سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 23 مايو 1941.. «أسمهان» تكشف لمحمد التابعى عن سفرها لسوريا فى مهمة لصالح المخابرات البريطانية وتطلب قسمه على المصحف ليحافظ على سرها

الخميس، 23 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 23 مايو 1941.. «أسمهان» تكشف لمحمد التابعى عن سفرها لسوريا فى مهمة لصالح المخابرات البريطانية وتطلب قسمه على المصحف ليحافظ على سرها أسمهان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تلقى الكاتب الصحفى محمد التابعى، اتصالا من المطربة أسمهان تسأله عن إمكانية مقابلته فى المساء لأمر مهم، وفى الساعة الثامنة مساء الجمعة 23 مايو، مثل هذا اليوم،1941، جلست أمامه لتحدثه فى أخطر مهمة ستقوم بها، ولم تفصح لأحد بها.


كان التابعى «1896-1976»، وقتئذ نجما صحفيا ومالكا لمجلة آخر ساعة التى أسسها عام 1934، وكانت أسمهان مطربة يصفها هو فى كتابه «أسمهان تروى قصتها»: «صوتها فيه حزن يستعصى على الوصف، وإن استراحت له الأذن»، وجمع بين الاثنين علاقة حب وغرام وخطوبة لم تتوج بالزواج.
يؤكد أن صلته بها توثقت عام 1939، ويصفها: «كانت فيها أنوثة، ولكنها لم تكن جميلة فى حكم مقاييس الجمال، وجهها المستطيل، وأنفها الذى كان مرهفا أكثر بقليل مما يجب، وطويلا أكثر بقليل مما يجب، وفمها الذى كان أوسع بقليل مما يجب، وذقنها الثائر أو البارز إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب، عيناها كانت كل شىء، فى عينيها السر والسحر والعجب، تعرف كيف تستعمل سحر عينيها عند اللزوم، وكانت تسرف فى الشراب على نحو لم يعهده فى امرأة سواها، حتى أنها لخصت نفسها بأنها لا تستطيع أن ترى الكأس ملانة ولا تستطيع أن تراها فارغة».


يكشف «التابعى»، عن أنه ينقل ما حدث بينه وبينها يوم 23 مايو 1941 من مذكرات مطولة سجل فيها بتاريخ مساء 24 و26 مايو كل التفاصيل التى سمعها منها، ويذكر فى كتابه «أسمهان تروى قصتها» أنها فتحت حقيبة يدها، وأخرجت مصحفا صغيرا كانت تحمله معها دائما، ومدت إليه الكتاب الكريم وقالت له: «أقسم على القرآن الشريف ألا تبوح لأحد بكلمة واحدة مما سأقصه عليك الآن إلى أن تنتهى مهمتى، رد وهو يبتسم: هذه ميلودراما، إيه الحكاية؟، قالت أسمهان: أقسم أولا، فقال: وإذا رفضت، ردت: فى هذه الحالة لن تعرف سبب سفرى، فسألها: سفرك فين؟، أجابت: إلى الشام، يوم الاثنين».


تناول «التابعى» من يدها المصحف وأقسم، وبدأت تتكلم، وتبوح بالسر، يعلق: «عجبت ودهشت، كيف أن بريطانيا التى كانت تجتاز وقتئذ أحلك فترة من فترات الحرب لجأت إلى المطربة أسمهان، لتستعين بها على دخول سوريا ولبنان، لكن بريطانيا لم تلجأ أو تستعين بالمطربة أسمهان، وإنما لجأت أو استعانت بأسمهان «الأميرة الدرزية»، مطلقة أمير جبل الدروز، ابن عمها حسن الأطرش».


يضيف التابعى: «بدأت أسمهان تروى القصة وأنا فى شبه حلم، فقد عرفت بسر خطير من أسرار الحرب، سر يوشك أن يغير الأوضاع العربية فى الشرق الأوسط، ويبدل الموقف فى الركن الشرقى فى حوض البحر الأبيض المتوسط».


قالت أسمهان، إنها كانت تتناول العشاء على سطح «الكونتننتال» مع بعض الأصدقاء، وكان يجلس إلى مائدة قريبة «مستر نابيير» مدير قسم الدعاية والنشر بالسفارة البريطانية، ونهض من مكانه وتقدم نحوها وحياها، مؤكدا أنه يعرفها جيدا، لأنه شغل منصب قنصل بريطانيا فى دمشق سنوات عديدة وعرف هناك أسرة الأطرش «أسرة أسمهان»، وقال لها: إن المصادفة الطيبة هى التى ساقته ذلك المساء، لأنه يود مقابلتها منذ يومين لأمر مهم فيه نفع لها ولبلادها.
اتفق الاثنان على اللقاء، وزارها «نابيير» مساء الخميس، ثم اصطحبها إلى بيت مستشار شؤون الشرق الأوسط بالسفارة البريطانية «مستر سمارت»، وكان «روبرت بلوم كلايتون» قائد المخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط موجودا، وقالت أسمهان: «اتفق الاثنان معى على أن أسافر بالطائرة إلى القدس يوم الاثنين، وسوف أقيم ثلاثة أيام فى فندق الملك داود، وسيقابلنى رجل إنجليزى سيعطينى التعليمات، وبعد ذلك سأذهب إلى عمان، ومن حدود شرق الأردن أدخل سوريا».


أضافت: «سيدفعون لى جميع نفقاتى، وسيضعون تحت تصرفى فى فلسطين وعمان أربعين ألف جنيه لأوزعها على رؤساء قبائل البادية، وأنا على موعد غدا الساعة الثانية مع الجنرال «كلايتون» فى مسكنه بشقة رقم 54 بشارع قصر النيل رقم 8».


يوضح «التابعى» رد فعله لأسمهان، إذ قال ساخرا: «يعنى عايزة تعملى «ماتا هارى» بتاعة الحرب دى»، فردت: «ماتا هارى، كانت جاسوسة تعمل للمال، وتخون بلادها من أجله، أما أنا فأريد أن أخدم بلدى»، ثم هزت كتفيها بضجر وهى تتحدث عن أحوالها فى مصر قائلة: «قل لى أقعد فى مصر أعمل إيه؟.. أعيش منين؟.. سمعت أنت نفسك كلام الناس عنى بالحق وبالباطل، والحبة عملوها قبة، وأجرى فى محطة الإذاعة لا يكفينى وأنا أمقت الغناء فى الأفراح والحفلات العامة، وكنت أرجو بعد نجاح فيلم «انتصار الشباب»، أن يقتصر عملى على السينما وحدها ولكن ظهر أخيرا أن العقد المبروم بينى وبين الدكتور بيضون منتج الفيلم يمنعنى من العمل فى أى فيلم آخر لمدة عامين، ومضى منهما عام واحد، يعنى على أن أدبر عيشى لمدة عام عن غير طريق السينما، فماذا أفعل».


يذكر «التابعى» أنها قالت له إن مستر سمارت حذرها من أن تبوح بشىء لأحد، وأضافت: «ذكر اسمك أنت بالذات لأنه يعرف كل شىء عن علاقتنا، ولكننى لم أستطع أن أخفى سرى عنك، ولأننى أعتمد على رأيك».. واستمرت الأحداث فى اليوم الثانى.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة