حين تتلاقح العقول, فتنجب علماً وأدباً, أفكار تثري المرء, فيحمل على عاتقه معاني جليلة, ترى العالم من زوياه المتعددة, فتتكون صورة صحيحة عن ذلك العالم, الذي نعيش فيه, وندور في فلكه. يوم من كل أسبوع يلتقي الأستاذ مع الصحفي مع رفقة وأخرين.
فيدور الحديث والسمر, في أحوال العالم, الذي ننتمي إليه, هم يخرجون إلى الحياة, لتمتلأ نفوسهم منها, وزاد لقرائحهم ونفوسهم, نقاش ونكات وضحكات وأمال وألآم, كل يُدلي بما لديه, ويتلقى الأخرين عنه, ويتلقى عنهم, نادي المدد الروحي. أخبرين صديقي عن هذا اللقاء الأسبوعي بينهم,والحفاظ عليه والشغف به, وبما يدور في جلستهم المعهودة, وما يتداولون من أفكار بينهم, إننا نحتاج إلى تعميمه, أن يكون لكل منا ناديه, الذي يلجأ إليه, يوم في الإسبوع, حياة مصغرة من الوجود الإنساني, فرصة للتغيير من نمط الحياة الجاف, من الوتيرة, التي قد تقتل في المرء الكثير, والتي تجعله أشبه بآلة, ينسى في خضمها نفسه, ومع مرور الوقت تصير عادة لعينة, تطارده فإذا حاول الهروب منها فشل, وقيدته في أغلالها وأفقدته روحه, وتيبست مشاعره, وفقدت شغفها نحو الحياة, ففي هذا النادي فرصة عظيمة للمرء, لتجديد النفس والروح, وتنشيط ملكات المرء, وابتعاث ما تراكم عليه من غبار الحياة.
إنها القيادة الحكيمة لتربية النفوس, والتوازن ما بين عالمين يكمنان في داخل الإنسان, عالم الروح وعالم الجسد, يأخذ بنصيب لكل منها, فيكون لحياته معنى, ولمعيشته قيمة, ففي عالم البيت الصغير, حياة مختلفة, لا تعطي للإنسان كل ما يريد, وقد يبدو الأب أمام أسرته بصورة مغايرة, فهو أب لأبناء, مكانته بينهم تفرض عليه كثير من الحكمة والوقار, لو ظل الإنسان على هذا النحو, ربما شعر بالكثير الذي ينقصه, ففي هذا النادي لوتعلمون شيء من الخفة والتحرر والانطلاق بين رفقائه وأقرانه, يقول ما يريد, بلا تحفظ ولا خوف, يتعافى المرء به من هموم ومسئوليات, ليعود أنشط على تحملها, وخوض غمارها, مستعدا للمزيد منها, كأنه يصنع درعا قويا يحتمي به من ضربات الملل والرتابة, إننا نحتاج أن نعمم هذه الفكرة التي لا تعد علاج وكفى, أو تسلية وكفى, بل هي تربية وزاد من العلم والمعرفة والأدب, إنه دائما ما يذكرني بصالونات العباقرة في القرن الفائت, الذي ألتف حولها الأدباء والشعراء وجهابذة العلم والأدب, كصالون العقاد ومي و غيرها من النوادي واللقاءات المستمرة, وما يدور فيها من متعة وحوارات, أثرت الحياة الثقافية, ليس في مصر فقط, ولكن في العالم العربي. فطبتم وطاب ناديكم المبجل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة