نواصل قراءة كتاب "الكامل في التاريخ" لابن الأثير، ونتوقف اليوم مع ولادة شيث ابن سيدنا آدم، فما الذي يقوله الكتاب في ذلك؟
يقول ابن الأثير:
تحت عنوان "ذكر ولادة شيث":
ومن الأحداث في أيامه ولادة شيث، وكانت ولادته بعد مضيّ مائة وعشرين سنة لآدم، وبعد قتل هابيل بخمس سنين، وقيل: ولد فرداً بغير توأم، وتفسير شيث هبة الله، ومعناه أنه خلف من هابيل، وهو وصيّ آدم، وقال ابن عباس: كان معه توأم، ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى شيث وعلّمه ساعات الليل والنهار وعبادة الخلوة في كل ساعة منها وأعلمه بالطوفان، وصارت الرياسة بعد آدم إليه، وأنزل الله عليه خمسين صحيفة، وإليه أنساب بني آدم كلّهم اليوم. وأما الفرس الذين قالوا إن جيومرث هو آدم، فإنهم قالوا: ولد لجيومرث ابنته ميشان أخت ميشى، وتزوج ميشى أخته ميشان فولدت له سيامك وسيامي، وفولد لسيامك بن جيومرث افروال ودقس وبواسب واجرب واوراش، وأمهم جيمعاً سيامي ابنه ميشي، وهي أخت أبيهم؟، وذكروا أن الأرض كلها سبعة أقاليم، فأرض باب وما يوصل إليه مما يأتيه الناس براً وبحراً فهو من إقليم واحد وسكانُه ولد افروال بن سيامك وأعقابهم، فولد لافروال ابن سيامك من افرى ابنة سيامك أو شهنج بيشداد الملك، وهو الذي خلف جدّه جيومرث في الملك، وهو أول من جميع ملك الأقاليم السبعة، وسنذكر أخباره.
وكان بعضهم يزعم أن اوشهنج هذا هو ابن آدم لصلبه من حواء. وأما ابن الكلبي فإنه زعم أن أول من ملك الأرض أو شهنق بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، قال: والفرس تزعم أنه كان بعد آدم بمائتي سنة، وإنما كان بعد نوح بمائتي سنة، ولم تعرف الفرس ما كان قبل نوح. والذي ذكره هشام بن الكلبيّ لا وجه له، لاأن أوشهنج مشهور عند الفرس، وكل قوم أعلم بأنسابهم وأيامهم من غيرهم، قال: وقد زعم بعض نسّابة الفرس أن أوشهنج هذا هو مهلائيل، وأنّ أباه أفروال هو قينان، وأنّ سيامك هو أنوش أبو قينان، وأن ميشي هو شيث أبو أنوش، وأنّ جيومرث هو آدم، فإن كان الأمر كما زعم فلا شكّ أن أوشهنج كان في زمن آدم رجلاً، وذلك لأنّ مهلائيل فيما ذكر في الكتب الأولى كانت ولادة أمّه دينة ابنة براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين بن آدم وأتاه بعدما مضى من عمر آدم ثلاثمائة سنة وخمس وتسعون سنة، وقد كان له حين وفاة أبيه آدم ستمائة سنة وخمس وستون سنة على حساب أن عمر آدم كان ألف سنة، وقد زعمت الفرس أن ملك أوشهنج كان أربعين سنة، فإن كان الأمر على ما ذكره النسّابة الذي ذكرت عنه ما ذكرت فيما يبعد من قال: إن ملكه كان بعد وفاة آدم بمائتي سنة.