يستمر تغير المناخ فى التسبب فى العديد من الأزمات فى أوروبا، من الأزمات الغذائية والصحية مع انتشار الأمراض والحشرات، بالإضافة إلى الحرارة القاتلة التى تؤدى إلى العديد من الوفيات، حيث ارتفعت الوفيات الناجمة عن الحرارة بنسبة 9% فى القارة العجوز.
وأشارت صحيفة لاراثون الإسبانية، إلى فى تقرير تشير تقديراتها إلى أن الوفيات المرتبطة بالحرارة زادت بنسبة 9% ــ مع متوسط زيادة قدره 17 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة بين عامى 2003-2012 و2013-2022 ــ وخاصة فى جنوب أوروبا (11%)، فضلاً عن أيام موجة الحر، التى ارتفعت بنسبة 41%.
وكذلك الحال بالنسبة للملاءمة المناخية لمختلف مسببات الأمراض وناقلات الأمراض الحساسة للمناخ، مثل حمى الضنك والملاريا والقراد، كما أن شدة وتواتر الظواهر المناخية المتطرفة، ومن بينها حرائق الغابات والجفاف، تشكل مصدر قلق خاص.
امتدت ساعات الخطر لممارسة النشاط البدنى (بسبب خطر الإجهاد الحراري) إلى ما بعد الساعات الأكثر حرارة فى النهار خلال الفترة 1990-2022 سواء بالنسبة للأنشطة متوسطة الشدة (على سبيل المثال، ركوب الدراجات أو كرة القدم) أو للأنشطة المجهدة (على سبيل المثال، لعبة الركبى أو ركوب الدراجات الجبلية)، مما قد يؤدى إلى تقليل الأشخاص لنشاطهم البدنى المعتاد، وبالتالى زيادة خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية.
كما أن عدم كفاية الطعام يشكل مصدر قلق أيضًا، حيث يعانى ما يقرب من 60 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائى المعتدل أو الشديد فى أوروبا، ويمكن أن يعزى 11.9 مليون منهم إلى عدد أكبر من أيام موجة الحر وأشهر الجفاف.
ويسلط انخفاض الإنتاج الغذائى الرئيسى فى الاتحاد الأوروبى فى السنوات الأخيرة بسبب الظروف الجوية السيئة، الضوء على هشاشة الأمن الغذائى فى المنطقة.
تعتبر البطاطس من أهم الزراعات التى تساهم فى تحقيق الأمن الغذائى، كونها واحدة من المحاصيل الغذائية الخمسة الرئيسية المستهلكة فى العالم بحسب الأمم المتحدة، فإنتاج البطاطس يدعم الجهود المبذولة للحد من الجوع وسوء التغذية والفقر، ويصون التنوع البيولوجى، ولكن يبدو أن هذه الزراعة تعانى من مشكلة كبيرة فى القارة الأوروبية سببها عوامل الطقس، حيث بات نقص البطاطس فى القارة يمثل خطرًا حقيقيًا، ومشكلة لأحد أغذيتها الأساسية، فالفرد الأوروبى يستهلك فى المتوسط نحو 90 كيلوجرامًا من البطاطس سنويًا، وهى أعلى كمية استهلاك للفرد مقارنة بأى منطقة فى العالم.
والمشكلة التى تعانى منها زراعة البطاطس فى أوروبا مرتبطة بأزمة المناخ، فبحسب تقرير نشرته خدمة كوبرنيكوس لمراقبة المناخ التابعة للاتحاد الأوروبى والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن أوروبا شهدت فى الأشهر الماضية هطول أمطار أكثر بنسبة 7 % من النسب التى كانت تسجل فى الفترات نفسها بين الأعوام الممتدة بين 1991 و2020.
وفيما يتعلق بالاختلافات الاجتماعية والاقتصادية، فقد لوحظ أن الأسر ذات الدخل المنخفض كانت أكثر عرضة للمعاناة من انعدام الأمن الغذائى وأن التعرض للتلوث الناجم عن حرائق الغابات كان أكبر فى المناطق المحرومة للغاية.
ومع ذلك، فإن الوتيرة التى تتحرك بها البلدان الأوروبية نحو صافى الانبعاثات الصفرية لا تزال غير كافية. وفقا للمسار الحالى لأوروبا، من المتوقع أن يتم تحقيق الحياد الكربونى بحلول عام 2100. وللوفاء بتوصيات التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) للوصول إلى صافى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2040، ينبغى خفض الانبعاثات من أنظمة الطاقة الأوروبية.
كما حذر تقرير نشرته صحيفة الدياريو الإسبانية من تأثير تغير المناخ السلبى على حصول الأوروبيين على الغذاء، حيث أنه وفقا لاستطلاعات منظمة الأغذية والزراعة الأوروبية، فإن 16.3% من سكان أوروبا يزعمون أنهم يأكلون بعض أنواع الطعام، و14.4% لا يستطيعون تناول الطعام الصحى، و10.6% أكدوا أنهم يأكلون أقل مما ينبغى فى العادة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه من بين 60 مليون شخص يعانون من مشاكل انعدام الأمن الغذائى المعتدلة أو الشديدة، يُعزى ما يقرب من 12 منهم إلى ارتفاع درجات الحرارة وأشهر من الجفاف، وفقا للاستطلاع.
وأشار إلى أنه ارتبط عدد أكبر من أيام موجة الحر بزيادة نقص الغذاء بنسبة 1.12 %، فى حين أدى تزايد تواتر حالات الجفاف إلى زيادة انعدام الأمن الغذائى بمقدار 0.47 %، مقارنة بالمتوسط العالمى فى الفترة من 1981 إلى 2010، مع زيادة المخاطر بين ذوى الدخل المنخفض الناس.
وفى عام 2020، بلغ متوسط سعر زيت الزيتون فى إسبانيا فى المنشأ 1.90 يورو للكيلو الواحد؛ وفى بداية عام 2024، ومع انخفاض المحاصيل بسبب الحرارة والجفاف، اقتربت الأسعار من تسعة يورو. وعلى الرغم من الأدلة الوفيرة على أن تغير المناخ يؤدى إلى تفاقم التفاوتات الصحية القائمة، فإن التقرير يوضح أن هذا التقاطع المهم لا يؤخذ فى الاعتبار فى الأبحاث أو السياسات أو وسائل الإعلام.
وكان ما يقدر بنحو 60 ألف حالة وفاة مبكرة فى عام 2022 مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، ويستمر العدد الإجمالى للوفيات الناجمة عن درجات الحرارة القصوى فى الارتفاع، حيث ارتفعت الوفيات فى 771 من أصل 823 منطقة تمت دراستها: تشير التقديرات إلى أنه كان هناك 50.8 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة بين عامى 2003 و2021، لكن فى الفترة من 2013 إلى 2022 ارتفع المعدل إلى 68. وهذا الرقم، علاوة على ذلك، يكاد يكون مضاعفا فى النساء (88.4) عنه لدى الرجال (55.9).
وتسبب تغير المناخ فى خسائر فادحة للقارة الأوروبية بقيمة أكثر من 13.4 مليار يورو خلال عام 2023 وهو ثانى أكثر الأعوام حرارة فى تاريخ القارة، بحسب وكالة كوبرنيكوس الأوروبية لتغير المناخ.
وفقدت القارة العجوز نحو 62 ألف شخص فى عام 2022، جراء ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة خلال فصل الصيف، بحسب دراسة صادرة عن مجلة ناتشر ميديسين، وكان معظم ضحايا التغيرات المناخية من النساء وكبار السن فوق 65 عامًا.