورت هذه الصناعة، وأصبح اللحاء يستخدم فقط فى صناعة ملابس الاحتفالات فقط.
ومن أشهر أنواع الأقمشة الأفريقية هى الجوت والكتان في غرب أفريقيا ومدغشقر، والحرير في نيجيريا، ومدغشقر، وشرق أفريقيا، وتكون جميعها مصبوغة بألوان زاهية، وتعد الصبغة أيضا أحد أهم التقنيات التى يتم الاعتماد عليها فى صناعة الأزياء الأفريقية، حيث يتم الاعتماد على نبات المنيهوت أو "البفرة" فى صبغ الأقمشة المختلفة، أما للأصباغ ذات اللون "البنى المحمر" يتم الاعتماد على مكسرات الكولا.
ومعظم التصميمات والزخارف الموجودة على الأقمشة الأفريقية هى فى الأصل تعبر عن أشياء محددة مثل الحيوانات أو السيارات وكذلك النصوص العربية، كما أن صناعة الأزياء هناك ليست حكراً على النساء مثلاً أو حتى الرجال، بل هى عمل مشترك للجنسين، يقوم فيه كلاً منهما بدور محدد وواضح لكى تخرج هذه الأزياء إلى النور، وهو ما جعل هذه الأزياء لها روح وطابع مختلف.
ومع تطور الأزياء الأفريقية أصبحت هناك بلدان محددة مختصة فى إنتاج الأزياء الراقية والتى يتم تصديرها إلى الخارج، ومن بين هذه البلدان الكاميرون وغانا، وفى نيجيريا يتم صناعة الأزياء من أقمشة تمسى خيط القطن، والتى يتم صبغها بعد ذلك بالألوان الأفريقية الدافئة، كما تتميز التصميميات الأفريقية بألوانها الصارخة التى تجذب أعين سيدات العالم وعلى رأسهم ميشيل أوباما حيث ظهرت فى أكثر من مناسبة رسمية بأزياء أفريقية رائعة فى الجمال، وهو ما جعل الجميع يلتفت إلى صناع الموضة هناك.
قبل عام 1976 اعتمد صاحب البراند العالمية"سان لوران" على التصميمات الأفريقية، كمصدر لأفكار المجموعات التى أطلقتها قبل سنوات، واصبحت الموضة الأفريقية تنافس أزياء كبار مصممى الأزياء حول العالم، ومن بين الأسماء التى دعمت الموضة الأفريقية، DUMEBI LYAMAH المصممة النيجرية، التى تخصصت فى تصميم أزياء السباحة بالطابع الأفريقى المبهر، واستطاعت كذلك أن تنقل أزيائها الأفريقية الخالصة إلى كندا، أما المصممة الأفريقية KAHINDO MATEENE فقد نقلت أزيائها إلى الولايات المتحدة الأمريكية،والتى بدأت عملها فى صناعة الموضة منذ عُمر الـ17، ومؤخرا تحولت المصممات فى عاصمة الموضة، إلى أيقونات فى عالم صناعة الأزياء الأفريقية، حيث استطعن أن يتوجوا أزيائهم على عرش الموضة فى العالم أجمع.