يتحدث البعض عما أثاره الدكتور زاهي حواس على أنه لا دليل أثري حتى الآن على وجود الأنبياء في مصر، وهو ليس كلاما جديدا، فقد قاله زاهي حواس من قبل، وقاله غيره من الباحثين في علوم الآثار، وذلك بالطبع لا يطعن في وجود الأنبياء، والسؤال: كيف تعاملت الكتب مع هذه القضية، وهنا يستوقفا كتاب "الوجود التاريخي للأنبياء.. وجدل البحث الأركيولوجي" لـ الدكتور سامي عامري، والذي يقول: في المطلب السادس بعنوان "صمت الآثار وطبيعة خبر الأنبياء":
إن الاستدلال بصمت الآثار لا يقودنا في عامة الأحوال إلى مطلبنا في شأن الوجود التاريخي للأنبياء لقيام عوارض كثيرة من الممكن أن تمنع بقاء أثر الأنبياء في شواهد الأرض؛ ولذلك فالأمر يقتضي عند البحث في تاريخية كل نبي، البحث عن الأسباب الداعية إلى إمكان - أو وجوب - ظهور خبره في الآثار القليلة المحفوظة، والمواقع التي من الممكن أن تحول دون ذلك.
والعجب هو أن أشد الأركيولوجيين تطرفا يسلمون بقاعدة ترك الاحتجاج بالصمت، على صورتها الشائعة، وكذلك يفعل من ينقلون أفكارهم، مثل السواح القائل: في حال فقدان الوثائق المناسبة التي تعين المؤرخ في عمله، من الأسلم الاعتراف بالجهل بدل صياغة نتائج مبنية على الخيال والمواقف الإيديولوجية المسبقة، ثم يقيم السواح عامة حديثه عن أورشليم في کتابه تاريخ أورشليم والبحث عن مملكة اليهود على خيالات يملأ بها مساحات الفراغ ومواقف عقدية متشنجة من التوراة اليهودية المحرفة.
إن النبوة، موقف عقدي من رجل في جماعة من الناس؛ مظهرها الواقعي دعوته لهم إلى ترك عبادة الآفة الباطلة، والعوائد الفاسدة، والإيمان بالله وحده، والاستقامة على طريق الصلاح. وهي بذلك في صدام حتمي مع أصحاب السلطة السياسية والكهنوت الديني، والدهماء الخاضعين للأعراف.
والنبوة - بما سبق - لا تستهوي عادة إلا قلة من الضعفاء في قومهم؛ ممن لا سلطان للميراث والمال والرفاه على قلوبهم. وهو ما يجعل النبي وجماعته فئة مستضعفة، منبوذة في حواشي المجتمع، فلا تحفل بهم نقوش قصور الحكام، ولا معابد الكهنة، ولا الوثائق الرسمية للدولة؛ بما يجعل استجداء الآثار لتكشف عن أسماء الأنبياء، بلا طائل في عامة الأحيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة