تحتفل مصر هذه الأيام بالذكرى الـ42 لتحرير سيناء، وخروج آخر عدو إسرائيلى منها، ونجحت القوات المسلحة المصرية فى استرداد كل شبر من هذه البقعة الغالية من مخلب العصابة الصهيونية بشكل كامل عام 1982، لكن ظلت هذه الأرض حلم يراود كيان الاحتلال للسيطرة عليه مجددا وفقا لتعبير إحدى الوثائق البريطانية.
وعندما سُئل وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان ذات مرة عن قاعدة شرم الشيخ البحرية، التي أنشأتها إسرائيل في شبه جزيرة سيناء بعد احتلالها في 1967 ، فقال إنها أهم من السلام مع مصر، لكن في النهاية، لم يُجدِ اعتراض ديان نفعا، وانسحبت إسرائيل من سيناء كلها، لكن شبه الجزيرة الاستراتيجية لن تفارق خيال الإسرائيليين.
وحتى اليوم لم تتبدد الأطماع الاسرائيلية فى سيناء، وخلال العدوان الإسرائيلى على غزة 2023، قال الحاخام الإسرائيلي اليميني المتشدد عوزي شرباف، إنه يجب عودة الاستيطان إلى غزة، وأن كلا من شبه جزيرة سيناء ونهر النيل أراض إسرائيلية، الحاخام المتطرف قال خلال مؤتمر الاستيطان في قطاع غزة، وفق صحيفة هآرتس أن "أمام إسرائيل فرصة تاريخية عظيمة لاستعادة أراضيها التوراتية".وأضاف قائلا: "لا شك إننا في حاجة إلى الصلاة وبذل كل ما في وسعنا من أجل تحرير منطقة سيناء بأكملها حتى نهر النيل، فهذه المنطقة جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل وهي مقدسة بقدسية أرض إسرائيل".
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن دعوة الحاخام شرباف، لاستعادة سيناء مرة أخرى ليست المرة الأولى، حيث زعم من قبل أن سيناء حتى نهر النيل جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل.
ومن بوابة التهجير القسري لأهالى غزة إلى سيناء، تحلم إسرائيل بالسيطرة مجددا على أرض الفيروز، ومنذ أن أعلنت إسرائيل عن مخططها أكدت مصر أن أية محاولات أو مساعي لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ستبوء بالفشل، وأن الحل الوحيد للأوضاع الراهنة يتمثل في حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
وعبر مسارات عديدة تصدت الدولة المصرية لمؤامرات الاحتلال فمن خلال الحشد العالمى نجحت فى استضافت القاهرة قمم دولية وتمكنت في فرض رؤيتها علي المجتمع الدولي، وأطلقت القاهرة خارطة طريق خلال "قمة القاهرة للسلام 2023" التى استضافتها اكتوبر 2023، تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولى، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية".
وجاءت القمة العربية الإسلامية نوفمبر 2023، لتؤيد موقف وجهود مصر السياسية والإنسانية وتعزز مفهوم الوحدة العربية والإسلامية للوقوف فى وجه الاحتلال، وتؤكد خارطة الطريق نحو الاستقرار.
وفى ضوء خطابات القادة العرب فى القمة بالرياض"وفى مقدمتها خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي بشعار "لا للتهجير القسري"، على نحو ما قال الرئيس السيسي : "جميع الأعمال المنافية للقانون الدولى.. التهجير القسرى غير مقبولة ولا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس ولا بأية دعاوى أخرى وينبغى وقفها على الفور". كما جاء فى كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن"عوات التهجير القسرى والتي تمثل جريمة دولية ومخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني".
أما مسار التنمية الشاملة واقامة المشروعات الوطنية فى سيناء مسارا انتهجته الدولة المصرية منذ تسعينيات القرن الماضى، وذلك من خلال التركيز على ثلاثة قطاعات رئيسة تم العمل على تطويرها في سيناء خلال السنوات الماضية، ويشمل القطاع الأول البنية التحتية، ويضم خدمات النقل، والطاقة والغاز الطبيعي، والكهرباء، والطاقة المتجددة، فضلًا عن خدمات المياه والصرف الصحي، والقطاع الثاني ويتمثل في الصناعة والاستثمار، والقطاع الثالث يسلط الضوء على المشروعات الاجتماعية، في قطاعات التعليم، والصحة، والإسكان، والحماية الاجتماعية، والخدمات الحكومية المميكنة.
وزادت الرقعة الزراعية بحوالي 500 ألف فدان في ترعة السلام وما يحيط بها، وتم إعادة المساحة الزراعية التي فقدتها مصر بعد 2011 من خلال استصلاح أراضٍ جديدة". وتبلغ جملة الاستثمارات الحكومية بخطة 2024/2023 لتنمية محافظة شمال سيناء نحو 6.5 مليار جنيه؛ تمول الخزانة العامة منها نحو 44.6% بقيمة 2.9 مليار جنيه.
وحظيت الجهود المصرية بإشادة العديد من المنظمات الدولية ووسائل الإعلام العالمية خلال السنوات الماضية، وذكرت الأمم المتحدة أن الاستثمارات العامة زادت بالبنية التحتية لمنطقة سيناء إلى جانب مشروعات النقل والإسكان، مما دعم من استقرار سيناء وتنميتها وانخفاض الحوادث الإرهابية بها. بينما سجلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية محطة بحر البقر فى شبه جزيرة سيناء كأكبر محطة معالجة فى العالم، وأشارت إلى انها تقدم مصدرًا هامًا لمياه الرى وحلًا فعالًا لدعم الزراعة بمنطقة سيناء.