لمصر رواية وتجربة فريدة مع التنمية، وكأن في الماضي لم يكن لدى الأنظمة السابقة رؤية جيدة تجاه التنمية والطبيعة الخاصة التي تمتلكها مصر، فعلى الرغم من أن الدولة المصرية لديها الكثير من الثروات ولكنها محاطة بالتحديات .
وربما كان ذلك السبب وراء فشل بعض من المشاريع القومية في التسعينيات أو لم تحقق الهدف المنشود منها مثل مشروع توشكي القديم، ولكن ما يتميز به هذا النظام والقيادة المصرية الحالية هو قدرة الدولة المصرية على تحديد المكتسبات والثروات وتعظيم الموارد وتحديد التحديات التي سيواجهها أي مشروع قومي، وهذا هو ما ظهر جليًا في كلمة السيد الرئيس في افتتاح سيادته لمشروع مستقبل مصر للتنمية المستدامة متحدثًا عن التحديات وعن الشح المائي وعن إرادة وحرص مصر في استغلال كل قطرة مياه حيث إن مصر ليس لديها موارد مائية فائضة عن الحاجة بل ترشيد الاستهلاك المائي وإعادة استخدام المياه في الزراعة هو ما يضمن الإدارة الجيدة لهذا المورد .
ولا شك أن مصر أتقنت الحوار وديناميكية التعامل مع القطاع الخاص، فالقطاع الخاص والقطاع الحكومي يكملان بعضهما البعض، فالحكومة تقترح المشروع القومي وتنفذ البنية التحتية بمعايير تتطابق مع موارد الدولة وأهداف الدولة بما يخدم رؤية الدولة والمصلحة العامة وتلك الأشياء لا يستطيع إيفاءها القطاع الخاص، فالقطاع الخاص يمتلك رؤية ضيقة بعض الشيء تخدم المشروع فقط وليس رؤية الدولة الموسعة، وفى نفس ذات الوقت القطاع الخاص يمتلك أدوات تشغيل وطرق لتحقيق الربح والمكسب من المشروع وصيانته واستدامة عمل المشروع لأطول فترة ممكنة، لذا تلك الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تضمن الكثير من المكاسب ؛ تطبيق رؤية وطنية وإستراتيجية عامة موضوعة من قبل الدولة، تضمن مشروعًا تكامليًا ببنية تحتية قوية من طرق وإدارة جيدة للموارد، تضمن الكفاءة ونجاح المشروع وتحقيق الربح وتضمن إنتاج زراعي وصناعي قادر على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل والمنتجات للمجتمع المصري، وهذا لم يكن موجودًا من قبل .
ولم يقتصر هذا الأسلوب من العمل على الزراعة والصناعة ولكن مسبقًا طرح السيد الرئيس فكرة مشابهة في القطاع الصحي، عندما صرح بأن الدولة على استعداد كامل أن تقوم بتطوير بعض من المستشفيات والمراكز الصحية وتقيم مدن صحية وتسلمها للقطاع الخاص لتشغيلها بالأطقم الطبية وبأساليب الإدارة الحديثة التي تضمن توفير فرص عمل وتضمن رواتب جيدة وتقديم خدمة طبية جيدة وتضمن أيضًا تحقيق الربح.
لا يستطيع القطاع الخاص أن يصل إلى رؤية وطنية إستراتيجية تجاه المشاريع القومية ولكنه يستطيع إنجاحها وتحقيق الربح منها ويضمن استدامة عملها، وذلك هو قمة نضوج رواية التنمية المصرية التي بدأتها منذ عقد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة