علينا أن نعى جميعًا حجم المسئولية الملقاة على عاتقنا، ونتجاوز الارتباط الشكلى بالوطن عبر البطاقة الشخصية وجواز السفر، ونقف لنسأل أنفسنا ماذا قدمنا لهذا الوطن غير التذمر والشكوى والتباكى والإحباط، وهل نحن مواطنون صالحون هدفهم الرقى ببلادهم ورفع اسمه عاليًا فالوطن للجميع، ومسئولية خدمته والحفاظ على مكتسباته وثرواته وقيمه ومبادئه مسؤولية جميع أبنائه ومواطنيه.
إن تخلى الإنسان عن مسئوليته تجاه وطنه يجرف المجتمع إلى هاوية الانزلاق نحو الأفكار السلبية والممارسات السيئة، ما يهدد البناء الأخلاقى والاجتماعى فعلى سبيل المثال التجاوزات الصغيرة تحولت من سلوك أخلاقى مُحرم إلى ممارسات عادية وطبيعية ظناً من مرتكبى هذه التجاوزات أنها لا تؤثر فى شىء فطبقاً لمعايير العمل الدولية أن لكل مجموعة من المواطنين موظف وليس لكل موظف أو صاحب دور وجوبى رقيب أو حسيب لأن فى ذلك عبء ثقيل لا تستطيع أى دولة تحمله مهما بلغت قوتها الاقتصادية، فانعدام القيم الأخلاقية السليمة يدفع الجميع إلى العبث والفوضى والتسيب بمقدرات البلاد، وتغليب المصالح الشخصية على مصلحة الوطن ليلحق الضرر بالاقتصاد الوطنى.
إن تنمية مفاهيم التربية الوطنية ومقوماتها ناحية حيوية بحيث تكون تربية قادرة على العطاء والتميز، ويجب غرس حب الوطن، حيث يحيا فى قلب كل مواطن ويتجسد هذا الحب بالعمل والعطاء والإخلاص له وقوة الإيمان به وعمق التصور واستيعاب العصر ومعرفة مشاكله وهمومه وعلله، والنظر بشمولية إلى أهمية ذلك لإعداد المواطن الصالح.
هكذا تُبنى الأوطان، برؤية واضحة، وأدوات جادة لتنفيذ تلك الرؤية، وإرادة صلبة على مواصلة العمل تحت أى ظرف، وفى مواجهة أى عقبات، وأتصور أن السنوات العشر الماضية أثبتت صحة الرؤية التى بدأتها البلاد بعد ثورة 30 يونيو 2013، كما اختبرنا طيلة ذلك العقد صلابة الإرادة السياسية لمواصلة العمل والتمسك بالنجاح.
وأعتقد أننا أمام تحدٍ يفرض علينا ضغوطًا أكبر لمضاعفة العمل والاستمرار فى نهج التحديث الشامل للدولة، وهو تحدى الزمن، فقد ضاع من الوقت الكثير ونحن نواجه أزمات داخلية بالغة التعقيد، واضطرابا إقليميا غير مسبوق، وكوارث وتوترات دولية تضع العالم على حافة خطر حقيقى فلنكن على قدر مسئولية الحدث لأن بلادنا تنتظر منا الكثير وحقها علينا الصبر والمثابرة.
ومع ذلك استطعنا رغم كل هذه التحديات قهر المستحيل وأن نهزم الإرهاب ونواصل بناء بلدنا، ونستعيد زخم دورنا الإقليمى، ونوسع من دوائر تحركنا عالميًا، كل هذا دون أن نفقد البوصلة، أو نستسلم ليأس يتملك كثيرين بيننا ومن حولنا، بل كان التحدى والإصرار سلاحنا للنجاة، وأداتنا للمواجهة.
اليوم من حقنا أن نتأمل ما أنجزناه فنزهو ونفرح وأن ننظر إلى المستقبل فنضاعف الكد والعمل وأن نشهد ما يجرى من حولنا فنحمد الله على ما أنعم به علينا من استقرار وتماسك فى ظل موجة عاتية من الأزمات، فى مقابل ذلك قيادة سياسية تجيد قراءة ما يجرى بعمق، ولا تغامر ولا تخاطر بمستقبل الوطن، بل تواصل البناء بالعلم والعمل، وكانت الكلمة التى استهل بها الرئيس السيسى عهده مع المصريين عندما قال "لا أملك لكم سوى العمل، ولا أطلب منكم سوى العمل"، ولا يزال باقيًا على العهد محافظًا عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة