أعلنت منظمة اليونسكو والمجلس الدولى للموسيقى ولجنة التحكيم التى تمثلها عن فوز الموسيقار رياض السنباطى بجائزة أحسن موسيقى فى العالم، يوم 30 أبريل، مثل هذا اليوم، 1977، حسبما يذكر الكاتب والناقد الموسيقى السورى صميم الشريف فى كتابه «السنباطى وجيل العمالقة»، مشيرا إلى أن الحيثيات جاء فيها، أن رياض السنباطى استطاع التعبير بلغته الموسيقية المشرقة الوضاءة عن مشاعر الشعب العربى وأفكاره وآماله فى كل مكان، بأصالة متناهية قلما توفرت عند غيره.
يؤكد «الشريف»: «تناقلت وكالات الأنباء الخبر، ثم ضجت به الصحافة العربية والعالمية، وغدا السنباطى فجأة نجما عربيا وعالميا، وتقاطر رجال الصحافة على بيته ليخرجوه من عزلته.. كانت السعادة تخطر فى جوانبه، لقد حصل أخيرا على أكثر مما يتمناه».
يذكر «الشريف»، أن الجائزة جاءت فى توقيت كان السنباطى يشعر فيه بالغبن لعدم مساواته بمحمد عبدالوهاب، الذى حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1970، والدكتوراة الفخرية عام 1976، بينما لم ينل رياض شيئا حتى عام 1977 سوى وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى من جمال عبدالناصر عام 1966.
الوصول إلى هذا التقدير الرفيع عالميا كاد أن يفلت، لعناد الموسيقار المصرى مدحت عاصم، وفقا لما يذكره «الشريف» الذى يكشف أن اللجنة العليا للموسيقى فى مصر تلقت طلبا بترشيح أحد الموسيقيين المصريين للحصول على الجائزة المذكورة، واشترطت فى ذلك أن يكون المرشح موسيقيا، استطاع بالموسيقى التى قدمها التأثير على منطقة لها تاريخها الحضارى، وفى الاجتماع الذى عقدته اللجنة الموسيقية العليا برئاسة أحمد شفيق أبوعوف، رشحت اللجنة بإجماع الأصوات رياض السنباطى لهذه الجائزة، وبعد هذا الترشيح، وافق مجلس الموسيقى العربية الذى يرأسه الموسيقى المعروف صالح المهدى بإجماع الأصوات، وهذا المجلس يتبع جامعة الدول العربية، وعلى أثر هاتين الموافقتين، وافق المجلس الدولى للموسيقى على الترشيح أيضا.
يؤكد «الشريف»، أن الكتاب الذى أرسلته هذه الجهات إلى اليونسكو جاء فيه: «إن الموسيقار رياض السنباطى هو الموسيقى الوحيد فى مصر الذى تنطبق عليه شروط الجائزة، لأنه الوحيد الذى لم يتأثر بأية موسيقى أجنبية، كما أن أعماله الموسيقية الكثيرة، وروائعه مع سيدة الغناء العربى أم كلثوم تزيد على مائتى لحن، يؤكد حقه فى الحصول على الجائزة».
يستكمل صميم الشريف القصة، كاشفا أنه فى الوقت الذى كان قلب «السنباطى» يطير فرحا، فوجئ «أبوعوف» برسالة من صالح المهدى، يخبره فيها بأنه تلقى رسالة من المجلس الدولى للموسيقى تفيد بأن الموسيقار مدحت عاصم أرسل اعتراضا على الترشيح، مما اضطر المجلس الدولى إلى العودة عن موافقته، لأن من شرط قبول الترشيح ألا يعترض أحد، وكانت حجة «عاصم» أنه رئيس اللجنة الموسيقية الوطنية فى مصر، وهى لها رأيها فى الترشيح.
أعطى المجلس الدولى مهلة أسبوع لسحب «عاصم» اعتراضه وبعدها سيلغى الترشيح، ولم يقبل المجلس دفاع صالح المهدى بأن «عاصم» يمثل هيئة واحدة من الهيئات الموسيقية الأخرى الرسمية وغير الرسمية، التى أجمعت على ترشيح «السنباطى»، وفيما كان «المهدى» يبذل محاولاته فى العاصمة التشيكية براغ لحل المشكلة، كان «أبوعوف» يبذل جهده مع «عاصم» دون جدوى، ولما سأله عن موقفه قال: «يجب تكريم رياض فى بلده أولا، ثم فى العالم العربى، وبعدها يرشح للجائزة العالمية».
يذكر «الشريف»، أن المسؤولين أكدوا لـ«عاصم» أن ترشيح المجلس الأعلى للفنون والآداب للسنباطى للدكتوراة الفخرية فى نفس العام، 1977، يعد تكريما له، فسحب اعتراضه، وتقرر سفره إلى «براغ» ليعلن ذلك أمام لجنة التحكيم الدولية برئاسة إيمون كرواس، وعضوية صالح المهدى وأربعة آخرين من الاتحاد السوفيتى والهند وسويسرا.
أعلنت لجنة التحكيم قرارها يوم 30 أبريل، ومنحت الكأس لـ«السنباطى» ومبلغ 10 آلاف دولار، وحسب الشريف، فإن اللجنة طلبت من «عاصم»، بوصفه عضو المجلس الدولى للموسيقى، أن يحمل الكأس لمصر لتسليمها لـ«السنباطى» الذى اعتذر عن السفر لمرضه، لكن «عاصم» اعتذر عن تسلم الكأس المصنوع من الكرستال، وتركها فى «براغ».
غير أن مدحت عاصم يذكر أن هناك سوء فهم فى الموضوع، حسبما يأتى بموقع فيتو، 9 مارس، 2014، حيث تذكر الكاتبة ثناء الكراس أن الروائى عباس الأسوانى كتب بمجلة صباح الخير، عام 1977، مقالا يوضح فيه ما ذكره له «عاصم» حول ذلك، مؤكدا أن فيه سوء فهم تام، وأنه بالفعل تلقى خطاب الترشيح، فرد بضرورة مناقشة الأساس الذى تمنح عليه الجائزة، وما دامت هيئة اليونسكو هى التى ترشح جائزة الموسيقى باسمها، فلا بد أن تكون أول صفة للموسيقى الذى سيفوز هى العالمية، والسنباطى من أقطاب الموسيقى الشرقية لا جدال فى ذلك، ولكن بالنسبة للموسيقى العالمية لم يصل إلى مستوى استحقاق الجائزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة