في مثل هذا اليوم 17 مايو عام 1805م تولى محمد علي باشا حكم مصر، ويعتبر حكمه علامة محورية فى تاريخها، حيث قام بتحديثها بعد القضاء على المماليك، وما نستعرضه عبر السطور المقبلة هو كيف كانت حياة محمد على سيرته الأولى.
وُلد محمد علي باشا ابن إبراهيم أغا من سلالة ألبانية ببلدة "قولة" أحد الموانئ الصغيرة على الحدود بين تراقية ومقدونية عام (١١٨٣ﻫ/١٧٦٩م)، وهو العام الذي وُلد فيه "ولنجتون" القائد الإنجليزي العظيم «ونابليون» الفاتح الكبير، ولكلٍّ منهما أثر عظيم في تاريخ حياة المترجم، وإنه لمن العبث أن نسرد هنا الأقاصيص التي تُعزَى إليه في حداثة سنه، إذ لم نعثر عليها في أصل يعتمد عليه، وفقا لما ذكر في كتاب "تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر"، لعمر الإسكندرانى وسليم حسن.
توفي والده إبراهيم أغا وهو في سن الطفولة، فتولى أمره عمه "طوسون"، غير أن هذا وافته المنية بعد مدة وجيزة، فقام بأمر تربيته أحد أصدقاء والده، وقد تبناه وعني به حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره، فتعلم طرفًا من الفروسية واللعب بالسيف، ثم زوّجه إحدى قريباته، وكانت من ذوات اليسار، وخدم حاكم قولة، واكتسب رضاه بما كان يأتيه من ضروب المهارة والحذق في جباية الأموال من القرى المجاورة التي كانت لا تؤدي ما عليها إلا بالشدة واستعمال القوة الجبرية، وأعانته ثروة زوجته على الاتجار في الدخان، فاصطحب المسيو "ليون" أحد صغار التجار، ويغلب أنه كان وكيلًا لأحد المحال التجارية بمرسيليا مسقط رأسه، وشاركه في الاتجار في هذا الصنف، فلم تعد عليه هذه التجارة بالأرباح الطائلة، إلا أنه استفاد فائدة جمة من مرافقته للمسيو "ليون"، فاكتسب منه كثيرًا من العادات والآداب الفرنسية التي تركت في نفسه أثرًا عظيمًا، وساعدته مساعدة كبيرة في بقية أطوار حياته.
هذا كل ما رواه التاريخ من سيرته الأولى، وهو يحملنا على أن نترك الثلاثين سنة الأولى من تاريخ حياته صحيفة بيضاء، وذلك أمر لا بد منه لمن نشأ في بلدة صغيرة لم تكن ذات شأن كبير من قبل.