تمر اليوم الذكرى الـ 125 على بدء ثورة مهاتما غاندي في الهند، حيث قام بتنظيم احتجاجات من قبل الفلاحين والمزارعين والعمال في المناطق الحضرية ضد ضرائب الأراضي المفرطة والتمييز في المعاملة، ومن خلالها بدء ثورة صناعية فى بلاده لمواجهة المحتل من خلال الصناعة.
وبحسب كتاب "كتاب الثورات" لسلامة موسى، فمع حلول سنة 1919 رأى «غاندي» أن الفرصة سانحة لأن يتوسع في رسالته ويكافح الاستعمار والاستغلال، لا في أفريقيا الجنوبية وحدها، ولكن في الهند أيضًا.
وعاد إلى الهند … وهناك دعا إلى المقاومة السلبية، بألا يتعاون الهنود مع الإنكليز، ودعا إلى مقاطعة السلع الإنكليزية، بل دعا إلى الكف عن تأدية الضرائب.
وكان ألصق هذه الضرائب بالشعب ضريبة الملح، فالفقر العام في الهند كان يحمل الفقراء على أن يقتصروا على الخبز أو الأرز لا يجدون غيرهما طعامًا، وفي مثل هذه الحال يحتاجون إلى الكثير من الملح كي يسيغوهما، فدعا غاندي الهنود إلى رحلة إلى ملاحات الشواطئ حيث يجفف الملح، وسار مع المتظاهرين نحو ثلاثين كيلومترًا على الأقدام، والشرطة المسلحة تلح عليهم بالضرب، والطريق يبلل بالدم، والاعتقالات تتوالى، ولكنهم وصلوا إلى الملاحات، وجمعوا الملح دون أن يؤدوا عنه ثمنًا.
وكانت القيمة الرمزية لهذا العمل أكبر بالطبع من القيمة الواقعية؛ لأن الهنود عرفوا منه أن الكف عن أداء الضرائب شيء يمكن التعويل عليه في مكافحة الاستعمار.
وعمم «غاندي» المغزل والمنسج، كي يزود الهنود بالقماش الوطني، بعد أن قاطعوا الأقمشة الإنكليزية، وجعل من المغزل رمزًا للديانة الوطنية الجديدة، رمزًا فقط؛ لأنه كان يعرف أن الغزل باليد لا يغني كثيرًا، وأن العبرة بإنشاء المصانع الكبيرة التي أخذت بها الهند بعد خروج الإنكليز، وكان غاندي يقول في بعض مقالاته، وهي صلوات وطنية: «إني لأخجل أن أطالب الإنكليز بالجلاء، إذا كنت لا أزال أحتاج إليهم كي أستر جسمي بالأقمشة التي يصنعونها!»
وبالغزل — بهذا الرمز — عمم «غاندي» الوجدان الصناعي في الهند، وعلم الهنود أن الأمة الراقية لا يمكن أن تقنع بالزراعة، إذ يجب أن تأخذ بالصناعة.