دراسة للمركز المصرى ترصد محطات مفصلية فى تاريخ النكبة الفلسطينية.. البداية بوعد بلفور وصلة اليهود تاريخيا بفلسطين والانتداب البريطانى ولجنه يونسكوب وضعوا خطه التقسيم بمساعده المليشيات المسلحة لطرد الفلسطينيين

الأربعاء، 15 مايو 2024 06:09 م
دراسة للمركز المصرى ترصد محطات مفصلية فى تاريخ النكبة الفلسطينية.. البداية بوعد بلفور وصلة اليهود تاريخيا بفلسطين والانتداب البريطانى ولجنه يونسكوب وضعوا خطه التقسيم بمساعده المليشيات المسلحة لطرد الفلسطينيين ذكرى النبكة - أرشيفية
كتب محمد عبد الرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يمر اليوم 15 مابو الذكرى ال76  للنكبة ، عندما أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها على الأراضي الفلسطينية، وحين بدأت جماعات يهودية مسلحة في السيطرة على البلاد ،و رصدت دراسة للمركز المصرى للفكر و الدراسات الاستراتيجية تاريخ النكبه و المحطات التي أدت اليها .

و قالت الدراسة أنه يتوافق يوم الخامس عشر من مايو لهذا العام مع الذكرى الـ 76 للنكبة الفلسطينية، التي نتج عنها نزوح الشعب الفلسطيني من أراضيه مقابل استيلاء إسرائيل على هذه الأراضي، الأمر الذي لا يختلف كثيرًا عما يجري اليوم من عمليات إبادة جماعية للفلسطينيين، وتهجيرهم من أراضيهم وتوسع في بناء مستوطنات غير قانونية. بعبارة أخرى، لازالت إسرائيل مستمرة في مخططها الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية، بما يعني منع قيام دولة فلسطينية مستقلة.

واستطردت أن "وعد بلفور" بأنه المحطة الأكثر أهمية في مسار تنفيذ المخطط الإسرائيلي، خاصة بعد ما تم إدراجه ضمن صك “الانتداب البريطاني” على فلسطين الصادر عن عصبة الأمم، مما عنى حينها أن القانون الدولي بات ضامنًا لمشروع إنشاء “دولة إسرائيل”.


و أكملت الدراسة أن  الوعد جاء على شكل رسالة قصيرة صدرت بتاريخ 2 نوفمبر 1917، موجهة من وزير الخارجية البريطاني اللورد "آرثر جيمس بلفور" إلى رئيس الجالية اليهودية في بريطانيا اللورد “ليونيل وولتر دى روتشيلد”، بعد موافقة مجلس الوزراء، فجاء نصها على النحو التالي: “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل أقصى جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بأي عمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.


وقد أضافت بريطانيا حينها لصك الانتداب حجية لم ترد في وعد بلفور، وهي اعترافها بـ “الصلة التاريخية” التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين. في الوقت الذي تكرر في الديباجة أكثر من مرة الإشارة إلى السكان الأصليين لفلسطين، باعتبارهم “الطوائف غير اليهودية” وهذا يشمل المسلمين والمسيحيين الذين كانوا وفق التعداد البريطاني المعتمد 1922 يمثلون 90% من السكان.


ومع ذلك، واجه المشروع الصهيوني لإنشاء دولة إسرائيلية مجموعة من الإشكاليات، تمثل أهمها في كيفية تجاوز معضلة الديموجرافيا، والتي تولد على إثرها بصورة محمومة تنظيم ورعاية؛ ما عرف بـ “موجات الهجرة” اليهودية إلى فلسطين، المسجلة في الأدبيات الإسرائيلية ووثائق الانتداب البريطاني، باعتبارها ست موجات هجرة امتدت من 1882 وحتى 1948. وجعلت من الممكن لما مجموعه (60 ألف يهودي) في فلسطين العثمانية طوال عقود ما قبل “وعد بلفور”، أن يصل عددهم إلى (700 ألف) في الدولة الجديدة عام 1948.

في بداية الانتداب البريطاني لم يكن يسمح بطرد الفلسطينيين، لكن الوصول المتزايد للأعداد الكبيرة من اليهود، خلق توترًا شعبيًا بلغ ذروته خلال فترتين، الأولى اضطرابات (1920 ـ 1921)، أعقبها “انتفاضة البراق” عام 1929، على خلفية توجه مسيرة صهيونية تجاه حائط البراق بالمسجد الأقصى، في أول محاولة تغيير للوضع الديني “الإسلامي/ المسيحي” المستقر لقرون. فيما أسفرت الفترة الثانية من اضطرابات (1931-1936) عن اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، حيث أتاح تصاعد معاداة السامية بالعديد من البلدان الأوروبية فرصة أمام الوكالة اليهودية لحل مشكلة الديموجرافيا، عبر توجيه اليهود الفارين من قمع تلك البلدان باتجاه فلسطين. ونتيجة لذلك، شهدت هذه الفترة ارتفاع في نسبة ملكية اليهود للأراضي في فلسطين إلى 5.4% من مساحتها الإجمالية، وهو ما أدى إلى تنامي الإحباط الكبير لدي السكان الفلسطينيين من حكم الانتداب البريطاني الذي بدا لهم معنيًا بشكل رئيسي بتمكين اليهود من إقامة دولتهم بمختلف السبل. وبناءً عليه، شهد عام 1933 تظاهرات فلسطينية واسعة شملت جميع أنحاء المدن الفلسطينية، كما أسهمت هذه التطورات في تشكيل النشاط السياسي والعسكري الفلسطيني والذي بلغ ذروته في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، والتي استمرت لمدة ثلاث سنوات.


وفي سبيل احتواء الوضع، أرسلت بريطانيا في نوفمبر 1936 “لجنة اللورد بيل” للتحقيق في أسباب التمرد. وفي يونيو 1937، أصدرت اللجنة نتائج مخيبة للفلسطينيين، حيث أوصت للمرة الأولى بـ “تقسيم فلسطين” لدولتين يهودية وعربية.

والثابت أن اللجنة قامت باستشارة الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية بشأن الحدود المرسومة في الخريطة المرفقة بالتقرير قبل إصداره، الأمر الذي مكنهما من إقناع البريطانيين بإدراج مناطق محددة ذات أهمية كبيرة ضمن حدود الدولة اليهودية.

وكان التقرير تفصيليًا في رسم الفكرة؛ لحد إدراجه توصية بترحيل أكثر من (200 ألف) فلسطيني من منازلهم في مناطق بعينها، لإفساح المجال أمام قيام “الدولة اليهودية” الجديدة!


و أشارت الدراسة أنه برغم تراجع حكومة الانتداب عن قرار التقسيم، ظلت ملتزمة ببحث سبل تنفيذ وعد بلفور. ولكن نتيجة لفشل دولة الانتداب في التوصل إلى صيغة مناسبة من شأنها تسوية الوضع سياسيًا وعسكريًا، اضطرت في نهاية المطاف، في إبريل 1947، إلى تحويل مشكلة فلسطين إلى الأمم المتحدة، كي تبحث مستقبلها في ظل الترتيبات الدولية الجديدة المنبثقة عن نهاية الحرب العالمية الثانية، لتصبح عمليًا الفترة بين 1947 و1949 هي الأكثر تأثيرًا في تشكيل مأساة الشعب الفلسطيني.


وفي 15 مايو 1947 أنشأت الأمم المتحدة لجنة “يونسكوب”، لوضع خطة لفلسطين ما بعد الانتداب، فقامت اللجنة بجولة في الشرق الأوسط وفي أوروبا، وفي نهاية عملها توصلت بناء على اقتراح غالبية أعضائها، إلى خطة لـ “تقسيم فلسطين” إلى دولتين يهودية وعربية، وجعل مدينة القدس ومحيطها منطقة دولية. وتبين أن الحدود التي وضعتها اللجنة لم تكن عملية، إذ تتألف كل من الدولتين المقترحتين من ثلاثة أجزاء أساسية بالكاد يتصل كل منها بالآخرين. كما أعطت اللجنة للدولة اليهودية مساحة أكبر من مساحة الدولة العربية، في حين كان نصف سكانها فقط من اليهود. ومع ذلك، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947 لصالح هذه الخطة، وأسرع الجانب اليهودي بالموافقة على قرار التقسيم بشكل علني، فيما رفضته الدول العربية و”الهيئة العربية العليا” التي كانت بمثابة القيادة الفلسطينية الفعلية، مما تسبب في اندلاع القتال بعد تصويت الأمم المتحدة.


و أردفت الدراسة أن معادلة الالتجاء إلى القوة المسلحة؛ لم تكن متكافئة بالمرة، فالمجموعات الفلسطينية ظلت طوال الوقت أقل عددًا وأسوأ تنظيمًا بكثير من الميليشيات اليهودية، التي تجهزت لتلك اللحظة طوال سنوات، وكانت مشاركة عدد كبير منهم في مسارح عمليات الحرب العالمية الثانية المختلفة سببًا رئيسيًا في إنتاج “كادر عسكري” مدرب ومؤهل. فأمام عدم وجود قوة قتالية فلسطينية بالمعنى الصحيح للكلمة؛ كانت هناك ميليشيا “الهاجاناه” و”البالماخ” تضمان قوات هجومية متفرغة ومدربة، على استخدام معظم أنواع الأسلحة الكافية لإدارة قتال منظم.


وبذلك، تمكن الكيان الصهيوني من تثبيت أقدامه على أرض فلسطين، وبات جاهزًا لتنفيذ المخطط الذي عمل عليه لسنوات، لتبدأ بذلك ما يسميه الفلسطينيون، وفق ما يليق به، “النكبة الكبرى”، والتي تعبر عن أكبر جريمة تهجير قسري في التاريخ ضد شعب أعزل.

فقد ظل الكيان الصهيوني مدركًا طوال الوقت أنه دون “التهجير القسري” للفلسطينيين، لن يتحقق حلم “دولة إسرائيل”. فحصيلة جهد “الوكالة اليهودية” بعد عقود من العمل على توطين اليهود وزرعهم قسرًا على الأراضي الفلسطينية، بالكاد يبلغ الثلث من عدد السكان الذي قُدر من جانب الأمم المتحدة بنحو (مليون نسمة)، هم إجمالي سكان الدولة التي يُجرى تقسيمها، لتصبح دولة يهودية تبلغ 56.5% من مساحتها، في مقابل 43.5% لصالح الفلسطينيين الذين بدأ تأكيد تسميتهم في كل الوثائق الدولية بالمكون العربي، حتى تكتمل أدوات نزعهم من أراضيهم وجنسيتهم، فتلك الأرض حتى هذا التاريخ كانت تسمى “فلسطين”.

ولذلك جرى على نحو متسارع، وبعد أسابيع قليلة من صدور قرار التقسيم، تنفيذ خطة التهجير القسري للقسم الأعظم من الفلسطينيين. وقد جرت على عدة مراحل وبأشكال متنوعة بحسب الموقع الجغرافي والمكون الديموغرافي لكل قرية ومدينة.

وبحلول مايو 1948، كانت القوات الصهيونية العسكرية قد أتمت الاستيلاء على عدد من المدن الفلسطينية الكبرى، مثل يافا وحيفا وطبريا فضلًا عن مساحات واسعة من أراضي الدولة العربية المقررة بموجب قرار التقسيم. فر الفلسطينيون أمام الفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية منذ صدور القرار الأممي، واستمرت طوال الأشهر الأولى من 1948 وصولًا إلى الرابع عشر من مايو، اليوم الذي غادر فيه آخر الجنود والإداريين البريطانيين فلسطين، لتطوى صفحة “الانتداب البريطاني”.

وفى الخامس عشر من مايو 1948، دخلت تحت سقف جامعة الدول العربية وحدات عسكرية من مصر والأردن والسعودية والعراق وسوريا ولبنان، للدفاع عن الفلسطينيين وعن الأراضي التي أقرها قرار التقسيم الأممي للدولة العربية في فلسطين. لكن التعاون والتنسيق بين الوحدات والسرايا العربية لم يتجاوز في أي من مراحل تلك المهمة الإطار الشكلي، فقامت القوات التابعة لكل دولة بالعمل منفردة في ميادين متفرقة بحسب النطاق الجغرافي المتاح لكل منها، كما شاب عملها الميداني في المجمل محدودية الفاعلية لافتقار الإمكانيات البشرية والتسليحية، فضلًا عن غياب الانضباط الخططي التكتيكي والاستراتيجي على حد السواء. لذلك بات من السهل على القوات الصهيونية التي استعدت لهذه الخطوة وتحضرت لها جيدًا خلال سنوات الانتداب، أن تكون أكثر فاعلية في الميدان.

في تلك الحقبة لم يكن هناك ما يعوض هذا الخلل فى الخبرة والإمكانيات، سوى الشجاعة والإيمان بعدالة القضية الفلسطينية، لكن تلك المثل والقيم الإنسانية وصلت بالكاد لأن تحقق الجيوش العربية الحد الأقصى من التقدم الممكن على الجبهات المختلفة، قبل أن تقوم الأمم المتحدة بترتيب هدنة قصيرة في 11 يونيو لنحو شهر تقريبًا، كي يتمكن جيش الدولة الوليدة “إسرائيل” من ترتيب أوضاعه وتموضعه على الأرض قبل استئناف المعارك في 8 يوليو حتى العشرين من نفس الشهر. تمكن الجيش الإسرائيلي في هذه الفترة من الاستيلاء على مدن الناصرة والرملة واللد، وعشرات من القرى التابعة للبلدات الفلسطينية.

كما استغلت إسرائيل فترة الهدنة المرتبة مع حلفائها، فى تعويض ما استهلكته من أسلحة وذخائر في الفترة الأولى من الحرب، وتمكنت في وقت قياسي مخطط له منذ صدور قرار التقسيم من تشكيل قوة “سلاح جو” ضخمة، حيث قام كبار الأثرياء اليهود بالتعاون مع الوكالة اليهودية بتمويل صفقات مع تشيكوسلوفاكيا، لشراء عدد كبير من الطائرات المقاتلة وصلت بالفعل إلى فلسطين إبان القتال الدائر منتصف 1948. وعندما احتاج هذا السلاح إلى تعزيز وفق ما اقتضته سير المعارك والرغبة في الحسم السريع، جرى تعزيز “سلاح الجو” الإسرائيلي خلال الهدنة بمجموعة من الطائرات الأمريكية.

ورغم كل هذا احتاجت إسرائيل بشدة إلى وقف القتال مرة أخرى، ما دفع الأمم المتحدة لإعلان هدنة ثانية أطول استمرت من 18 يوليو إلى 15 أكتوبر، ليعاود الجيش الإسرائيلي بعدها القتال وينجح في الاستيلاء على بقية الجليل شمالًا والنقب جنوبًا، وباستكمال المدى الجغرافي لمخطط إنشاء “الدولة الإسرائيلية”، أعلن عن انتهاء القتال وانتصار المشروع الاستيطاني على أرض فلسطين.


 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة