تزداد عزلة إسرائيل على الساحة العالمية في الآونة الأخيرة حتى وجد بنيامين نتنياهو وحكومته أنفسهم محاصرين وسط تحديات قانونية عدة وتوترات بالرأي العام العالمي على مستوى الشعوب والحكومات على حد السواء.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست، أن نتنياهو لا يزال مصرا على المضي قدما في حربه على قطاع غزة التي بدأها في السابع من أكتوبر الماضي رغم تزايد الغضب العالمي والدعوات الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار، الأمر الذي وضع نتنياهو وحكومته امام اثنين من أهم المحاكم في العالم.
وأمر رئيس محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على رفح الفلسطينية، خلال فعاليات جلسة إصدار حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة.
وقبل ساعات من ظهور الحكم، تحدى المسئولين الإسرائيليين المحكمة وتعهدوا بمواصلة ما وصفوه بالكفاح ضد المسلحين.
وفي وقت سابق، من هذا الأسبوع، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه تقدم بطلب لإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من كبار قادة حركة حماس، بينما وصف نتنياهو وعدد لا يحصى من المسئولين الإسرائيليين الآخرين التطورات بأنها فاضحة، وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن ومجموعة من المشرعين الأمريكيين الآخرين عن غضبهم مما أسموه بـالتكافؤ الظاهري الذي رسمه المدعي العام بين الجرائم المزعومة لقيادة حماس والجرائم الإسرائيلية.
ووفقا للتقرير، ثقل الأدلة التي تدين نتنياهو وجالانت جميعها يتركز حول تعمد إسرائيل استخدام المجاعة كسلاح في الحرب وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة إلى جانب سلوك الجيش الإسرائيلي خلال الحرب والذي تسبب في أضرار غير مسبوقة داخل القطاع، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة بين صفوف المدنيين.
وقال كريم خان تعليقا على ذلك: "رغم أي أهداف عسكرية قد تكون لمثل هذه العمليات إلا أن الوسائل التي اختارتها إسرائيل لتحقيق ذلك في غزة هي وسائل إجرامية" ، مشيرا إلى أعمال القتل ضد المدنيين العزل والتسبب عمدا في المجاعة والمعاناة الشديدة والإصابات التي يتعرض لها أهالي القطاع وتصل إلى حد بتر الأطراف.
وفي حال أصدرت الغرفة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت، فإن الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة سوف يكون عليها التزام بموجب المعاهدة بإلقاء القبض على الإسرائيليين إذا وطأت أقدامهم أراضيها، مع الإشارة إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل لم توقعا على نظام روما الأساسي، وهي الوثيقة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية.
لكن القوى الغربية الأخرى وقعت على تلك الوثيقة، كما أعربت مجموعة من الدول الأوروبية عن دعمها لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية، ووصف نتنياهو وعدد من المسؤولين الإسرائيليين هذه التطورات بأنها "فضيحة"، لكن التطورات كانت أسرع هذا الأسبوع مع انضمام إسبانيا والنرويج وأيرلندا إلى 140 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة واعلانهم الاعتراف رسميا بدولة فلسطين.
وقالت واشنطن بوست، أنه بغض النظر عن حقيقة أن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة لا تلوح حاليًا في الأفق على أرض الواقع، إلا أن هذه الخطوة الرمزية تأتي في أعقاب الدمار الذي لُحق بغزة والشعور المتزايد بين مراقبي الصراع بأن الطريق الوحيد للسلام للإسرائيليين والفلسطينيين هو إحياء حل الدولتين.
معارضة الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل بقيادة نتنياهو ودعم القوميين اليمينيين إقامة دولة فلسطينية وسلام مستدام دفع دول أخرى في الغرب إلى الانتباه للحاجة لتعزيز وإحياء حل الدولتين، وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة طالما رفضت أي اعتراف رسمي بدولة فلسطين يسبق التوصل لاتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلا أن واشنطن اعترفت هذا الأسبوع بأن إسرائيل على خلاف متزايد مع الجزء الأكبر من المجتمع الدولى.
وقال البيت الأبيض: باعتبارنا دولة تقف بقوة في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، فقد شهدنا بالتأكيد مجموعة متزايدة من الأصوات، بما في ذلك الأصوات التي كانت في السابق تدعم إسرائيل، تنجرف في اتجاه آخر.
وقال المستشار جيك سوليفان للصحفيين: إن هذا الأمر يثير قلقنا لأننا لا نعتقد أن ذلك يساهم في أمن إسرائيل وحيويتها على المدى الطويل وهذا شيء ناقشناه مع الحكومة الإسرائيلية.