نواصل قراءة مذكرات الدكتور مجدي يعقوب، أبرز الجراحين في العالم، وما الذي جرى له بعد سفره إلى بريطانيا، وكيف تعرف على زوجته، وكيف صار اسمه "لامعا" في العالم، ونعتمد في ذلك على كتاب " مذكرات مجدي يعقوب.. جراح خارج السرب، وهي من تأليف سيمون بيرسن - وفيونا جورمان، والتي صدرت ترجمتها العربية عن الدار المصرية اللبنانية، ترجمة أحمد شافع.
الوصول إلى بريطانيا
بعد وصوله إلى بريطانيا في أواخر صيف 1961 خطا يعقوب خطوة غير معهودة ، إذ تقدم لامتحانات ثلاث زمالات دفعة واحدة: زمالة كلية الجراحين الملكية في إدنبرة، وقد اجتاز بالفعل الجزء الأول، وزمالة كلية الأطباء والجراحين الملكية في جلاسكو، وزمالة كلية جراحي إنجلترا المليكة في لندن.
وبحلول عام 1964 ارتقى يعقوب إلى أخصائي أول، وبات يعمل في مستشفيين في العاصمة هما مستشفى لندن للصدر، الذي أصبح شخصية معروفة فيه، ومستشفى برومبتون في شارع سيدني بتشيلسي، المتخصص في أمراض القلب والرئة.
الدكتور مجدى يعقوب
كيف التقي مجدي يعقوب بماريان؟
زوجة يعقوب هي الألمانية ماريان بويجل، مواليد 1939، خرجت من ألمانيا وذهب إلى إنجلترا وانتهى بها المطاف مساعدة تمريض في مستشفى برومبتون، وهناك تعرفت على مجدي يعقوب، يقول عنها "أعجبتني، كانت جميلة، وأنيقة، ولها ضحكة معدية".
مجدي يعقوب في أمريكا؟
في سنة 1968 ذهب مجدي يعقوب إلى أمريكا وبالتحديد إلى واشنطن، التي كانت بالنسبة ليعقوب بمثابة الإلهام، وتجاربه فيها هي التي حددت الطريقة التي سوف يطور به وحدة القلب في هيرفيلد بعد ذلك.
وقال مجدي يعقوب عن شيكاغو "كانت نقطة تحول في حياتي"
الزواج
افترق مجدي يعقوب وماريان في صيف 1968 وهما لا يعرفان ماذا يخبئ لهما الغد، وهي كانت تظن أنها لن تلتقيه مرة أخرى عندما سافر إلى أمريكا، لذا عندما اتصل بها بعد أسابيع طالبا منها أن تلحق به في أمريكا، انتابتها فرحة عامرة.
وفي نوفمبر 1968 تقدم مجدي يعقوب لماريان طالبا الزواج، ولمعرفته بضرورة الادخار من أجل شهر العسل، اشترى لها خاتما بخمسة دولارات من متجر قريب من شقته، وتقدم لها بعد خروجهما من حفل موسيقي بقيادة جورج سولتي، وسيشتري لها خاتما أغلى مصنوعا من الذهب الأبيض، وسوارا من الفضة، لكن ذلك لن يحدث قبل مرور 5 سنوات.
وبعد شهر وتحديدا في الحادي والعشرين من ديسمبر سنة 1968 تزوجا في كنيسة حجرية صغيرة وجميلة في جامعة شيكاغو.
وبعد أشهر وبعد رفض عرض البقاء في الولايات المتحدة بدأ يخطط لعودتهما إلى بريطانيا، كان قد حصل بالفعل على الجنسية البريطانية، ولما حان وقت رحيلهما كانت ماريان مثقلة بحملها بطفلهما الأول.
من هم المؤثرين في تجرية مجدي يعقوب:
تقول المذكرات إنهم أربعة أشخاص هم: الفرعوني العظيم إمحوتب، والألماني روبرت كوخ، وهو طبيب ألماني، والثالث هو كارل بوبر، وهو من أعظم فلاسفة العلم أثرا في القرن العشرين، والرابع هو السير بيتر مدور، عالم الأحياء البريطاني.
كيف أصبح مجدي يعقوب نجما؟
بحلول أوائل السبعينيات، ازداد حضور جراحة القلب في هيرفيلد زيادة دراماتيكية بدافع من طبيعة يعقوب الجامحة، فشارك المستشفى في تجارب سريرية دولية، واستحدثت وظائف بحثية جديدة بمنح من مؤسسة القلب البريطانية، وازداد عدد البحوث المنشورة في المجلات الطبية من تأليف العاملين في المستشفى.
وعندما رجع يعقوب وزوجته إلى بريطانيا في عام 1969 ، عاشا في شقة مكونة من غرفة احدة، في الطابق السابع عشر من عمارة سكنية شاهقة في كينتجتون بجنوب لندن، وفي عام 1970 اشتريا منزلاً صغيرًا في إيلنج، غرب لندن، بثمانية آلاف وخمسمئة جنيه إسترليني، بعد اقتراضه ألفى جنيه من دونالد روس ردها يعقوب على مهل، وأنجبا ابنهما الصغير أندرو المعروف بـ "رو" وحملت ماريان بطفل آخر، لكن يعقوب لم يكن يرى أسرته إلا لماما. فقد كان يعمل ساعات استثنائية، والحق أن قدرته على الاحتمال كانت موضع تعليقات دائمة.
في صيف عام 1971، كان ليعقوب دور أساسي في تعيين أول استشارية في أمراض قلب الأطفال، وهي روز ماري ريدلي سميث، وكانت في الثانية والثلاثين من العمر، وقد درست في مستشفى فري الملكي بشمال لندن، ثم قضت سنتي تدريب في أستراليا قبل أن تصبح طبيبة مبتدئة في مستشفى برومبتون الملكي، وهناك التقت يعقوب الذي كان في ذلك الوقت إخصائيا أول.
حكى يعقوب أنه عند قيامه بجولاته على المرضى في برومبتون ذات ليلة من الستينيات صادف ريدلي سميث في أحد العنابر في الثانية صباحًا تراجع ملاحظات المرضى، "سألتها عما تفعله، وثرثرنا قليلا . قالت درست حالة كل مريض في العنبر. وبدأت تحكي لي عن مرضاي فأدهشتني. كانت لها ذاكرة رائعة".
تذكرها يعقوب، وفي عام 1971، أجريت معها مقابلة لوظيفة في هير فيلد، وبدأت علاقة فريدة استمرت قرابة خمسين سنة.
مجدي يعقوب على خط العالمية
مع توسع مستشفى هيرفيلد في البحوث في أوائل السبعينيات، وجه مجدي يعقوب اهتمامه إلى معالجة الأطفال الرضع ذوي القلوب المعيبة، واستحداث سبل جديدة لمعالجة المشاكل الخلقية لدى الأطفال.
بحلول أواخر عام 1973، كان قد بدأ هو وروزماري رادلي سميت محاولة العثور على حل لإحدى أكثر الحالات تعقيدا، وهي معالجة الرضع المولودين بشرايين في عكس وضعها الصحيح. وتعد هذه الحالة من أكثر الأسباب شيوعا لـ "الأطفال الزرق" - أي الذين يعانون نقص الأكسجين في الدم - وينطوي تبديل وضع الشرايين الكبيرة على مخاطرة عالية قد تؤدي إلى الموت في العام الأول من حياة الطفل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة