دنيا زاد "ميرنا نور الدين" كانت أكثر التابعين والمخلصين إيمانا بحسن الصباح في رواية الكاتب عبد الرحيم كمال، في معالجته لقصة شيخ القلعة في مسلسل الحشاشين، لكن هذا الحب الذي وصل إلى حدود السحر والإيمان انقلب إلى كره، وانقلب السحر على الساحر، وأصبحت دنيا زاد أكبر أعداء الصباح بعد قتله ابنها الأكبر الحسين، وحاولت في أكثر من مناسبة قتل شيخ القلعة المغرور، وبعد محاولات عدة نجحت في الهروب من القلعة بمساعدة ابنها الهادي، الذي جعله الصباح أميرا ووريثا لعرشه في قلعة آلموت.
مما سبق كان ضمن المعالجة التي وضعها السيناريست عبد الرحيم كمال لتاريخ فرقة الحشاشين، المليء بالأساطير والأسرار والألغاز التي لم نصل إلى حقيقة ثابتة حول الكثير عنها، لكن يبقى السؤال، ما مصير أبناء الحسن بن الصباح، وهل قتل أبناءه حقا؟
يوضح الأديب الكبير عباس العقاد في كتابه "فاطمة الزهراء والفاطميون" بعضا مما وصل عن سيرة شيخ القلعة المغرور الداهية الحسن بن الصباح، موضحا أنه استولى على قلعة "آلموت" في سنة 483 هجرية ومات في سنة 518 هجرية، فظل مالكًا لتلك القلعة باسطًا نفوذه على ما حولها خمسًا وثلاثين سنة، لعله كان خلالها أقوى رجل في الديار الإسلامية من مراكش إلى تخوم الصين، وولى عهده، وتسمَّى بالمهدي وانتحل البنوة الروحية للانتساب إلى الإمام، واستعان بتعدد المراجع في المذهب، فانفتحت أمام الحسن أبواب الدعوة لنفسه باسم "نزار".
وحول حياة الرجل في القلعة، ومن تبقى من أسرته، يقول العقاد في الكتاب سالف الذكر: إن حياة الرجل في السنوات الأخيرة من مقامه بقلعة آلموت كانت سبب في حيرة المؤرخين والباحثين النفسانيين، لافتا إلى أن الصباح لم يكد يفارق قلعة "آلموت" بعد دخولها، ولم تكن له أسرة فيها غير امرأته وولديه. وهذا الزعيم «الباطني» الذي قيل عن مذهبه: إنه ذريعة إلى استباحة المحرمات والتهالك على اللذات قد اتفق الكاتبون عنه على زهده واعتكافه وعزوفه عن المباح من الأطايب، فضلًا عن الحرام، وزعم بعض المؤرخين حين قتل ابنه أنه قتله لمخالفته إياه في شرب الخمر على الخصوص، ولم يقتل ولدًا واحدًا بل قتل ولديه الاثنين وهو في شيخوخة لا مطمع له بعدها في الذرية، وهذه هي حيرة أخرى من حيرات لا تحصى في مسلك هذا الإنسان العجيب كله، وفي مسلكه قبيل وفاته على الخصوص.
ويرى العقاد في تفسيره لإقدام الحسن بن الصباح على قتل ابنائه، وهو أيضا ما يوضح مصير الابن الآخر الهادي فيما تبقى من حلقات الحشاشين، في انتظار الرؤية الخاصة للكاتب عبد الرحيم كمال، بأنه قد يكون الولدان اللذان أمر بقتلهما قد تآمرا عليه مع بعض أعوانه المتطلعين إلى مكانه كما جاء في بعض الروايات، وقد يكون أحدهما هو الذي تآمر عليه كما هو الأرجح، ويكون ظنه بالآخر أنه لا يفلح ولا يؤمن على مصير الدولة بعده، وقد يكون بطشه بابنه في سبيل رسالته هو المسوغ المقبول أمام ضميره لإقدامه على البطش بالغرباء في هذا السبيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة