الحضارة المصرية القديمة كانت رائدة في حُسن إدارة المياه وتطويع مياه نهر النيل لبناء حضارة عظيمة ، و إستمر التطوير على مر العصور لكافة عناصر المنظومة المائية حتى يومنا هذا، حيث تعمل مصر على مواجهة تحديات المياه الناتجة عن محدودية الموارد المائية والزيادة السكانية ، حيث أدت الزيادة السكانية إلى تراجع نصيب الفرد في مصر من 200 متر مكعب في الستينيات من القرن الماضى إلى 1000 متر مكعب للفرد في التسعينيات لتصبح الآن في حدود 500 متر مكعب للفرد .
ووصلت إحتياجات مصر المائية حوالى 114 مليار متر مكعب من المياه سنوياً ، في حين تقدر موارد مصر المائية بحوالي 59.60 مليار متر مكعب سنوياً “ 55.50 مليار من مياه نهر النيل – 1.30 مليار من مياه الأمطار – 2.40 مليار من المياه الجوفية العميقة الغير متجددة – ٠.40 مليار من تحلية مياه البحر “ ، مع إعادة إستخدام 20.90 مليار متر مكعب سنوياً من المياه ، وإستيراد محاصيل زراعية من الخارج تقابل إستهلاك مائى يُقدر بحوالي 33.50 مليار متر مكعب سنوياً من المياه .
ودفعت هذه التحديات الدولة المصرية للبحث عن حلول على أرض مصر للتعامل الفعال مع هذه التحديات وتقليل فاتورة الإستيراد من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى كلفتها مليارات الجنيهات في ضوء ما نعانيه من الشح المائي، عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي، ومن أهم هذه المشروعات "محطة بحر البقر بطاقة 5.6 مليون م3/يوم و محطة المحسمة 1.3مليون م3/يوم و محطة الحمام 7.5 مليون م3/يوم"
وتصل طاقة الثلاث مشروعات إلى 4.80 مليار متر مكعب سنوياً ، فمحطة بحر البقر بطاقة 5.60 مليون متر مكعب/ يومياً و تهدف إلى إستصلاح 420 ألف فدان في سيناء ، ومحطة المحسمة بطاقة مليون متر مكعب/ يومياً و تهدف إلى استصلاح 42.80 ألف فدان في سيناء ، وهى المشروعات التي تم خلالها تنفيذ بنية تحتية ضخمة من السحارات أسفل قناة السويس والكبارى ومحطات الرفع وقناطر الحجز ، بالإضافة لمحطة الحمام بطاقة 7.50 مليون متر مكعب/ يومياً حيث يجرى حالياً إنشاء مسار لنقل مياه الصرف الزراعى إليها بطول 174 كيلومتر "152 كيلو متر ترع مكشوفة – 22 كيلومتر مواسير " وتضم 12 محطة رفع و 124 محطة رفع أساسية و 23 محطة رفع إحتياطية و 103 عمل صناعى .
ويعتبر مشروع محطة المحسمة من المشروعات الهامة التى تم انجازها خلال 12 شهرًا، بهدف تجميع مياه الصرف الزراعي التي كانت تُلقى في بحيرة التمساح بقناة السويس، ليتم معالجتها وضخها في ترعة سيناء الشرق واستخدامها في زراعة الأراضى بسيناء.
وتم تنفيذ هذا المشروع من خلال منظومة متكاملة لتوصيل المياه، تبدأ غرب القناة بتنفيذ عدد من الأعمال الصناعية على مصرف المحسمة، حيث تم تعديل مسار المصرف والاستفادة من مسار مصرفي "طوسون" و"الجبالي" بطول 11 كيلو مترًا ، وتنفيذ أعمال جديدة بإجمالي أطوال 3.5 كيلو مترًا ليصبح إجمالي طول المصرف 14.5 كيلو مترًا وقد بلغ إجمالي كمية الحفر لتنفيذ تلك الأعمال 1,8 مليون متر مكعب.
كما تم تنفيذ قنطرتين للتحكم في سريان المياه بالمصرف وللتغلب على فروق المناسيب على امتداد المصرف - وتصل إلى 11م - تم تنفيذ محطتي رفع بطاقة مليون م3/فى اليوم لكل منهما، بالإضافة إلى إنشاء 41 بدّالة لنقل مياه الري بين الأراضي الزراعية على جانبي المصرف
وأوضح الدكتور هانى سويلم أن هذا المشروع الهام يعد نقلة نوعية كبيرة فى مجال إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعى فى مصر ، و كان باكورة لمشروعات أكبر فى ذات المجال مثل إنشاء محطة بحر البقر التى تم الانتهاء منها وافتتاحها فى 2021 بطاقة 5.60 مليون متر مكعب يومياً ، ومحطة الحمام بغرب الدلتا والتى تم نهوها بالفعل بطاقة 7.50 مليون متر مكعب يومياً .
وأوضح أنه يتم إعادة إستخدام 21 مليار متر مكعب سنويا من المياه بتدوير المياه عدة مرات داخل شبكة المجارى المائية ، بالإضافة للمشروعات الكبرى لمعالجة مياه الصرف الزراعى والتى أضافت 4.80 مليار متر مكعب من المياه سنوياً لتصبح القدرة الاجمالية لإعادة الاستخدام فى مصر حوالي 26 مليار متر مكعب .
وأضاف أنه يتم نقل مياه الصرف الزراعي من مصرف المحسمة الواقع غرب قناة السويس عبر مسار يمتد بطول 14.50 كيلو مترًا وصولا إلى سحارة سرابيوم أسفل قناتي السويس القديمة والجديدة والتى تنقل المياه إلى محطة المعالجة الواقعة شرق القناة ليتم معالجتها ثلاثياً بطاقة تتجاوز مليون متر مكعب سنويا ، ويتم نقل المياه المعالجة بعد ذلك لرى أراضي المزارعين بمنطقة شرق قناة السويس الجديدة وسيناء بزمام 50 ألف فدان .
وأوضح أن السحارة تتكون من 4 بيارات ضخمة لاستقبال ودفع المياه ، ويبلغ عمق البيارة الواحدة 60 مترًا وطول سحارة سرابيوم 420 متر، وقد اختارت مجلة Engineering News-Record الأمريكية محطة المحسمة لتكون مشروع العام كأفضل عمل إنشائي في العالم في عام 2020 ، ضمن قائمتها التي ضمت 30 مشروعا من 21 دولة حول العالم .
كما أوضح سويلم أن مشروع إنشاء المسار الناقل لمياه الصرف الزراعي لمحطة الحمام بطاقة 7.50 مليون م٣/يوم ، و تجاوزت نسبة التنفيذ الحالية أكثر من 70% ، ويتكون المشروع من 12 محطة رفع ومسار ناقل بطول 174 كم (عبارة عن مسار مكشوف بطول 92 كم ومسار مواسير بطول 22 كم بالإضافة لإعادة تأهيل مجاري مائية قائمة بطول 60 كيلومتر .
وبين سويلم أن هذا المشروع يهدف لإستصلاح مساحات جديدة من الأراضي الزراعية إعتماداً على مياه الصرف الزراعي المعالجة كمثال للإدارة الرشيدة للمياه فى مصر وإعادة تدوير المياه عدة مرات ، مشيرا إلى أن مشروع المسار الناقل لمحطة الحمام سيضيف 2.40 مليار متر مكعب سنويا من مياه الصرف الزراعي المعالج إلى منظومة الري في مصر .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة