أجمع مفكرون ومثقفون وشعراء على أن فتح جميع متاحف الآثار على مستوى الجمهورية أبوابها اليوم، السبت، مجاناً من شأنه تعزيز قيمة الهوية الوطنية وترسيخ مفهوم "الوعي" لدى المصريين، موضحين أن المتاحف المصرية تضم تاريخا عظيما وسيرا مهمة وكنوزا حقيقية على مستوى الفنون أو الشخصيات أو التاريخ أو الثقافة أو العمق الحضاري.
وذكر المفكرون والمثقفون، في أحاديث منفصلة، أن فتح أبواب المتاحف بشكل مجاني اليوم يأتي فى سياق ما تبذله الدولة المصرية من جهود من أجل تربية النشء على احترام التاريخ لإعلاء الهوية الوطنية وتأصيلها ، مشيرين إلى أهمية أن يعرف المواطنون ، لاسيما الأجيال الشابة ، تاريخ بلادهم وذلك من أجل ترسيخ مفهوم "الوعي" في المجتمع المصري.
وتفتح جميع متاحف الآثار على مستوى الجمهورية والتابعة للمجلس الأعلى للآثار أبوابها اليوم مجاناً لزائريها من المصريين، احتفالاً بيوم المتاحف العالمي والذي يوافق 18 مايو من كل عام وذلك في إطار استراتيجية قطاع المتاحف المصرية للمشاركة في جميع الفعاليات والمناسبات التراثية والثقافية المحلية والدولية، ضمن خطتها لرفع الوعي الأثري والثقافي والسياحي لدى جميع جمهوره من الزائرين واستقطاب جميع أفراد المجتمع المصري بمختلف أطيافه وفئاته العمرية.
من جانبه، أكد الدكتور محمود أبو النصر أن فتح أبواب المتاحف للزائرين من المواطنين مجانا يكشف عن استراتيجية الدولة تجاه المعركة الرئيسية التي تخوضها الدولة ألا وهي "بناء الوعي" الذي يعد مقوما أساسيا لبناء الإنسان، لافتا إلى أن الوعي يستطيع أن يخلق أجيالا يكون منهجها التفكير الإبداعي وتكون قادرة على التفاعل مع قضايا الوطن بإيجابية.
وشدد أبو النصر، المقرر السابق للجنة تنمية الثقافة العلمية والتفكير الابتكاري بالمجلس الأعلى للثقافة، على ضرورة أن يعرف المواطنون لاسيما الأجيال الشابة تاريخ بلادهم وذلك من أجل ترسيخ مفهوم "الوعي" في المجتمع المصري.
وأوضح أبو النصر، الذي يتولى حاليا برئاسة الجامعة العربية المفتوحة بمصر، أن قضية بناء الوعى الوطني تمثل محورا أساسيا في منظومة بناء الإنسان وهي أحد ركائز "الجمهورية الجديدة".
ويعد اليوم العالمي للمتاحف احتفالا دوليا ينظمه المجلس الدولي للمتاحف منذ عام 1977، وكان الهدف من الاحتفال، إقامة حدث سنوي لزيادة توحيد التطلعات والجهود الإبداعية للمتاحف وتوعية الجمهور العالمي إلى أنشطتها المختلفة عن طريق إطلاق العديد من الفعاليات والندوات التي تُبرز دور المتاحف في المجتمع.
وفى السياق ذاته، أكدت الدكتورة رانيا يحيي عميد المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون أن مصر هي بلد الحضارة والتاريخ وهي البلد الذي علم العالم كله العلوم والفنون والرياضة والهندسة والفلك والمعمار ، معتبرة أن المتاحف المصرية تضم تاريخا عظيما وسيرا مهمة وكنوزا حقيقية على مستوى الفنون أو الشخصيات أو التاريخ أو الثقافة أو العمق الحضاري الذي تمثله.
وقالت إن مبادرة الزيارة المجانية للمتاحف كافة هي مهمة وهادفة وستؤتي الغرض منها وهو تشجيع المواطنين على الذهاب إلى المتاحف بكافة أشكالها وأنواعها لما لها من دور مهم في التاريخ الوطني ، لذا ، وجب على الآباء والأسر أن تدرجها (أي المتاحف ) على قائمة اهتماماتهم لدى تربية الطفل والنشء لما تتركه من أثر جيد على شخصيته لأنه سيعرف تاريخ وطنه وعظمته.
وأضافت أن تلك المبادرة سيكون لها أثرها الإيجابي على الفرد والأسرة والمجتمع، لافتة إلى أن مصر تحوي عددا كبيرا من المتاحف ليس على المستوى التاريخي ، فحسب ، إنما هناك متاحف فنية مثل متحف سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأمير الشعراء أحمد شوقي وغيرها من متاحف كبار الفنانين التشكيليين.
وتلتقط أطراف الحديث الشاعرة شيرين العدوي بقولها إن مصر لو ظلت على مدار سنوات عمرها المقبل كله تقيم متاحف لكفت العالم وزادت لأن بلدا مثل مصر لا يتوقف كشفها الأثري، ولا ينضب معين حضارتها ، مشيرة إلى أن يوم الآثار العالمي الموافق يوم ١٨ مايو والذي بدأ منذ عام ١٩٧٧ يأتي للتأكيد على حضارات الأمم وربط الإنسان بمنجز الآباء والتعريف بقيمة المنجز الإنساني في تطور العلوم والفنون.
وأضافت الشاعرة شيرين العدوي عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة أن مصر باعتبارها أهم دولة حضارية تحتفي بهذا اليوم بشكل مختلف إذ تفتح كل أبواب المتاحف مجانا لكل الزوار ويتبنى كل متحف مبادرة ترتبط بأهمية مقتنياته وسلسة من المحاضرات التي من خلالها يعرف الجمهور بتاريخ تلك المقتنيات وأهميتها ، في صنع الحضارة والتاريخ ، معربة عن أملها أن يكون هذا اليوم على مدار كل الشهور ويرتبط بالجامعات والمدارس لتنمية النشء على احترام تاريخهم وقيمة منجزهم لإعلاء الهوية الوطنية وتأصليها.
وبدوره ، قال الأديب إيهاب القسطاوي : "إن المتاحف تعد بمثابة الخزانة الجامعة لصون التراث الثقافي من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى آخر ، والمعيار الحقيقي الذى يعكس مدى التطور الثقافي والحضاري".
وأوضح أن أهمية المتاحف تكمن في سعيها إلى الربط بين الهويَّة ، ومسألة الامتداد الحضاري ، مشيدا بقرار فتح المتاحف مجانًا للجمهور بالتزامن مع يوم المتاحف العالمي ، معربا عن أمله أن تشرّع المتاحف أبوابها ليلاً ونهاراً مجانا وطوال العام ، لتكون حائط صد منيع في مواجهة تهميش دور التراث والثقافة".
ورغم أهمية فتح المتاحف في هذا اليوم ، اقترح الدكتور شوكت المصري أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون أن يستمر فتح المتاحف مجانا أمام المواطنين الزائرين طوال العام وليس في هذا اليوم أو خلال أسبوع فقط.
وشدد على ضرورة أن تنال المتاحف النصيب الأوفر من رحلات الطلاب سواء في المدارس أو الجامعات حيث تشترط المدرسة أو الجامعة لكي توافق على تنظيم الرحلة أن يكون على رأس برنامجها أحد المتاحف كي يزوره الطلاب، معتبرا أن هذا الشرط سيضمن للمتاحف آلافا من الزائرين الشباب.
وأشار إلى أهمية دور النقابات وجمعيات خدمة المجتمع وتنميته في الترويج أيضا للمتاحف المصرية ، مشددا على ضرورة أن تكون تلك المتاحف جزءا مهما وأصيلا من ثقافة المواطنين لاسيما الشباب والأطفال منهم ، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة تبني استراتيجية للترويج لهذه المتاحف.
ويرى الباحث والكاتب عبدالله الصاوي، مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالله الصاوي للحفاظ على تراث الكاريكاتير المصري أن فتح أبواب المتاحف للزائرين مجانا اليوم يأتي من أجل تشجيع السياحة الداخلية وربط المصريين لاسيما الأجيال الشابة بوطنهم.
ودعا الصاوي إلى تكرار ذلك الأمر وعدم الاكتفاء بيوم واحد وانما يجب أن يكون الأمر متكررا على مدار خمس مرات في العام ، مطالبا أن يكون لمصر يومها الخاص بها لفتح متاحفها الوطنية مجانا للشباب وللأسر المصرية.