أعدّت منظمة الأمم المتحدة تقريرا حول أهم المعلومات المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، وذلك علي خلفية آخر المستجدات وقيام المدعي العام للمحكمة، كريم خان، بتقديم طلبات للدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة لإصدار أوامر بإلقاء القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق أحداث 7 أكتوبر على فى غزة.
ووفق الأمم المتحدة تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، لمحاكمة المتهمين بأخطر الجرائم، وضمان وصول الضحايا إلى العدالة، وإجراء محاكمات عادلة، واستكمال عمل المحاكم الوطنية.
تمّ إنشاء المحكمة مع الوضع في الاعتبار"ملايين الأطفال والنساء والرجال" الذين وقعوا ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزّت ضمير الإنسانية بقوة . وهي أول محكمة جنائية دولية دائمة في العالم أُنشئت بموجب معاهدة للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة الإبادة الجماعية وجريمة الاعتداء ومقاضاة المسؤولين عنها.
ونجحت المحكمة في محاكمة أفراد بشأن جرائم حرب ارتكبت في يوغوسلافيا السابقة، بما في ذلك في سريبرينيتشا، وقامت بتسوية قضايا ذات أهمية للعدالة الدولية، وتسليط الضوء على جرائم استخدام الجنود الأطفال، وتدمير التراث الثقافي، والعنف الجنسي، والهجمات على المدنيين الأبرياء. من خلال أحكامها، تعمل المحكمة تدريجا على بناء سوابق قضائية موثوقة.
وحققت المحكمة في بعض من أكثر الصراعات عنفا في العالم، بما في ذلك الصراعات في دارفور وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغزة وجورجيا وأوكرانيا. وهي تعقد حاليا جلسات استماع علنية في 31 قضية. وتشمل قائمة أوامر الاعتقال الخاصة بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة الي آخرين.
إلا أن إصدار مذكرات اعتقال وإلقاء القبض على المدعى عليهم يمثل تحديا للمحكمة. فلا يوجد لديها شرطة لتنفيذ أوامرها، وهيتعتمد على الدول الأعضاء في ذلك.
لا تكتفي المحكمة بمقاضاة المسؤولين عن أكثر الجرائم جسامة ومعاقبتهم بل تضمن أيضإ سماع صوت المجني عليهم. والمجني عليهم هم الذين لحق بهم ضرر من جراء أي جريمة تندرج ضمن اختصاص المحكمة.
ويشارك المجني عليهم في جميع مراحل الإجراءات القضائية للمحكمة. وقد شارك أكثر من عشرة آلاف مجني عليه في الإجراءات القضائية، فيما تحافظ المحكمة على اتصال مباشر مع المجتمعات المتضررة من الجرائم الواقعة ضمن ولايتها القضائية من خلال برامج التوعية.
وتسعى المحكمة أيضا إلى حماية سلامة الضحايا والشهود وسلامتهم الجسدية والنفسية. ورغم أن الضحايا لا يستطيعون رفع قضايا، فإنه يجوز لهم تقديم معلومات للمدعي العام، ولا سيما من أجل تقرير ما إذا كان يتعين فتح تحقيق.
ويعمل الصندوق الاستئماني للضحايا التابع للمحكمة الجنائية الدولية حاليا على جعل أوامر المحكمة الأولى بشأن التعويضات حقيقة واقعة. ومن خلال برامج المساعدة التي ينفذها، قدم الصندوق الاستئماني أيضا الدعم الجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي لأكثر من 450 ألف ضحية.
ووفق التقرير الأممي يعتبر المتهمون أبرياء حتى تُثبَت إدانتهم أمام المحكمة بشكل لا يدع مجالا لأي شك معقول. ولكل متهم الحق في إجراءات نزيهة وعلنية. وللمشتبه بهم والمتهمين أمام المحكمة حقوق أساسية منها: الحق في أن يتم إعلامهم بالتهم الموجَّهة إليهم والحق في أن يتاح لهم ما يكفي من الوقت والتسهيلات لكي يُحضّروا دفاعهم، والحق في أن يحاكَموا بدون تأخير لا موجب له، والحق في اختيار محام بحرّية، والحق في تلقي الأدلة المبرّئة من المدعي العام.
وفي سنوات المحكمة العشرين الأولى، واجه المشاركون في الإجراءات عددا كبيرا من التحديات الموضوعية والإجرائية الجديدة وهم موجودون على بعد آلاف الكيلومترات من مسرح الجرائم. إضافة إلى ذلك، للجرائم التي تُعنى بها المحكمة طابع خاص. وكثيرا ما تكون جرائم جماعية تتطلب كما كبيرا من الأدلة وقدرا كبيرا من الجهود لضمان سلامة الشهود. والإجراءات معقّدة والمسائل التي يجب حلّها خلف الكواليس متعدّدة في إطار كل قضية.
ولفت التقرير إلى أنه بدعم من أكثر من 120 دولة طرفا من جميع القارات، أثبتت المحكمة الجنائية الدولية نفسها كمؤسسة قضائية دائمة ومستقلة. ولكن خلافا للأنظمة القضائية الوطنية، لا تمتلك المحكمة شرطة خاصة بها. وتعّول على تعاون الدول، بما في ذلك تنفيذ أوامر الاعتقال أو الاستدعاء.
كما لا توجد أراض تابعة للمحكمة لتنقل إليها الشهود المعرضين للخطر. وبالتالي، تعتمد المحكمة الجنائية الدولية، إلى حد كبير، على دعم الدول وتعاونها.