هل الأفضل والأكثر ثوابًا فى قيام الليل إطالة القيام للقراءة أو كثرة عدد الركعات؟.. وما فضل قراءة القرآن الكريم والاشتغال به وملازمته.. وفضل صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها.. دار الإفتاء توضح وتجيب عن الأسئلة

الثلاثاء، 02 أبريل 2024 08:00 ص
هل الأفضل والأكثر ثوابًا فى قيام الليل إطالة القيام للقراءة أو كثرة عدد الركعات؟.. وما فضل قراءة القرآن الكريم والاشتغال به وملازمته.. وفضل صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها.. دار الإفتاء توضح وتجيب عن الأسئلة صلاة التراويح - أرشيفية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل الأفضل والأكثر ثوابًا فى قيام الليل هو إطالة القيام للقراءة أو كثرة عدد الركعات؟..وما فضل قراءة القرآن والاشتغال به وملازمته..وفضل صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها.. اسئلة أجابت عنها دار الإفتاء على النحو التالي

فضل قراءة القرآن والاشتغال به وملازمته

رَغَّبَ الشرع الشريف فى قراءة القرآن والاشتغال به وملازمته؛ فروى الشيخان فى صحيحيهما عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ.. ».


وروى الترمذى فى "سننه" عن ابن مسعود رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ ألف حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» إلى غير ذلك من النصوص الشريفة.

 

فضل صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها

كما رَغَّب الشرع الشريف فى صلاة الليل وطُولها وكَثْرتها؛ فعن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» رواه مسلم فى "الصحيح"، والمراد بالقنوت؛ أي: القيام. ينظر: "شرح النووى على صحيح مسلم" (4/ 200، ط. دار إحياء التراث العربي).


كما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضل كثرة السجود؛ فعن معدان بن أبى طلحة اليعمرى، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أخبرنى بعمل أعمله يدخلنى الله به الجنة؟ أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت. ثم سألته فسكت. ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» رواه مسلم.

 

المفاضلة بين طول القراءة فى قيام الليل وبين كثرة عدد الركعات

وبناء على ما ورد فى الأحاديث السابقة من فضل طول القيام للقراءة، وكذا فضل كثرة السجود وزيادة عدد الركعات، وَقَع الخلافُ بين الفقهاء فى أيهما أفضل وأكثر ثوابًا؟ وسبب خلافهم: هو تعارض الأدلة كما نصَّ على ذلك العلامة ابن نجيم المصرى فى "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 59، ط. دار الكتاب الإسلامي) حيث قال: [ولتعارض الأدلة تَوقَّف الإمام أحمد فى هذه المسألة ولم يحكم فيها بشيء] اهـ.


فذهب الشافعية، والمالكية فى أظهر القولين: إلى أن تطويل القيام أفضل من تكثير الركعات، وهو قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى، وإحدى الروايتين عن محمدٍ، وقال بهذا القول أبو يوسف فى حالة إذا كان للشخص وِرْدٌ من القرآن، وهو قولٌ عند الحنابلة أيضًا.


قال الإمام الزيلعى فى "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/ 173، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [(وطول القيام أحبّ من كثرة السجود)؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أى القيام؛ ولأن القراءة تكثر بطول القيام، وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أفضل منه؛ ولأنَّ القراءة ركن، فكان اجتماع أجزائه أولى وأفضل من اجتماع ركن وسنة] اهـ.


وقال العلامة ابن نجيم الحنفى فى "النهر الفائق" (1/ 298، ط. دار الكتب العلمية) عند كلامه على هذه المسألة: [وقال أبو يوسف: أن كان له وِرْدٌ بالليل فكثرة السجود، وإلَّا فطول القيام] اهـ.


وقال الإمام المواق فى "التاج والإكليل" (2/ 394-395، ط. دار الكتب العلمية): [(وهل الأفضل كثرة السجود، أو طول القيام قولان).. وقيل: طول القيام أفضل؛ لما فى الحديث: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ»، وهذا القول أظهر] اهـ.
وقال الإمام النووى فى "المجموع" (4/ 45، ط. دار الفكر): [تطويل القيام عندنا أفضل من تطويل السجود والركوع وغيرهما، وأفضل من تكثير الركعات] اهـ.


وقال العلامة الرحيبانى فى "مطالب أولى النهى" (1/ 574، ط. المكتب الإسلامي): [(وكثرتهما)، أي: الركوع والسجود (أفضل من طول قيام)، وقيل: عكسه] اهـ.


واستدلوا على ذلك بحديث جابر رضى الله عنه السابق، كما أن طول القيام يَحْصُل به كثرة القراءة للقرآن، وهى -أي: كثرة القراءة- أفضل من التسبيح الذى يَحْصُل بالركوع والسجود، وبأنَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقوم الليل إلا قليلًا؛ استجابة لأمر الله عزَّ وجلَّ فى قوله: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: 2]، كما استدلوا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة؛ كما ورد فى حديث عائشة رضى الله تعالى عنها عندما سُئلت: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى رمضان؟ فقالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة.. " رواه البخارى فى "الصحيح".


ويرى الحنابلة أن الأفضل كثرةُ الركوع والسجود، وهو إحدى الروايتين عن محمدٍ، وقول أبى يوسف فى حالة إذا لم يكن للشخص وِرْدٌ من القرآن، وأحد القولين عند المالكية، واستظهره الشيخ الدردير.


قال الإمام الحصكفى فى "الدر المختار" (2/ 17، ط. دار الفكر): [(وكثرة الركوع والسجود أحب من طول القيام)، كما فى "المجتبى"، ورجَّحهُ فى "البحر"] اهـ.


وقال الإمام الشيخ الدردير فى "الشرح الكبير" (1/ 319، ط. دار الفكر): [(وهل الأفضل) فى النفل (كثرة السجود)، أي: الركعات؛ لخبر: «عليكَ بِكَثرَةِ السّجُودِ فَإنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ لله سَجْدَةً إلَّا رَفَعَكَ الله بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنكَ خَطِيئَةً» (أو طول القيام) بالقراءة؛ لخبر: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ»، أي: القيام، أي: مع قلة الركعات (قولان): محلهما مع اتحاد زمانَيْهِما، ولعَلَّ الأظهر الأول -كثرة السجود-؛ لما فيه من كثرة الفرائض وما تشتمل عليه من تسبيح وتحميد وتهليل وصلاة عليه الصلاة والسلام] اهـ.


وقال الإمام البهوتى فى "دقائق أولى النهى" (1/ 249، ط. عالم الكتب): [(وكثرتهما) أي: الركوع والسجود (أفضل من طول قيام) فى غير ما ورد عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم تطويله، كصلاة كسوف؛ لحديث: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"، وأمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالاستكثار من السجود فى غير حديثٍ، ولأنَّه فى نفسه أفضل وآكد؛ لأنه يجب فى الفرض والنفل، ولا يباح بحالٍ إلا لله تعالى بخلاف القيام] اهـ.


واستدلوا على ذلك بحديث ثوبان رضى الله عنه السابق، وبأنّ القيام إنما شُرِع وسيلة إلى الركوع والسجود- ولذا سقط عمن عجز عنهما- ولا تكون الوسيلة أفضل من المقصود، ولأنه وإن لزم فيه كثرة القراءة لكنها ركن زائد، بل مُختَلفٌ فى أصل ركنيته. ينظر: "رد المحتار" لابن عابدين (2/ 17، ط. دار الفكر).


فهذه المسألة من المسائل الخلافية التى تتجاذبها الأدلة، والذى ننصح به هو المداومة على ما يَجِد فيه الإنسان قَلْبَه ونشاطه؛ سواءٌ فى طول القيام وكثرة القراءة، أو فى زيادة عدد الركعات.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة