- مصر محطة أساسية فى مبادرة «الحزام والطريق» ورؤية البحث عن نظام عالمى جديد
كثيرا ما عرفت مصر بدبلوماسيتها الحكيمة، وعمودها الندية واحترام السيادة وتعزيز الصداقة والتعاون، وخلال العقد الماضى عكفت على إعادة بناء دوائر علاقاتها، ونشطت قنوات اتصالها، ودشنت جسورا للتكامل والشراكة مع كل الأطراف، بنهج انفتاحى واضح ومدروس، كان الشرق عنصرا أصيلا من مكوناته ورهاناته الأساسية.
ركزت مصر على طرق أبواب تعاون جديدة تضمن الحضور على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادل الخبرات، وتعزيز الجهود مع شركاء غير تقليديين، ولم يكن هناك أفضل من آسيا لتحقيق تلك الأهداف، فى ضوء قدراتها الضخمة ومجالها الحيوى العريض، وروابط التاريخ والثقافة الوثيقة، والتطلعات المُشتركة لأجل الخروج من أسر الحقبة القديمة، واكتشاف طاقات الدول وتفعيلها بما يخدم مصالحها العليا ويحقق تطلعاتها المستقبلية.
الصين بين أبرز الشراكات الاستراتيجة الشاملة لمصر طوال «عقد ذهبى»، كما يصفه مسؤولو بكين، وطوال 10 سنوات، حرص الرئيس السيسى على توطيد العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية والرئيس شى جين بينج، وتبادلا الزيارات واللقاءات فى مناسبات عدة، ودفعا بالتعاون فى كل المجالات، فظلت الصين أكبر شريك تجارى لمصر على مدى 12 سنة متتالية، ومن أكثر الدول نشاطا وأسرعها نموا للاستثمار فى السوق المصرية، كما تعاونت شركاتها مع الحكومة فى إنشاء مشروعات مهمة، مثل منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، وبرجها الأيقونى، وبناء أول سكك حديدية بالكهرباء فى أفريقيا، ومنطقة التعاون الاقتصادى والتجارى «تيدا» بمنطقة قناة السويس، بجانب التعاون فى تجميع وتركيب واختبار الأقمار الاصطناعية، وفى بناء محطة طاقة شمسية.
وصل حجم التبادل التجارى بين البلدين 16 مليار دولار، وزادت صادرات مصر للصين 21% بالعام 2023، وتحضر مصر كأحد المكونات الرئيسية فى مبادرة الحزام والطريق التى أطلقتها بكين عام 2013، بهدف ربط 60 بلدا فى حزام تجارى وتنموى واسع، وبفضل ذلك انفتحت مصر على شركاء جدد فى آسيا الوسطى، مع انضمامها عام 2022 لمنظمة شنغهاى للتعاون كشريك حوار، تتويجا لحرصها على بناء شراكات قوية ومستدامة، ومنح الزخم للسياسة الخارجية المصرية فى نقاط ارتكاز جديدة بمناطق حيوية واستراتيجية مهمة عالميا.
العلاقة مع آسيا لا يمكن أن تتجوز تكتل بريكس، وفيه أكبر بلدين من حيث السكان فى العالم، الصين والهند، إذ انفتحت مصر على التجمع قبل سنوات، وفازت بعضويته مؤخرا، تأكيدا للانفتاح على الشرق ومتانة العلاقات مع دوله الكبرى، بجانب الصلات الوثيقة مع البرازيل وجنوب أفريقيا المؤسستين لـ«بريكس».
وضمن نهج الاتجاه نحو آسيا، حرصت القيادة على توطيد علاقاتها مع الجنوب العالمى بكل أطرافه الفاعلة، والهند على رأس القائمة.
وقع الرئيس السيسى ورئيس وزراء الهند، ناريندرا مودى، إعلانا مشتركا فى يونيو 2023، لرفع العلاقات بين البلدين لمستوى الشراكة الاستراتيجية، استثمارا للتراث الحضارى المشترك، واستغلالا للقدرات والطاقات الخلاقة لدى البلدين، وعملت القاهرة على ترقية المحادثات مع العملاق الآسيوى، فى أمور التعاون المشترك، وفيما يخص ملفات الطاقة وتغير المناخ ونقص الغذاء وتمويل الدول النامية، وما زالت مصر حريصة على تعزيز صلاتها بكل الأطراف، وبالشرق تحديدا، وتأكيد حضورها الفاعل على الساحة الدولية، وهو ما يسير بوتيرة صاعدة، ومن المؤكد أنه سيستمر فى الولاية الجديدة للرئيس السيسى.