ناقش برنامج أبواب القرآن الذى يقدمه الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي "الحياة" و"إكسترا نيوز"، خلال شهر رمضان، العديد من القضايا الجدلية والشائكة، في محاولة لتفسير العديد من الموضوعات التي ذكرها القرآن الكريم، حيث حرص الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، على توضيح تلك القضايا وتبسيطها خلال حلقات البرنامج الممتدة خلال الشهر الكريم.
الرزق ليس له علاقة بالطاعة أو المعصية
وفي إحدى الحلقات أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أن الله عز وجل لا يحابي أحدًا في سنن الخلق، قائلا: "نفترض أن شخصًا عاصيًا يقوم لشغله الصبح بدري يراعي عمله ويتقنه متتبع الأمور وناجح، وأنت سايب شغلك وقاعد تظن أنك تعبد وبعيد ولا تأخذ بعالم الأسباب".
وأضاف أن الأخذ بعالم الأسباب ليس به مؤمن وكافر، متابعًا: "مفيش فيه طائع وعاصي الله بس في هذا الكون قانون السببية، وقال لك أنت عاوز تأخذ بأي شيء يعني عايز تصل لأي شيء لا بد أن تاخذ بقانون الأسباب ثم هناك استدراج، والله عز وجل قد يعطي للعاصي الكثير من باب الاستدراج، لكن الأهم هو الوقوف عند قانون السببية، وابن عطاء الله يقول "رب معصية أورثت ذلًا وانكسارًا خير من طاعة أورثت عجبًا واستكبارًا، وهنا هو في الظاهر يقارن بين معصية وبين طاعة لكن هو في الحقيقة يقارن بين معصيتين المعصية الثانية العجب الاستكبار أكبر من المعصية الأولى التي أورثت العبد الذل والانكسار، والرزق ليس له علاقة بالطاعة أو المعصية، والأهم الأخذ بالأسباب، يعني أفرض إني طائع وأجلس في المسجد ولا أعمل هل يأتيني الرزق؟ لا لا بد أن تأخذ بالأسباب".
بعض التيارات المنتمية للجماعات الإسلامية فيها استكبار على عباد الله بالطاعة
وفي إحدى الحلقات أيضا أكد أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، أن هناك بعض التيارات المنتمية للجماعات الإسلامية فيها استكبار على عباد الله بالطاعة، متابعا :"يعني في استكبار أنه هو ملتزم ويقرأ القرآن ويعمل بأحكام الله وأنه ملتزم بالسنة، تجد علوًا حتى يمكن على أهله، وهنا التعالي بالظواهر يعني هو ينظر إليك على أنك عاصي وأنك غير ملتزم وهو بهذه الأمور، وهذا ينطبق عليه حديث مسلم اللي هو تنازع عبدان".
التعالى على العصاة من أكبر المعاصى
كما أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي، في إحدى الحلقات، أن منهج التعالي على العصاة من أكبر المعاصي، متابعًا: "أنت هنا تقابل معصية بمعصية وقد تقابل معصية بمعصية أكبر، وفى القرآن الكريم هناك آية عجيبة قد لا يلتفت إليها الناس وهى وذروا ظاهر الإثم وباطنه، وإحنا نظرتنا محصورة غالبًا في ظاهر الإثم يعنى واحد مثلًا يشرب الخمر فنحن ننظر إليه أنه يرتكب معصية وهذا ظاهر الإثم وأنت اللي بتلوم عليه وتشنع عليه قد يكون قلبك ممتلئ بالحقد بالضغينة بالحسد بالكبر بالتعالي فانت أيضا مرتكب لمعصية زيه، الفرق بينكم أن هو معصية ظاهرة وأنت معصيتك باطنة، وعلماء الشريعة يقولون إن معاصي القلوب أخطر بكثير من معاصي الجوارح، والتعالي على العصاة معصية.
النبي أمر بستر زاني بينما الناس يقذفون الفتيات بالظن
كما وجه أستاذ التفسير في إحدى الحلقات، نصيحة للناس للتعامل مع العصاة، وفقا للمنهج القرآني، موضحا أن القرآن دائما يضع للعصاة باب الأمل، ولما تجد إنسانا عاصيا وندمانا لا تزيد من ألمه، وإنما ذكره هنا برحمة ربنا ومغفرته، و"نذكر الإنسان بالعقاب الشديد عندما يعصي الله وهو مستكبر غير مبالي، محذرا من قضية اجتماعية خطيرة، كثير من الناس يرفضون توبة الإنسان، يقولون يعني بعد كل هذه المعاصي والعمر يتوب، وجاي يدخل الجامع!، نعم يتوب الحديث يقول ولو كانت ذنوبك تبلغ عنان السماء، ورحمة ربنا أكبر من ذنوب البشر كلها، ولما إنسان شاف آخر يزني، النبي طلب يستره، والنهاردة الناس تخوض في الأعراض لمجرد الظن، القضايا تحتاج إلى فقه الدعوة، النصوص قدامنا والمادة الخام قدامنا، كيف نُفعّلها، ونوجه الناس بها.
وتابع :" الإنسان العاصي أمره إلى الله، إياك تحكم على العاصي الذي مات على المعصية ومات على الكبائر، إنه داخل النار أو داخل الجنة، نحن لا نعلم لأن المفاتيح ليست في أيدينا، وكنا ندرس في العقيدة في الأزهر "ومن مات ولم يتب من ذنبه فأمره مفوض لربه"، لكننا تحولنا من دعاة إلى حكام وقضاة، بينما منهج الإسلام في الدعوة أنك تؤمل وتفتح باب الأمل للعصاة وأنت تدعو الناس بالرفق واللين.
سيدنا آدم قد لا يكون أول إنسان على الأرض
كما أثار الدكتور محمد سالم قضية جدلية متعلقة بهل كان هناك خلقا قبل سيدنا آدم، حيث قال إن الحوار بين ربنا والملائكة، هدفه أن الله يريد يقول للملائكة هناك من هو أعلم منكم، وهناك من علمته ويعلم أشياء أنتم لا تعلمونها وأن له عز وجل حكمة في هذا، والمفسرين وجدوا أنفسهم أمام إشكالية كبيرة في آيات الحوار بين الله عز وجل وبين الملائكة، عندما قالوا "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك"، والإشكال هنا هل كان هناك خلق قبل آدم؟ ومن أين علمت الملائكة أن هذا الجنس البشري سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، إلا إذا كان هناك فساد وسفك دماء قبل ذلك، وبعض المفسرين كان لديه جرأة، وقال هذا بلا شك اعتراض من الملائكة على الله، أتجعل فيها من يفسد فيها، أما الأكثرية قالوا لا الملائكة يستفهمون، لا يعترضون، وإذا كان السؤال على سبيل الاستفهام، فمن أين علموا؟ إذن هناك خلق يسفك الدماء، ويفسد في الأرض، وهناك دراسات كثيرة جدا تفرق بين آدم والإنسان، وأن آدم ليس أول إنسان على الأرض، لذا هذه الآيات تحتاج إلى إعادة نظر وفكر، والبعض يقول لأ هو اعتراض، وفي هذه الحالة كيف يعترض أو كيف تعترض الملائكة على الله؟ نقول أن الله منح للخلق حق أن تعترض وأن تفهم وأن تستفهم وتسأل ليه.
تطبيق حد الزنا شبه مستحيل والدين لا يتربص بالناس ليعاقبهم
كما تحدث الدكتور محمد سالم أبوعاصي، عن صعوبة تطبيق حد الزنا، موضحا أن أصوات الإخوان كانت تعلو بتطبيق الشريعة، وعندما تسأل عن تطبيق الشريعة يحصروها في الحدود وفوائد البنوك، لكن هل فقه القرآن في هذين الأمرين فقط؟ فلو فرضنا أن دولة تطبق الحدود والمعاملات البنكية وفق الشريعة كما يدعون وتركت السنن الحضارية، والتقدم العلمي والتقدم في التعليم، وتركت الأحكام العامة في القرآن، هل يكون هذا حكم بما أنزل الله؟، وتطبيق الحدود أمر شبه مستحيل، فمثلًا حد الزنا لا يمكن تطبقه إلا إذا كان الاثنان يمارسان الزنا على قارعة الطريق، والنبي قال "ادرءوا الحدود بالشبهات"، حتى أنه في قصة الصحابي ماعز عندما ذهب إلى النبي وقال له طهرني من الزنا، الرسول قال له لعلك لامست، لعلك قبلت، فأجابه لا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة