صلاح جاهين.. ما قاله صلاح فضل عن "الشاعر" وما أول قصيدة أعجبته؟

الأحد، 21 أبريل 2024 06:00 م
صلاح جاهين.. ما قاله صلاح فضل عن "الشاعر" وما أول قصيدة أعجبته؟ شعر العامية المصرية
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى رحيل الشاعر الكبير صلاح جاهين، الذي توفي في 21 أبريل سنة 1986، وهو أحد أهم شعراء مصر في القرن العشرين، وقد خضع شعره للعديد من الدراسات منها كتاب "شعر العامية من السوق إلى المتحف" للناقد الكبير الدكتور صلاح فضل، فما الذي قاله:

يقول صلاح فضل تحت عنوان "صلاح جاهين .. الرسم بشعر العامية: يا بخت من يقدر يقول":

لم يجمع فنان مصري معاصر بين قيثارة الشعر بالعامية وخطوط الرسم الساخر الكاريكاتوري سوى صلاح جاهين (1930-1986م) في عبقريته التشكيلية وفرادته الإبداعية تمرد على الطبقة الوسطى الميسورة، حيث كان ابن رئيس محكمة يجوب البلاد ويقضي بين العباد، فهجر كلية الحقوق التي أغري بالدراسة فيها والتحق سرا بكلية الفنون الجميلة، بل هجر بيته وهو شاب يافع ليعيش حياة الصيادين البسطاء في البحيرات قبل أن يركب قطار الصحافة الحريفة المتحررة في "روزاليوسف" ويصنع شخوصه اللاذعة وأبياته الشعرية الذائعة بلسان الشعب.

شعر العامية
 


تماهى مع سلطة الضباط الثورية ونطق بألحانها وغنى لإنجازاتها وعشق السينما ومثل فيها، ثم تفلسف حين بطشت هذه السلطة بالحرية واعتقلت رفاقه فتعجب من مفارقاتها، ونافس الخيام الفارس برباعيات مصرية حفرت أخدودًا عميقًا في بشرة الشعر وعبرت بتلقائية مدهشة عن حيرة الإنسان الوجودية في الكون.

تجلت مهارة «صلاح جاهين» الفذة في هذه الحوارية الممتعة التي أقامها باقتدار بين الخطوط الملونة والكلمات الموقعة. واستطاع تشكيل صور ناطقة تجسد خواص الشخوص وملامح المواقف مبرزة معانيها الأساسية بمرح ودعابة جذابة لتكون كلمات التعليق الوجيزة إضاءة مدهشة يدركها المشاهد على الفور ويجد فيها مقاصده وأشواقه. وعلى التوازي من ذلك وبفضل الخبرة العميقة في توليد الدلالات يعتصر من كلمات الحياة تراكيب وصورا شائعة تضيف للشعر إيماءات حية ومشاهد غير مسبوقة.

وعلى الرغم من افتتاني المبكر بأشعار ورسوم «صلاح جاهين» فقد قطعت شوطا طويلا في عشق الشعر والجمال حتى تختمر في نفسي فكرة جوهرية مناقضة لما درجت عليه الأوساط الثقافية من اعتبار العامية خطرًا على الفصحى وانتقاصا من سيادتها، وأصبحت على يقين من أن هذه اللهجة التي نرضعها منذ الطفولة ليست سوى البنت البكر لأمها الفاتنة التي يتجدد شبابها ويتمدد ثراؤها بالتواصل الحي معها، فقد بدأت العامية المصرية بلهجات القبائل العربية القادمة في موجات الفتح، وكانت قريبة جدا كما تدل أحدث الأبحاث من المصرية القديمة بأشكالها الأبجدية المتنوعة تخضبت هذه اللهجات القبلية بعطر القبطية اليونانية وترسبت في أوانيها آثار المراحل التاريخية المتوالية، فدخلتها عناصر صوتية ومعجمية وتركيبية من التركية واليونانية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية.
وأهم من كل ذلك انطلقت تجري على ألسنة الناس دون قيود نحوية أو تعقيدات تحد من تطورها الطبيعي في جدلية خصبة مع جيناتها الوراثية ومكتسباتها المتجددة تنمو بالاستعمال وتطفو على سطحها طبقة الدسم الناجمة عن حراكها في الأمثال والتعابير والصور والحكايات والأزجال الطريفة والحكايات والأزجال الطريفة وأسفر كل ذلك عن أدب شعبي بالغ الثراء والخصوبة، يوازي الأدب الفصيح ويتبادل معه العطايا والصيغ، أحدهما يجري على الألسنة بتلقائية ممتعة، والآخر مسجل في الكتابة ومتصدر في أوساط الدين والعلم والثقافة الرسمية، حتى جاءت السلسلة الذهبية منذ قرن من الزمان تقريبا لترقى بهذا الإنتاج الشعري الشفوي إلى مرتبة الكتابة الفنية المبدعة وكانت السرديات قد سبقت إلى ذلك في ألف ليلة وغيرها، فاحتل بيرم التونسي ذروة الهرم في النصف الأول من القرن العشرين وورثه صلاح جاهين»، و «فؤاد حداد في الجيل التالي، ورفع لواء شعر العامية معهم وبعدهم «الأبنودي»، و «سيد حجاب» و «أحمد فؤاد نجم إذا اقتصرنا على الراحلين من الرواد فحسب. وإذا كان «شوقي» قد أطلق مقولته الشهيرة من أنه لم يكن يخاف على العربية إلا من بيرم التونسي فأغلب الظن أنه كان يخشى على عرش الإمارة من منافسه، هذه مشكلة السلطة سواء كانت أدبية أم سياسية. لأن «بيرم» قد أثرى الشعرية المصرية والعربية والإنسانية، بروائع لا تزال أصداؤها تملأ الأسماع والقلوب حتى الآن.

ولأن الحديث عن الشعر لا يحلو في غيبته، فإن أول قصيدة بهرتني لصلاح جاهين كانت مطلع ديوانه الثاني «عن القمر والطين» بعنوان «شوفي قد إيه» يقول فيها:

یا بخت من يقدر يقول
واللي في ضميره يطلعه
يا بخت من يقدر يفضفض بالكلام
وكل واحد يسمعه
يقف في وسط الناس ويصرخ آه
یا ناس
ولا ملام
ييجي الطبيب يحكي له ع اللي
بيوجعه


 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة