ـ مصر دائما مستهدفة وجزء من التحديات التى تواجه أى مخطط معلن وغير معلن فى المنطقة
ـ علاقات مصر مع أى دولة تنطلق من ثوابت واضحة أهمها احترام القانون الدولى وتقدير الجهود التى تدعم السلام
فى ظل تداخل كبير فى التقارير والآراء والمعلومات حول طبيعة ودور الموقف المصرى فى دعم وتأييد القضية الفلسطينية، وكذلك التشويش حول طبيعة التعامل المصرى مع الإشكاليات المتطورة يوميا فيما يخص قطاع غزة، والحدود المصرية الفلسطينية، نحاول فى 30 سؤالا مباشرا وغير مباشر، مما يشغل العقل القومى المصرى، أن نجيب على كل الأطروحات المتداولة والتى يتم النقاش حولها حاليا فى ظل الأحداث، أيضا حرصنا فى الإجابات على استقاء الآراء الرسمية وغير الرسمية، وكذلك بعض المعنيين والمتداخلين مع الشأن العام فى هذا الاتجاه؛ لعلها تكون وسيلة تعريفية للجميع للوصول لرؤية ومقاربة للموقف المصرى العام فيما يخص الوضع فى فلسطين المحتلة.
ما هى العناوين الرئيسية حول أشكال الدعم المصرى للقضية الفلسطينية؟
مصر تدعم فلسطين سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا واجتماعيا، كما تقوم بدور رئيسى بالمفاوضات عبر الأجهزة المعنية بالملف، وأيضا تقوم بدور رئيسى فى المساعدات الإنسانية التى وصلت فى وقت من الأوقات إلى نسبة مساهمة تصل إلى أكثر من 80 %.
ما أهم ملامح الدور الذى تقوم به الأجهزة المعنية؟
منذ اللحظة الأولى وأجهزة الدولة المعنية فى خلية متابعة يومية، وترفع تقاريرها اللحظية للرئيس عبدالفتاح السيسى. وقد انخرطت فى دور الوساطة مع الجانب القطرى والأمريكى، وأسفرت تلك المفاوضات عن الهدنة الأولى التى خرج فيها فلسطينيون وإسرائيليون فى المقابل، كما واصلت جهود الوساطة بين الطرفين، فى ظل إشكاليات صعبة للغاية.
ما هى أبرز التحديات فى فكرة الوساطة بين الأطراف؟
الصعوبة الأولى، تتمثل فى رفض كل طرف للآخر، كما أن كل طرف يؤمن بأحقيته فى تنفيذ رؤيته، وهذا التحدى الرئيسى، فكيف يمكن تقريب وجهات نظر بين أطراف متحاربة على الأرض، لذلك فالجهد مضاعف للغاية، وتبذل فيه مصر دورا عظيما للحفاظ على الثوابت الوطنية المصرية، وأهمها دعم القضية الفلسطينية.
هل تتعرض مصر لضغوط دولية غير معلنة؟
مؤكد أن مصر تعرضت لضغوط كبيرة، وكذلك إغراءات، حتى تعود عن توجهاتها الرئيسية فى القضية الفلسطينية، وكذلك للضغط على موقفها الرسمى الواضح ضد كل التوجهات الإسرائيلية، لكن مصر كانت قوية للغاية فى رفض تلك الضغوط، وهو الأمر الذى يتضح فى فشل مخطط التهجير الذى كانت تدعمه إسرائيل ومن فى حكمها.
متى أدركت مصر أن مخطط التهجير جزء رئيسى من الحرب فى غزة؟
أدركت مصر مبكرا منذ الأسبوع الأول للحرب، أن هناك نية مبيتة لدى كيان الاحتلال الإسرائيلى لدعم مخطط التهجير، وذلك تماشيا مع حكومة اليمين المتطرف فى إسرائيل، وسعيها لاحتلال القطاع وتطهيره طوعا أو قسرا، وظهرت التصريحات المصرية مبكرا فى رفض كل مخططات التهجير، حتى لا يتم تصفية القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذى حافظ على ثبات الكتلة الداخلية.
مصر تقف مع من فى غزة والضفة الغربية؟
تقف مصر مع مؤسسات الدولة الوطنية، وتدعم الجهد الواضح للتقريب، للوصول لصيغة رسمية يعترف بها العالم كليا، وهو موقف مصرى واضح مع كل الدول التى يقع فيها الأمر ذاته، ولذلك مصر تدعم التقارب ولم الشمل الفلسطيني، وهو موقف دائم ومستمر من قبل 7 أكتوبر 2023.
هل العلاقة بين مصر وإسرائيل علاقة جيدة؟
علاقة مصر مع أى دولة فى العالم جيدة، لكنها تنطلق من ثوابت واضحة، أهمها احترام القانون الدولى، ومراعاة حقوق الجيرة، والانصياع للقرارات الأممية، وتقدير الجهود التى تدعم السلام، وتلك المحددات إذا انطبقت على أى دولة؛ فإن مصر ستكون لها علاقات جيدة معها.
هل مصر مستهدفة ضمن مخطط «غير مُعلن فى المنطقة»؟
من يقول عكس ذلك، فعليه أن يقرأ التاريخ، فمصر دولة كبيرة للغاية، وزخم تاريخها وشعبها حاضر فى الأذهان، لذلك فهى دائما مستهدفة، وهى جزء من التحديات التى تواجه أى مُخطط مُعلن وغير معلن فى المنطقة، ولذلك هناك ضغوط متداخلة، لكن الأهم هو تكاتف الجبهة الداخلية المصرية ضد تلك المخططات.
هل مصر تمتلك سيناريوهات للمواجهة؟
نعم.. مصر تمتلك سيناريوهات مخطط لها بعناية، وتم تطويرها للتعامل مع كل المستجدات، لمراعاة تطورات مسرح العمليات فى فلسطين، وكذلك تطورات الرؤى الإقليمية للقضية، وتلك السيناريوهات تم إعدادها بشكل عملى للغاية، ويراعى الظروف والواقع وكل التشابكات.
هل تلك السيناريوهات تتضمن إجراءات تصعيدية؟
بكل تأكيد، فإجراءات مصر التصعيدية بدأتها منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة، حينما طالبت بضرورة وقف اطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية، وكذلك صياغتها السحرية لأزمة معبر رفح فى البداية.
هل الجيش المصرى أحد تلك السيناريوهات؟
الجيش المصرى جزء رئيسى من قدرات الدولة المصرية، وخلال السنوات الماضية تم تطوير قدراته بشكل كامل، وتم رفع إمكانيات كل أفرع الجيش، ورفع مستويات المعدات والأفراد لأقصى درجة ممكنة، بالإضافة للحفاظ على استمرارية تلك الحالة، لذلك فالجيش تحت طوع وأمر القائد الأعلى للقوات المسلحة فى كل القرارات، وهو موجود دائما وجاهز لتنفيذ التعليمات متى تطلب الأمر ذلك.
مرة أخرى.. هل يعنى هذا أن جيش مصر جاهز؟
نعم.. جيش مصر جاهز لأى سيناريوهات تحمى مصر وتراعى أمنها القومى، وهى جهوزية مرتبطة بقدرته على الدفاع، فالجيش المصرى جيش دفاع عن الوطن، ولا يرى أن الهجوم هى الوسيلة الأنسب، حتى وإن كان يمتلك زمام القوة والمبادرة!، فهو جيش يحمى ولا يعتدى، ويؤمن بالقوة الرشيدة المؤتمنة على مقدرات الوطن، والتضحيات التى تم بذلها للوصول للشكل الحالى لمصر.
للمرة الثالثة وبكل وضوح.. يعنى إيه جيش مصر جاهز؟
يعنى الجيش المصرى مستعد تماما لتنفيذ أى أوامر عليا تصدر إليه، ولديه قدرة على التفاعل السريع، والتنفيذ بشكل واضح ومخطط للإجراءات للحفاظ على الأمن القومى المصرى، وتحقيق السيادة الوطنية المصرية على حدودها، وفى ذلك الشأن لا يتم جره لمعارك تفرضها أطراف أخرى وفق حساباتهما.
متى نعرف أن هناك من يحاول انتهاك السيادة الوطنية المصرية؟
حينما يتحرك الجيش المصرى.. حينها سيعرف الجميع.
هل الأمن القومى المصرى مرتبط بالحدود مع فلسطين المحتلة فقط؟
الأمن القومى المصرى مسؤول عن كل حدود مصر الجنوبية والشمالية والشمالية الشرقية والغربية، وكل التهديدات والتحديات، فى الأولويات لدى عقل القيادة المصرية، وتسير فيها بعلم وخبرة وتجربة، ولذلك فإن التداخل ضمن حيز الأمن القومى هو حيز سيكون معروف وقت التعامل معه.
هل ما يحدث فى باب المندب يعتبر متداخلا مع شؤون الأمن القومى المصرى؟
يجب أن نعود للأصل فى تلك القصة؛ فالحوثيون تحركوا بناء على رأى مُعلن يقول يجب وقف إطلاق النار فى غزة، ولذلك كان أولى بالدول التى تشارك فى ضرب اليمن أن يتم وقف الحرب فى غزة أولا، وبعدها ستكون حجة الحوثيين قد زالت.
لو تحدثنا عما يتم تداوله بين عامة الناس عن معاهدة السلام والاتفاق الأمنى؟
يجب ونحن نذكر هذا الأمر، أن نفرق بين خطوتين، الأولى، أن مصر على لسان بعض مسؤوليها والبرلمانيين تحدثوا حول معاهدة السلام والنظر فيها، ورغم ذلك فمصر ما زالت تريد الحفاظ على الأوضاع، حتى تكون وسيلة دعم للقضية الفلسطينية، لكن فى حالة التمادى فإن معاهدة السلام تقع ضمن السيناريوهات المطروحة، وبخطوات مكتوبة ومتدرجة، كما يجب ألا نغفل الخطوة الأخرى التى يجب النظر فيها بعناية، وهى أن مصر أيضا قامت بالتواجد فى مناطق تدخل ضمن معاهدة السلام، ولم يكن هذا أمرا خافيا على الجميع.
لكن إسرائيل أعلنت عبر وسائل إعلامها وكل التابعين لها دخولها محور فيلادلفيا.. أى ضمن المنطقة «د» فى المعاهدة؟
نذكر مرة أخرى، أن مصر أيضا متواجدة ضمن المنطقة «ج» المقبلة، كما أن كيان الاحتلال الإسرائيلى هو كيان احتلال، وقد كان موجودا فى نفس المنطقة قبل عام 2005 قبل أن يخرج من القطاع، ولم نقل وقتها إنه يخترق المعاهدة، لكن فى جميع الأحوال، مصر تعرف جيدا حتى الآن الخط الذى يجب أن تتحرك فيه.
هل يعنى هذا أن مصر لديها خطط غير معلن للتحرك؟
بكل تأكيد.. نعم نعم نعم
هل معاهدة السلام تقيد مصر فى إجراءاتها؟
مصر تلتزم بالمعاهدة منذ أكثر من 45 عاما لقوة جيشها، وهى أيضا تحترمها كما تحترم كل المعاهدات والمواثيق، لكن ذلك الالتزام منبعه الرئيسى، هو التزام أطرافه، لذلك يجب أن يعود الجميع للمعاهدة ونصوصها لمعرفة مدى التزام طرفيها.
الحديث حول الأنفاق جهة مصر وبينها وبين القطاع؟
مؤكد أن مصر أعلنت فى تقارير رسمية صادرة عن القوات المسلحة المصرية، أنها طهرت تلك المنطقة من الأنفاق، ووصل عددها إلى ما يقرب من 3 آلاف نفق، ولم تطهرها بالأدوات الأحدث فى العالم، بل طهرتها بدماء الشهداء والمصابين، وهى أنفاق كانت على أعماق مختلفة، وقامت مصر باجراءات متطورة للغاية لتأمين ذلك النطاق.
ماذا تعنى كلمة «لم تطهرها بالأدوات الأحدث»؟
يعنى هذا أن مصر كانت فى وقت من الأوقات تطلب معدات أحدث، لكن لظروف ما لم تستطع الحصول عليها، ولذلك قامت مصر بغلق كل فتحات الأنفاق القادمة إليها من القطاع.
هل هذا كان بالتنسيق مع أى طرف؟
كنا نغلق الأنفاق حماية لسيادتنا الوطنية، لا نتعاون مع أحد، ولا نطلب إذنا من أحد، بل هى قطع لكل وسيلة لاختراق سيادتنا الوطنية، وقد فعلنا ذلك كما قلنا بالدماء التى أوصلتنا لمرحلة الكنس الكامل للأرض.
البعض تحدث عن دور تلك الأنفاق فى تهريب السلاح فى السبعة أشهر الماضية؟
الإجابة هنا بسؤال أيضا، هل استخبارات أمريكا وإسرائيل ومن فى حكمها لا يمكنها رصد أى سلاح تم تهريبه على حد زعمهم؟ ولماذا لم يعلن عن ضبط أو رصد حتى بالصورة أى تهريب للسلاح كما يقولون؟ لذلك فالإجابة بكل تأكيد أن السلاح لدى فصائل المقاومة كثير من مصادره معروفة.
ما هى مصادر السلاح لدى فصائل المقاومة؟
الإسرائيليون يعرفون المصادر جيدا.. وإن كان جزء كبير منها من التصنيع المحلى.
بالعودة لقطاع غزة.. هل تدير مصر القطاع فى أى مرحلة؟
لا بكل تأكيد.. مصر لن تدير قطاع غزة أو تشارك فى الحكم أو التأمين، ولن يكون لمصر أى تواجد هناك، والدور الوحيد الذى يجب أن يكون هناك هو للسلطة الفلسطينية، حتى لو تم تطوير منظمة التحرير بشكل ما.
لكن هناك ضغوط على مصر للقبول بإدارة أو المشاركة فى تأمين غزة؟
مصر رفضت كل تلك الضغوط، ولن توافق عليها، وكل ذلك متوقف أيضا على وقف إطلاق النار فى القطاع، والقبول بالمبادرة المصرية.
بالنسبة للمعبر.. هل تدير مصر معبر رفح البرى؟
أيضا مصر ترفض تماما القيام بدور السلطة الفلسطينية فى معبر رفح البرى جهة قطاع غزة، وتعتبر أن تلك الجهة محتلة الآن، ويجب أن تعود إدارتها للسلطة الفلسطينية.
هل ستشارك مصر فى مستقبل غزة بعد وقف الحرب؟
مصر دورها الرئيسى هو دعم القضية الفلسطينية، وشغلها الشاغل حاليا هو دعم الخطوات المُعلنة من وقف لإطلاق النار، ودخول المساعدات، وعودة المواطنين.
بعد كل تلك الإجابات هل يمكن القول بأن هناك حلا لما يحدث؟
نعم وبكل تأكيد.. هناك حلول، وهناك أمل، وسيكون هناك تحقيق وتعويض.
p