تتسم التسويات على مر التاريخ وخاصة في الصراعات الكبرى أو المعقدة، بأن فيها مقدار من الربح والخسارة لكل الأطراف حيث تلعب التوازنات الدولية والإقليمية وموازين القوى الدور الفعال والمؤثر في مخرجاتها وبنودها واليوم يمر على نكبة فلسطين 76 عامًا ومن هنا فإن نظرة واعية على " الفرص الضائعة" للسلام في تاريخ الصراع تشير إلى أن الفلسطينيين " لم يفوتوا أي فرصة لتفويت الفرصة"!
وبحسب المركز المصرى للفكر والدراسات تتسم القضية الفلسطينية ببعد مركزي يمنحها القدرة على التأثير إقليميا ودوليا بما يتجاوز الأطراف المباشرة للصراع. وفي هذا الإطار تسعى هذه الورقة لرصد فرص السلام المهدرة في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وذلك من منظور تاريخي:
أولا: الفترة فيما قبل قرار التقسيم وحتى يونيو 1967
خلال مؤتمر لندن أو مؤتمر المائدة المستديرة الذي انعقد في قصر " جانت جيمس" في 7 فبراير 1939 والذي دعي فيه الفلسطينيون واليهود للتباحث حول كيفية حكم فلسطين، حيث جاء المؤتمر ليلغي مشروع " بيل" للتقسيم باعتباره مشروع غير عملي، ولكن رفض مفتي القدس محمد أمين الحسيني الحضور أو الحوار وقد كانت الفرصة سانحة قبل إعلان قيام دولة إسرائيل.
وفي نوفمبر عام 1947 أصدرت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة القرار 181 الذي تبنى خطة تقسيم الأراضي إلى دولة عربية تبلغ مساحتها 42.3 ودولة يهودية بمساحة 57.7 أما القدس وبيت لحم فتم وضعها تحت الإدارة الدولية.
والقيادات الفلسطينية كالعادة رفضت الاعتراف بقرار الجمعية العامة الذي كان يعطيهم الحق في إنشاء دولة على مساحة تساوي النصف تقريبا مع إعلان دولة مستقلة والحصول على عضوية الأمم المتحدة إضافة إلى أن القدس كانت سوف تكون تحت الإدارة أو الوصاية الدولية وليست تحت السيطرة الإسرائيلية. وبعد حرب الأيام الستة عام 1967 رفض الفلسطينيون عرض إسرائيل بإعادة جميع الأراضي المحتلة (الضفة الغربية وغزة مقابل السلام، باستثناء الوضع النهائي للقدس)
ثانيا: في الفترة ما بعد حرب أكتوبر وحتى مبادرة السلام في الشرق الأوسط
مؤتمر الميناهاوس: كانت الأولوية في مصر هي إشراك الفلسطينيين في عملية السلام وفي إطار ذلك دعا الرئيس الراحل أنور السادات الفلسطينيين للمشاركة في عملية السلام، ورفض الفلسطينيون الحضور وأضاعوا فرصة بإقامة حكم ذاتي كامل للفلسطينيين في الضفة والقطاع كما نص الاتفاق على ترتيبات "انتقالية بالنسبة للضفة الغربية وغزة لفترة لا تتجاوز خمس سنوات ورسمت خارطة طريق لإقامة حكم ذاتي يشبه ما جاء في نص اتفاقية أوسلو التي وقعت في 13 سبتمبر 1993.
وفي أواخر السبعينات عرضت السعودية على الفلسطينيين الاعتراف بقرارات مجلس الأمن رقم 242 ورقم 338 مقابل أن يتم الاعتراف أمام ذلك بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني ورفض ياسر عرفات مرة أخرى. ثم طرح ولي العهد السعودي فهد بن عبد العزيز مبادرة السلام في الشرق الأوسط في 7 أغسطس عام 1981 وتهدف إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي ولكن لم تنخرط القيادة الفلسطينية لأنها انساقت وراء سياسات خاطئة تريد المتاجرة بالقضية الفلسطينية ولا تهتم بمصير القضية النهائي.
ثالثا: الفترة من مؤتمر مدريد وحتى مؤتمر أنابوليس
مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، مدريد 1991: جمع هذا المؤتمر جميع الدول الأطراف في النزاع العربي الإسرائيلي، والتي تشكل قضية فلسطين جوهرهم الأساسي، وذلك من أجل التوصل إلى تسوية شاملة من خلال مفاوضات تقوم على أساس قراري مجلس الأمن 242 لعام 1967، و338 لعام 1973، وتستند إلى مبدأ " الأرض مقابل السلام"، وكان خطى التقدم الفلسطيني فيما أطلق عليه اسم "عملية السلام" بطيئاً للغاية، خاصة وأن الفلسطينيين اضطروا للتفاوض دون وجود ممثل فلسطيني على الطاولة.
وتم التوقيع على اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 ولكن أدت حالة الانقسام الفلسطيني إلى اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية فقط وليس بدولة فلسطينية في حين أن المفوضين الفلسطينيين اعترفوا بإسرائيل كدولة وكان هذا أول الانعكاسات الكارثية لحالة الانقسام الفلسطيني. كما أن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس رفضت أوسلو وبدأت في شن عمليات انتحارية وهو ما أفشل الاتفاق وأفشل الاستفادة منه بعد عام ونصف.
وبالوصول إلى قمة كامب ديفيد 2000 فقد كانت محاولة من بيل كلينتون لمعالجة الملفات العالقة في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي منها مشكلة الحدود وعودة اللاجئين ووضع القدس الشرقية. ورغم أنه تم تقديم عرض لا يفوت لم يتم التوصل إلى اتفاق، وقام أرييل شارون بنزهة في الحرم القدسي مما أثار غضب الفلسطينيين. وأطلقت الانتفاضة الثانية.
خطة أولمرت للسلام ومؤتمر أنابوليس، 2007-2008 بموجب الاقتراح الذي عرضه إيهود أولمرت. كانت إسرائيل سوف تعيد للفلسطينيين نحو 92.7 بالمئة من الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى كامل أراضيها في قطاع غزة، بحسب مسؤولين غربيين وفلسطينيين مطلعين على المفاوضات.
وفي مقابل اراضي الضفة الغربية التي ستحتفظ بها اسرائيل اقترح اولمرت تبادل الاراضي بنسبة %5.3 مع الفلسطينيين في منطقة صحراوية محاذية لقطاع غزة. وبعد جولات تفاوض في أنابوليس انسحب الفلسطينيون من المفاوضات، هذه المرة بسبب الخلاف حول النسب المئوية لتبادل الأراضي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة