<< مدير إدارة المواقع الآثرية الفلسطينية: الاحتلال تبنى روايات كتاريخ عرقى لتجييش المؤمنين بها وتبرير جرائمه
<< عبد الوهاب المسيرى عن شمشون: استخدمها الصهاينة للتحذير من الاندماج مع الأغيار
<< أمين عام اتحاد المؤرخين الفلسطيني: لابد من تسجيل التاريخ الفلسطينى لدحض الروايات الإسرائيلية
<< وزير الثقافة الفلسطينى الأسبق: اليمين المتطرف لديه كل العقد ضد آثارنا
<< خبير فى الإسرائيليات: شمشون يفسر ما تقوم به إسرائيل فى محاولة لمحو كل ما له علاقة بالمعطيات الفلسطينية
فى الحلقة الثانية من ملف "عقدة شمشون وتدمير التراث الفلسطيني"، سنسلط الضوء على ما ذكرته دراسة "الرواية التوارتية ما بين السياحة والسياسة وعلم الآثار"، للدكتور ضرغام فارس، والذى يؤكد فيه أنه كثيرا ما نسمع مصطلح الرواية التوراتية أو الرواية الإسرائيلية سواء من طرف مختصين أو عامة الناس، ونسمع مطالبات ومناشدات بضرورة وجود رواية فلسطينية تكذب وتفند الادعاءات الإسرائيلية ولكن فى الحقيقية لسنا بحاجة إلى رواية فلسطينية وليس من العلم أو المنطق فى شيء مجابة الرواية برواية أو الخرافة بخرافة، أو الكتاب السماوى بكتاب سماوة وإنما بالبحث العلمى فقط.
ويؤكد خلال الدراسة، أن إعادة كتابة تاريخ فلسطين بمنهج علمى مستندين إلى ما توصل إليه علم التاريخ وعلم الآثار من حقائق علمية مثبتة وأن يكون ما نتول إليه ونتبناه هو الحقيقة العلمية المحايدة وليست الرواية الفلسطينية والفرق شاسع بين الرواية والتاريخ.
الاحتلال يتبنى الروايات التوراتية وكأنها تاريخ يخصهم عرقيا
تواصلنا مع الدكتور ضرغام فارس، مدير إدارة المواقع الأثرية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية فى محافظات الشمال بقطاع غزة، والذى يقول إن هناك تضليل كبير فى اعتبار تلك الرواية الإسرائيلية الخاصة بـ"شمشون" تاريخ، ربط الاحتلال بتلك الرواية يعتبر إجحاف بتاريخ الشعب الفلسطيني.
ويضيف مدير إدارة المواقع الأثرية بوزارة السياحة والآثار الفلسطينية فى محافظات الشمال بقطاع غزة، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التوراة إنتاج ثقافى محلى أنتجه السكان الأصليين أى الشعب الفلسطيني، كما أن الحقائق التاريخة تفيد بأن رابط الاحتلال بفلسطين هو رابط دينى وليس عرقى أو تاريخي، كما أن الديانة اليهودية انتشرت فى مختلف أنحاء العالم دون ضوابط عرقية، موضحا أن مملكة حمير اعتنقت الديانة اليهودية عام 384 م، ومملكة الخزر اعتنقت الديانة اليهودية عام 850 م.
ويشير إلى أن الأزمة تتمثل فى تبنى الاحتلال للروايات التوراتية وكأنها تاريخ يخصهم عرقيا، حيث يمكن تناول أى رواية توراتية تؤثر على سلوك الاحتلال بعد توضيح زيف الرابط العرقى والرابط التاريخي، اليوم أصبح معروفا متى ولماذا ومن كتب التوراة وهى جزء من موروثنا الثقافي.
ويوضح ضرغام فارس، أن الاحتلال تبنى تلك الروايات كتاريخ عرقى يخص كل يهودى واستخدمها أولا لتجييش المؤمنين بها من اليهود المتدينين ومن الصهيونية ، لتبرير جرائمه ضمن حق الاعتقاد الدينى بغض النظر عن إلحاق الأذى بالشعب الفلسطينى وتدميره، بمعنى إخراج الروايات التوراتية من سياقها الدينى وتوظيفها لخدمة أهدافه السياسية العنصرية.
عبد الوهاب المسيرى يحلل قصة شمشون وارتباطها بالعقيدة الصهيونية
المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري، حلل فى موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية"، قصة شمشون الجبار، حيث اعتبار أن الكتابات الصهيونية تفسرها بأنها قصة للتحذير من الاندماج مع الأغيار، الذين تمثلهم النساء الفلسطينيات، حيث ويظهر الاستقطاب فى الإحساس بالحرية المفرطة والحتمية المطلقة، فسكان المستوطَن الصهيونى يشعرون بحريتهم المفرطة فجيشهم يعربد، وسلاحهم الجوى يطير من المحيط إلى الخليج، وهم يستولون على الأرض التى يشعرون أنها لهم ولكنهم فى الوقت نفسه يسيطر عليهم إحساس عميق بالجبرية إذ يشعرون بأنه قد حكم عليهم بالدخول فى الحرب المرة تلو الأخرى، ويصل هذا الإيمان بالقضاء والقدر والمصير المحتوم إلى ذروته فى أسطورة شمشون والانتحارية حيث يموت اليهود على مذبح الدولة الوظيفية المقدَّسة ويدرك الجميع أن لا اختيار لهم.
لابد من تسجيل التاريخ الفلسطينى لدحض الروايات الإسرائيلية ومنع سرقة تراث فلطسين وإعادة ترميمه
فيما يقول عبد الرحمن مغربى، الأمين العام لاتحاد المؤرخين والآثاريين الفلسطيني، إن شمشون هو أحد ملوك بنى إسرائيل الغابرة، ويدعى "شاؤول"، ويعد من أساطير التوراه، وإسرائيل تستخدم هذه الأسطورة لتدمير عدوها حتى القنبلة النووية الموجودة لديها تسميها "خيار سمشون"، حيث إذا رأت نفسها فى مأزق يهدد وجودها ستقضى على الأعداء أيضا.
ويضيف الأمين العام لاتحاد المؤرخين والآثاريين الفلسطيني، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن إسرائيل تتصرف كدولة مارقة فوق القانون، وتضرب بعرض الحائط بالقانون الدولى وتدوس عليه، وتنظر إلى كل العالم وليس إلى العرب فقط بأنها شعب الله المختار وأنها أسمى منهم، وهذه تدعى "نظرية السمو العرقي"، التى سار على منهجها هتلر أيضا بزعم أنهم أفضل عنصر بشرى على الأرض.
ويوضح أن الاحتلال يستخدم قصة شمشمون الخرافية فى تدمير أى عدو وتراثه، متابعا :"إذا تضايقوا وخافوا من الفناء سيدمرون العدو أيضا، فهذه نظرية شمشون، ليس الانتقام من التراث فقط بل من البشر ومن الآثار والانتقام من كل شيء واستخدام سياسة المحو والتدمير وهى سياسة الأرض المحروقة.
وبشأن خطوات الفلسطينيين لمواجهة الرواية الإسرائيلية والتصدى لمحور تراث فلسطين، يشير عبد الرحمن مغربى، إلى أن الحرب التى تشنها إسرائيل على الوطن العربى كاملا، ويعمل الاحتلال على مسح قطاع غزه لتمرير قناة بن غورين وهناك حقول غاز ونفط أمام قطاع غزه يسعى الاحلاتل للسيطرة عليها لتقدم نفسها لتزويد أوروبا بالبترول بدل من روسيا، والذى فى المعركه هو الشعب الفلسطينى كاملا، ليس فصيل فقط بل الشعب من عانى وجاع وعطش ومات ويتم ويعانى الجوع والبرد، متابعا :"سنصمد ولا مجال أمامنا لأن هزيمتنا تعنى خروجنا من التاريخ والجغرافيا".
ويتابع الأمين العام لاتحاد المؤرخين والآثاريين الفلسطيني، :"نحن أمام حرب على شكل مثلث، حيث الرأس الأول التهجير، والرأس الثانى احتلال الأرض، والرأس الثالث احتلال التاريخ وتشويهه وتزويره وطمسه وتزويره وتقديم تاريخ أسطورى مصطنع، ونحن نقاوم أيضا بثلاث رؤوس كمثقفين وأكاديميين من خلال الوعى الوطني، ودعم وتقويه الشعور الوطنى وتعزيزه، وفتح المعركة المعرفية مع الاحتلال، وفرض قواعد الاشتباك الفكرى معه فى كل زمان ومكان".
ويقول عبد الرحمن مغربى :"فى هذه المعادلة وهى معادلة الصراع، فلسطين رأس الحربة مدعومة بالعلماء العرب وأحرار العالم واستخدام أقصى قدر من الدعاية الحقيقة المناصرة لقضيتنا وكل وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، ونعرف حقيقة واحده فقط هو أن الشعوب العربية معنا وتسندنا".
وحول مساعى الاحتلال للانتقام من التراث الفلسطينى والاعتماد على رواية "شمشون" فى الانتقام يقول الأمين العام لاتحاد المؤرخين والآثاريين الفلسطيني،:"نحن صامدون ولن نمكنهم من ذلك، فقلبهم حاول الغزاة الإنجليز وغيرهم، ولمواجهة الانتقام الإسرائيلى من التراث الفلسطيني، يجب توثيق هذا التراث الفلسطينى تسجيله، وتوثيق حجم الدمار فى التراث لأن توثيق التدمير مهم للغاية وتسجيله، فتسجيل التراث عمل إحصائيات توثيق يساعد فى إعادة إعماره مستقبلا، ثم إعادة الترميم".
وبشأن مخالفة مساعى الاحتلال تدمير التراث الفلسطينى مع القوانين الدولية يقول عبد الرحمن مغربى :"القانون الدولى واتفاقية لاهاى لحماية التراث والعهد الدولى واتفاقيات جنيف وميثاق روما داست عليه جنازير الدبابات الصهيونية ودمرته بطائرتها، ولا تأبه به دولة الاحتلال"، مؤكدا أهمية التسجيل ومسح وتوثيق التراث الفلسطينى وإجراء الدراسات الجادة عليه لإعادة الترميم والإعمار مستقبلا.
ويؤكد أن فلسطين تحتوى على عدد كبير من مراكز المدن التاريخية، مثل البلدة القديمة فى القدس، والخليل، ونابلس، وبيت لحم، وغزة. إضافة إلى ذلك، فإن القرى الفلسطينية بعمائرها الريفية الجميلة، تضيف إضافة نوعية إلى تنوع هذا التراث وثرائه، وتبين الأديرة المسيحية الصحراوية التى تقع على المنحدرات الشرقية فى فلسطين نوعاً آخر من المعمار فى فلسطين، إضافة إلى المقامات المقدسة المنتشرة فى الأرياف، كما يظهر التنوع المعمارى فى قرى الكراسي، الذى يشير إلى القصور الإقطاعية فى الريف الفلسطينى خلال الفترة العثمانية، كذلك تظهر الخانات المنتشرة على طول طرق التجارة التاريخية، وبيوت المزارع (المناطير) الجميلة المبنية من الحجر غير المهذب على تلال فلسطين المسلسلة بصورة تقليدية، تبين تنوع التراث الثقافى الفلسطينى وثرائه .
ويوضح الأمين العام لاتحاد المؤرخين والآثاريين الفلسطين، أن فلسطين تحوى على 2862 أثرياً حسب إحصاء حكومة الانتداب عام 1944م، وفى عام 1948م، استطاعت جرافاته طمس آثار ما يزيد على 532 قرية وبلدة ومدينة فلسطينية، ماحية بذلك المراكز التاريخية لها وما احتوته من مساجد، وكنائس، ومقامات، ومن تراث ثقافي، ولم تسلم المقابر فى كثير من الأحيان من أنياب جرارات الاحتلال، ولا يمكننا بأى حال من الأحوال تقدير قيمة التراث الثقافى المفقود لانعدام التوثيق فى حينه من جهة، ولأن التراث الثقافى لا يمكن تقييمه أصلاً لارتباطه بالذاكرة الجمعية والفردية للإنسان.
ويشير إلى أن الأخطار المحيطة بالتراث الحضارى ليست وليدة الساعة ولا وليدة الصدفة، إنها تعود لأواسط القرن التاسع عشر، وكان أكثرها قدماً هو تأسيس صندوق استكشاف فلسطين عام 1865م، مروراً بالعديد من الجمعيات الأوروبية التى هدفت بحوثهم إلى إعادة كتابة تاريخ فلسطين بدون الأخذ بعين الاعتبار التراث الثقافى للذين ما زالوا يعيشون على هذه الأرض، موضحا أنه منذ القرن التاسع عشر حين اعتُبر كتاب التوراة مرجعاً تاريخياً ينظر من خلاله إلى تاريخ هذه المنطقة، أصبحنا أمام مد هائل من البعثات والرحالة الذين كان همهم الكشف عن ماضى الإنسانية عبر أوراق التوراة، وبرزت ظاهرة تحطيم التراث الثقافى للشعب الفلسطينى وإلغائه مع قيام دولة إسرائيل، حيث ازدهر علم الآثار التوراتى الذى ركز على الطبقات التى تعود إلى تواجد اليهود فى فلسطين حيث قدمت الموجودات على شكل نتاج يمجد اللحظات البطولية فى التاريخ اليهودي، فى حين تم تجاهل المواد التى تعود إلى الفترات الأخرى وخصوصاً الإسلامية منها، وأصبح علم الآثار لديهم هوية وطنية ووسيلة لتعزيز التضامن الاجتماعى بينهم، حيث أصبحت إسرائيل أكثر دولة تركز على علم الآثار فى هذا الكوكب.
ويؤكد عبد الرحمن مغربى، أن علم الآثار استخدم كسلاح لدعم الاحتلال الحالى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، من قبل منظمات المستوطنين، متابعا :"على سبيل المثال جرى الحفر فى شيلو التى بدأت كمخيم أثرى ثم تحولت إلى مستوطنة من أكبر مستوطنات الضفة الغربية، وبيت أيل التى يوجد فيها مجمع استيطانى وقاعدة عسكرية ضخمة ومقر للقيادة وإدارة للضفة الغربية، وفى الجزء الشمالى من النبى صموئيل حيث تم تجاهل وتدمير طبقات سميكة تعود لألف عام من الآثار الإسلامية، للوصول إلى المستويات قبل المسيحية، ويجرى الوضع نفسه فى القدس ومحيطها وخصوصا فى سلوان، محطمين التراث الفلسطينى كجزء من تراث الإنسانية، كما أصبحت الحفريات وسيلة لمصادرة الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، واستخدموا قانون الآثار الإسرائيلى الذى ينص على ما يلى: "يعد مصادرة أى موقع أثرى ضرورى - حسب رأيهم - لغرض حماية البحث الأثرى وتسهيل عملياته".
ويؤكد أن الحفريات الإسرائيلية تستند إلى أسس فكرية ومنهج طوره علماء توراتيون منذ القرن التاسع عشر، ويبدو واضحاً أن طابع هذه الحفريات يأخذ بعداً سياسياً أكثر من كونه علمياً وموضوعياً، وتم تسخير علم الآثار لخدمة أهداف الدولة السياسية، واستخدم كمصوغ سياسى لإضفاء شرعية تاريخية على وجودهم فى القدس بخاصة، وفى فلسطين بعامة، والواقع أن كثيراً من المقولات التى سيطرت على علم الآثار الإسرائيلى تستند إلى مجموعة من القصص والأساطير التى تم تسويقها لتطبع ثقافة المجتمع الإسرائيلى وتفكيره، فمثلاً، هناك إجماع بين الباحثين فى علم الآثار من إسرائيليين وغربيين إن مدينة داود العظيمة، لم تكن سوى قرية أقل تطوراً من القرى الواقعة بين بيت لحم ورام الله، ولكنهم استخدموا الحفريات لرسم أسطورة عظيمة، مع خيال واسع، ودراسات تستند إلى فرضيات ينقصها الثبت العلمى الدقيق والموضوعية، لرسم هالة كبيرة لما كانت عليه مدينة القدس قبل الفترة الرومانية.
وزير الثقافة الفلسطينى الأسبق: اليمين المتطرف الإسرائيلى لديه كل العقد فى الدنيا ضد تراثنا
بدوره، يؤكد الدكتور أنور أبو عيشة وزير الثقافة الفلسطينى الأسبق، أن إسرائيل ومنذ نشوب الاحتلال تعمل على عدم وجود الشعب الفلسطينى عمليا وسياسيا وثقافيا وفكريا ولذلك كل ما يمكن أن يكون تراث للشعب الفلسطينى إما أن تصادره لصالح الفكر الصهيونى الدينى او تدمره حتى، لأن كثير من الآثار تتركها لتدمير او تبنى فوقها مستوطنات، وهذا يتماشى مع عقلية الاحتلال بإنكار وجود الشعب الفلسطينى فهى تصادر كل ما يوجد من آثار لها حتى التراث المطبخ والطعام تصادره لها، مثل الحمص والفلافل وما شبه ذلك لصالح التراث الإسرائيلي.
ويوضح وزير الثقافة الفلسطينى الأسبق، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن ما تمسح إسرائيل أن نشهر تراثنا أو حتى نتحدث عن تراثنا لدى منظمات الدولية، فمعاركنا كانت كثيرة أمام اليونسكو من أجل الاعتراف بالتراث ببعض المناطق الفلسطينية كتراث للإنسانية ومن الأمثلة على ذلك مؤخرا مدينة الخليل التى تحتوى على معالم تراثية إنسانية فى شهر يوليو 2017، وتم الاعتراف به كتراث إنسانى عالمي، وفى ذات اليوم نتنياهو أعلن أنه يتبرع للمستوطنين فى مدينة الخليل والذين عددهم حاليا من700 إلى 800 شخص بـ5 مليون شيكل من أجل بناء مركز ثقافى يهودى فى مدينة الخليل.
الدكتور أنور أبو عيشة
ويشير أنور أبو عيشة، إلى أن الوضع يزداد سوءا لأن لما اعترفت اليونسكو بالقدس كتراث عالمى للإنسانية عام 1980، وكان حينها الاتحاد السوفيتى قويا وموازين القوى مختلفة عن اليوم، سجلت القدس كتراث عالمى كمدينة وليس كمدينة فى دولة وهى حالة فريدة وحيدة، سواء فى القدس أو الخليل أو فى أى مناطق أخرى فى فلسطين، فالإعلان عن أى مكان كتراث عالمى للإنسانية لا يغير من الواقع الاستيطانى الاحتلالى بشئ، لأن إسرائيل لا تكترث بالقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة واليونسكو .
ويؤكد أن هناك سرقة كبيرة من جانب الاحتلال للآثار الفلسطينية، فمنذ عام 1967 أى شيء وجوده أخذوه ومحفوظ فى مخزن فى منطقة الخان الأحمر بين أريحا والقدس، والمخزن تابع لجيش الحرب الإسرائيلى ويأخذوا ما يعجبهم وما يتناسب مع أطروحاتهم الدينية أما الباقى وما يهمهم أحيانا يسرق ، وهناك آلاف القطع الموجودة فى هذا المخزن .
ويوضح الدكتور أنور أبو عيشة، أن حماية التراث الثقافى فى عام 1956 فى نيودلهى اتفاقيين وكتبت ورقة فى هذا الموضوع، كانت إسرائيل وقعت على حماية التراث بشكل عام التراث العالمى وهى الاتفاقية الوحيدة التى وقعت عليها إسرائيل، وفى اتفاقيات جنيف 1949 وبروتوكولات فى السبعينيات موجود نصوص للحفاظ على التراث فى الأراضى المحتلة، وإسرائيل لم توقع على هذه البروتوكولات وسواء وقعت إسرائيل أو لم توقع فإن إسرائيل لا تلتزم بمبادئ القانون الدولى أو حماية التراث والآثار أو حماية البشر أو حماية أشجار.
وبشأن علاقة قصة شمشون بتدمير الاحتلال للتراث الفلسطيني، يقول وزير الثقافة الفلسطينى الأسبق، :"ليست عقدة شمشون فقط ، فالحكومة الإسرائيلية خاصة اليمين المتطرف لديه كل العقد فى الدنيا سواء فيما يتعلق بالعلم الفلسطينى أو الصور الفلسطينية، أو أى شيء يرمز للتراث الفلسطينى هم ضده ويجاهرون بأنهم يريدون مسح التراث الفلسطيني، فكل العقد لديهم، والثوابت فى السياسة الإسرائيلية هى الانتقام والعقاب الجماعى وهذه لفتة تاريخية، بجانب عنصرية أنهم شعب الله المختار والسيد".
عقدة شمشون متجذرة فى عمق الشخصية الإسرائيلية لمحو ما له علاقة بالمعطيات الفلسطينية
ويشرح الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والخبير فى الشأن الإسرائيلى كيف يستخدم الاحتلال قصة شمشون فى اتباع الخيار الصفرى وتدمير كل ما هو غير يهودى فى فلسطين، قائلا إن عقدة شمشون أو الخيار صفر هى مرتبطة ومتجذرة فى عمق الشخصية الإسرائيلية، مثل عقدة امتلاك النووى وإذا تعرضت إسرائيل لخطر فإن لديها الملاذ الأخير أو الخيار شمشون والعقدة مرتبطة بالانتقام من الآخرين فهم يقولون إسرائيل أولا وما دون ذلك أغيار أو إسرائيل والأغيار حيث دولة لا يوجد بها أغيار أيا كان الأغيار من هم سواء فلسطينيين أو غير فلسطينيين أو فصيل أو شعب أخر.
الدكتور طارق فهمي
ويضيف طارق فهمى، أن عقدة شمشون كامنة فى عقلية الإسرائيليين ، وهم يتعاملون مع الشعب الفلسطينى بكل ثوابته ورواسخه وليس فقط التراث الفلسطينى بل كل ما له علاقة بالهوية الفلسطينية سواء التعليم أو الثقافة والحضارة الفلسطينية، والتطور التاريخى الكبير للفلسطينيين كلها تفاصيل متعلقة بعقدة شمشون أو السردية اليهودية فى التعامل، وبالتالى يتم تعميمها وتعليمها فى مدارس المدنيين المتشددين فى إسرائيل، وتعليمها وتدريسها فى المراحل الجامعية وما قبل الجامعية.
ويوضح أن عقدة شمشون تفسير لما تعمل عليه الشخصية اليهودية فى كل تفاصيلها فى التعامل مع الغير وتدمير كل ما له علاقة بالهوية الفلسطينية فى هذا الإطار وهو ما يفسر ما تقوم به إسرائيل فى محاولة لمحو وطمس كل ما له علاقة بالمعطيات الفلسطينية سواء على الأرض أو خارج الجانب الفلسطينى فى المناطق التى بها فلسطين سواء المناطق التاريخية سواء فلسطين التاريخية من الأراضى الفلسطينية الراسخة، والتعامل مع الرواية الإسرائيلية المقابلة لها التى تركز على أن إسرائيل أرض كوش ريما القدس من النهر إلى البحر.