حالة كبيرة من النجاح يحققها مسلسل الحشاشين على مدار ماراثون دراما رمضان، وهو المسلسل الذى استطاع تحقيق جماهيرية كبيرة بعدما توافرت له عوامل النجاح من نص مميز للكاتب عبد الرحيم كمال ومخرج كبير كـ بيتر ميمى بالإضافة إلى طاقم الممثلين المميز الذى يجسد شخصيات العمل، وعلى رأسهم الفنان كريم عبد العزيز.
إلا أن أحد أهم الخطوط الدرامية المميزة في العمل هي النقاشات بين الممثلين والذي استطاع عبد الرحيم كمال الغوص في النفوس البشرية واستعراضها بطريقة تلائم كل العصور، وكأنه يحاكى الواقع باسترجاع ذكريات الماضى خلال نقاشات فلسفية ورؤى تأملية كما يظهر في السطور التالية.
زيد بن سيحون.. الجدل حيلة النفوس الخبيثة في زعزعة الواثق
خلال الحلقة 22 من مسلسل الحشاشين شهدت الحلقة مشهدًا مميزًا من قبل الفنان أحمد عيد حينما أخبر ابن الحافظ قائد القلعة المحاصرة من قبل السلاجقة أنهم عليهم اللجوء للحل الذى لا يخيب أبدًا، وهو مناظرة مع السلجوقيين، قائلاً: "سنكسب وقت فالكلام إحنا أهله ولعبتنا".. وهى الحيلة التي دومًا ما يلجأ إليها أصحاب النفوس الخبيثة على مر التاريخ حينما يعلمون بقرب سقوطهم ليملأوا الدنيا صراخًا بحجة المظلومية وأنهم أصحاب الحق لينصبوا فخاخهم لإيقاع خصومهم باستدراجهم لنزاعات فارغة مثلما وصفها أحد علماء السلاجقة في المسلسل بعد انتهائها أنها مجرد متاهة.
عمر الخيام .. البحث عن الحقيقة والإدلاء بها يكلف الكثير
يعد أكثر الشخصيات التي ما زالت تثير الجدل إلى الآن بإرثه الثقافي الكبير وأشعاره المميزة، إنه عمر الخيام الذى أجاد عبد الرحيم كمال رسم صورته طارحًا من خلاله تساؤلات عديدة من داخل نفسه التي تتوق للبحث عن الحقيقة فقط والبوح بدون حواجز عما بداخلها الأمر الذى يكلفه الكثير بعدما رآه من حوله أنه كافر وملحد أحيانًا، كما أن شهامته في زمن انعدام المرؤة كلفته الحبس مثلما حصل حينما رفض البوح بتفاصيل قلعة ألموت مؤكداً للسلطان أنه لن يسامح نفسه حينما يراها خسيسة للدرجة التي توقع بصاحبه.
حسن الصباح.. مرهب العالم وحبيس قلعته
خلال مشهد من مشاهد الحلقة الـ 25 من مسلسل الحشاشين، تكلم حسن الصباح بالحقيقة للمرة الأولى أمام برزك أميد بدون أي ادعاءات أو غرور، حينما أكد له أنه اشتاق لشم رائحة الهواء خارج القلعة، ويتمنى الخروج منها، وهو ما فعله حينما خرج بالفعل، وواجه برزك أميد بالحقيقة رداً على جملة برزك بأنه يرهب العالم وفى قلعته أقوى من خصومه ليرد عليه بالتأكيد على أنه في محبس، وهو ما يؤكد حقيقة ثابته أنه مهما بلغت قوة أصحاب الضلال من جماعات إلا أنه في سجن مهما بلغوا من قوة.
الغزالى .. شهوة العلم تتطلب المذلة
بعد ذلك يأتي الإمام الغزالى بكل ما يحمله من علم كبير، إلا أن مشهده مع زوجته بأحد الحلقات هو ما أشار لحقيقة ثابته أن من يريد العلم عليه إذلال نفسه فيه أولاً وعدم الانسياق وراء شهوة الاستماع لأنه عالم جليل حتى يتناسى البحث والتعلم والتطور أكثر، وهو ما حصل حينما ناقش الغزالى زوجته قبل السفر إلى الشام، مؤكدًا لها أنه سأم من مديح الناس له قائلاً: "الناس عماله تقول الغزالى عمل الغزالى قال والغزالى فرح وساب العلم".. ليطلب السفر ويبحث في بحر العلم ويظهر بعدها في مشهد وأمامه أهم كتبه: "إحياء علوم الدين" وكأنه لم يصل لأهم كتبه إلا بالتخلى عن المظهر والتركيز على العلم الغزير فقط وإن تطلب ذلك الزهد في الدنيا بعدما كان يكنس المسجد بنفسه.
نظام الملك.. أسير السلطة يقع في فخاخها
لعب فتحى عبد الوهاب أحد أهم أدواره في المسلسل من خلال دور نظام الملك، وهى الشخصية التي لعبها بتميز واقتدار، إلا أنه وللوهلة الأولى خلال مشاهد العمل استطاع إبراز انشغال نفسه الدائم بتحقيق أكبر نصر ممكن لها عبر بناء دولة كبيرة يكون هو عمودها الأول، وكل ما يشغله هو اسمه الأمر الذى حذرته منه زوجته خلال أحد المشاهد بقولها أنه بات وكأنه أسير للسلطة بعيداً عن منزله، ولما كان مقترب للسلطة إلى هذا الحد وقع في فخها بمجرد هرب الصباح من سجنه بعدما أصدر ملك شاه قراره بجعل نظام الملك حبيس منزله متنساياً كل ما قدمه للدولة.