رغم حياة رمسيس الثانى الطويلة التى وصلت إلى 90 عاما، إلا أنه حصل على تقدير واهتمام العالم بعد أكثر من 3000 عام، خاصة بعد اكتشاف موميائه المدفونة فى الدير البحرى عام 1881.
ومن هنا كانت بداية اهتمام العالم والتعرف على شخصيته الفريدة، حتى أن المومياء الخاصة به لاقت اهتمامًا واسعًا، ابتداءً بالاحتفاظ بها فى متحف بولاق فى عهد الخديوى توفيق، مرورًا بأبحاث الأثريين الأوربيين والمصريين حول حياته وتدوينها فى الكتب، وصولاً إلى سفر موميائه للعلاج فى فرنسا عام 1976، والتى استقبلته كما يستقبل الملوك والرؤساء، حتى إنه بسبب تلك الرحلة حصل على جواز سفر خاص به، وفى العام الماضى، استقبلت فرنسا تابوته الخشبى فى زيارة لباريس ضمن فعاليات معرض ذهب الفراعنة، وقد استمرت إقامة التابوت لما يقرب من 6 أشهر هناك.
لكن السؤال الحقيقي هو:
لماذا صارت سيرة رمسيس الثاني وآثاره محطَّ أنظار العالم؟
لم تكن حياة الملك رمسيس الثاني حياة عادية، فبالرغم من حصوله على لقب القائد الأعلى في العاشرة من عمره -والذي لم يكن سوى لقب شرفيّ- إلا أن لقبًا كهذا ساعده فى الالتحاق بالجيش، وحصوله على التدريبات الفريدة، التي ساهمت في بناء شخصيته، وتنمية قدراته الجسدية والعقلية.
حين بلغ رمسيس عامه الرابع عشر قام والده الملك سيتي الأول بتعيينه وليًا للعهد، وكانت تلك الخطوة فرصة حقيقية له، للإلمام بشئون الحكم.
وتولى رمسيس الحكم في عام 1279، وهو ابن 23 عامًا، وبعد توليه بـ4 سنوات، قرر محاربة الحيثيين في سوريا؛ أملاً في استعادة قادش، والتي استمرت لأكثر من 15 سنة، انتهت بمعاهدة سلام بين الطرفين، لتكون أول معاهدة سلام في التاريخ، ويكون الملك رمسيس الثاني أول مَن حمل لقب بطل الحرب والسلام.
توطدت العلاقة بين الملك رمسيس والملك خاتوشيلي ملك الحيثييين، حتى أن الأخير قام بزيارة تعد هي الأولى من نوعها لمصر، وقام فيها بتزويج ابنته الكبرى للملك رمسيس؛ توطيدًا للعلاقات بين البلدين.
تزوج الملك رمسيس من أميرات الأسرة الملَكية كما تزوج بالجواري والمحظيات، وتجاوز أبناءه المئة بين الذكور والإناث، وقد شهد موت بعضهم في حياته، وبالرغم من تعدد زيجاته، إلا أن نفرتاري كانت أقربهن إليه.
حكم الملك رمسيس 67 عامًا، ورغم حالة الحرب التي عاشتها البلاد، إلا أنه حرص على إنهاء الأعمال التى مات والده قبل إكمالها، كمعبد أبيدوس.. كما قام ببناء مدينة في شرق الدلتا أسماها "بر رعميسو"، ويذكر أنه كان يدير منها معاركه ضد الحيثيين، لكنه لم يتخذها عاصمة له، فالعاصمة الأصلية لمصر هي طيبة، والدليل على ذلك، وجود العديد من الآثار في الأقصر وأسوان، كمعبد أبو سنبل والكرنك، ومعبد جنائزي أطلق عليه العلماء في القرن التاسع عشر اسم الرمسيوم؛ نسبة للملك رمسيس الثاني، والذي بناه لآمون ولنفسه.. كما كان للملك رمسيس مسلتين، إحداهما أهداها محمد علي باشا لفرنسا، وهي موجودة في ميدان الكونكورد وازدهرت مصر في عهد الملك رمسيس بعد انتهاء الحروب، وانعكس هذا على الحقول، والمناجم، والورش، وبناء المعابد، والفنون.
اعتقد البعض أن الملك رمسيس لم يكن له مقبرة كباقي الملوك، وذلك بسبب وجود موميائه في تابوت خشبي بخبيئة الدير البحري، لكنه في الحقيقة كانت له مقبرة في البر الغربي، وكان له تابوت ذهبي أيضًا، لكن بسبب الضعف الذي حلَّ على الملوك في نهاية الأسرة العشرين، وانتشار ظاهرة السرقة في عام أُطلق عليه عام الضباع، تم نقله إلى مقبرة والده الملك سيتي الأول، ثم نُقِل فيما بعد في هذا التابوت الخشبي،إلى خبيئة الدير البحري، حيث عُثِر على العديد من المومياوات والقطع الأثرية لبعض الملوك بداخلها فيما بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة