سلط الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، الضوء على حجم الجرائم والتجاوزات التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني على مدار 200 يوم من عدوانها المتواصل على قطاع غزة، والتي تنتهك العديد من أحكام القانون الدولي الإنساني والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، أبرزها انتهاك ميثاق الامم المتحدة وعدم تنفيذ قرارت الشرعية الدولية في تحدي سافر لسيادة القانون.
وأكد الدكتور مهران في تصريحات صحفية لـ"اليوم السابع"، أن الممارسات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، من قصف عشوائي للأحياء السكنية والبنية التحتية المدنية، وحصار خانق يمنع وصول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية، واستهداف ممنهج للصحفيين والأطقم الطبية ودور العبادة، تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني العرفية والاتفاقية على حد سواء.
وأوضح أن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، تفرض على إسرائيل كقوة احتلال التزامات محددة تجاه السكان الخاضعين لاحتلالها، بما في ذلك كفالة حقهم في الحياة والصحة والكرامة وعدم تعريضهم للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، وتوفير الطعام والرعاية الطبية والملابس والمأوى، وهو ما تخالفه إسرائيل بشكل جسيم.
وأضاف، أن المواد 33 و53 من تلك الاتفاقية المشار إليه تحظر على سلطة الاحتلال تدمير الممتلكات الخاصة والعقوبات الجماعية ضد السكان المحميين، مؤكداً أن ما يحدث في غزة من تدمير واسع للمنازل والأعيان المدنية لا يمكن تبريره تحت ذريعة الضرورة العسكرية وإنما يرقى لمستوى جرائم الحرب وفقاً للمادة 147 من الاتفاقية.
كما أشار مهران إلى أن البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 يحظر الهجمات العشوائية على السكان والأعيان المدنية، ويفرض اتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء الهجوم لتجنب الخسائر العرضية المفرطة بالمدنيين، وهو ما تنتهكه إسرائيل عبر شن غارات جوية ومدفعية مكثفة على التجمعات السكانية دون تمييز بين المدنيين والمقاتلين.
وحول استهداف الصحفيين والأطقم الطبية، أكد مهران أن المواد 15 و 79 من البروتوكول ذاته تنص على حماية الصحفيين ووحدات الخدمات الطبية في المناطق المحتلة، وتلزم أطراف النزاع باتخاذ التدابير اللازمة لتيسير عملهم وضمان سلامتهم، مؤكداً أن استهداف إسرائيل المباشر لهم يشكل انتهاكاً جسيماً لأحكام البروتوكول وجريمة حرب بموجب المادة 85.
كما بين أن قصف إسرائيل للمساجد والمستشفيات وسيارات الإسعاف ومحطات الكهرباء يشكل انتهاكاً فاضحاً لقواعد القانون الدولي الإنساني العرفية التي تحظر استهداف دور العبادة والمنشآت الطبية والأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن الاعتقالات التعسفية الجماعية للفلسطينيين واستخدام المدنيين كدروع بشرية من قبل قوات الاحتلال ينتهك الحق في الحرية والأمن الشخصي المكفول في المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وحول استخدام إسرائيل لأسلحة محرمة دولياً، أكد مهران أن التقارير الحقوقية سجلت أدلة على استخدام الفسفور الأبيض والقنابل العنقودية، وهو ما يشكل مخالفة صريحة للبروتوكول الثالث لاتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة لعام 1980 واتفاقية أوسلو لحظر الذخائر العنقودية لعام 2008.
وشدد على أن انتهاكات إسرائيل الجسيمة للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة كما حددتها المواد 146 و147 منها تُشكل جرائم حرب تستوجب الملاحقة والمساءلة الجنائية بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، منوهاً إلى أن هناك العديد من التقارير الأممية المستقلة التي وثقت أدلة كافية لمحاكمة مسؤولين إسرائيليين عن هذه الجرائم.
هذا بالإضافة الي تشديد مهران علي أنه وفقا لحجم وجسامة الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على مدار 200 يوم من العدوان لا ينبغي أن يمر دون عقاب، داعياً المجتمع الدولي للتحرك العاجل لفرض جزاءات علي اسرائيل لإلزامها باحترام القانون الدولي، ووقف هذه الجرائم وفرض آليات مساءلة دولية فعالة عليها تكفل محاسبة المسؤولين وجبر الضرر للضحايا، تطبيقاً لقواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة وتعزيزاً للسلم والأمن في المنطقة والعالم بأسره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة