مصر الخضراء، كلمة شاسعة التفاصيل، تحمل فى طياتها الكثير والكثير من المشروعات البيئية والصناعية الصديقة للبيئة، كجزء من استراتيجية مصر 2030 لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، وتحويل التحديات البيئية إلى فرص استثمارية، وأخذت الدولة المصرية منحنى تصاعدى فى اتجاه السياحة البيئية باعتبارها المستقبل لما تتمتع به مصر من مميزات طبيعية وتنوع بيولوجى لا يضاهيه أي دولة أخرى.
بدأت تجربة مصر الخضراء منذ سنوات طويلة، وبالتحديد حين استضافت مصر قمة التنوع البيولوجى عام 2018، وخلال المؤتمر أعلن الرئيس ضرورة الدمج بين ثلاث قضايا بيئية مهمة لايمكن مناقشة ايا منها بمعزل عن الاخرى، وهى قضايا التصحر والتنوع البيولوجى، والتغير المناخى، وفكرة أن يتحدث رئيس لأول مرة عن الملف البيئى ويدعمه منحت الملف قوة وتميز لم يكن موجودا فى السابق، وكان هذا هو كلمة السر الرئيسية فى تطور ملف البيئة.
إعلان المدن الخضراء بالمحافظات، كان له أساس من رصيد مصر فى المحميات الطبيعية التى بلغت حوالى 30 محمية، استقرت وزارة البيئة على تطوير11 محمية منها، بدأت بشرم الشيخ أو مبادرة جرين شرم، لتحويل كل شىء فى المدينة لصديق للبيئة، وتلها اعلان مدينة الخارجة بالوادى الجديد اول مدينة خضراء، وحاليا تستعد وزارة البيئة لإطلاق مشروع الغردقة الخضراء وتطوير 4 محميات طبيعية بمحافظة البحر الأحمر
يعد مشروع دمج التنوع البيولوجى مع المحميات الطبيعية، أحد الطرق التى اتاحت فرصا اوسع لنطاق السباحة البيئية، وخاصة من خلال المشروع الذى تدعمه اليونيدو منظمة الأمم المتحدة والذى يهدف إلى صون التنوع البيولوجى وربطه بالقطاع السياحى فى مصر والرؤى المستقبلية للوزارة للحفاظ على الموارد الطبيعية.
وفى هذا السياق أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن مشروع دمج التنوع البيولوجى فى السياحة فى مصر يعد من اصعب المشروعات التى عملت عليها الوزارة بدءاً من التحضير له نظراً لتعقد صياغة مفاهيم المشروع، كذلك محدودية خبراء التنوع البيولوجى على المستوى العربي، بالإضافة إلى تحدى طرح قضايا حسن إدارة الموارد الطبيعية فى القطاع السياحى والذى يعد قطاع اقتصادى حيوى فى مصر.
واضافت د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أنه تزامن مع بداية المشروع عام 2018 العمل على إعادة هيكلة القطاع البيئى ليصبح هناك رؤية متكاملة لتطوير ملف المحميات الطبيعية واستغلاها بالشكل الأمثل، لذلك بدأ العمل على تغيير لغة الحوار حول كلمة محمية وضرورة عدم المساس بها، وكذلك العمل على تطوير رؤية وافكار العاملين بقطاع المحميات والعمل على تطوير المحميات وخاصة فى منطقة البحر الأحمر والجزر الشمالية، وإصدار أول قرار لزيادة رسوم الدخول للمحميات فى جنوب سيناء، وكان اكبر نجاح للمشروع هو بناء جسر للتعاون بين قطاعى البيئة والسياحة وهو ما تواكب مع امتلاك الوزارة الرؤية والقدرة بالقانون على إدارة ملف السياحة البيئية بالمحميات الطبيعية بالتنسيق مع الشركاء من الاتحاد المصرى للغرف السياحية ومراكز الغوص والأنشطة البحرية من خلال شرح مفهوم السياحة البيئية والسياحة المستدامة والعائد من ذلك على كافة الأطراف.
وأشارت وزيرة البيئة إلى أن فترة جائحة كورونا قامت وزارة البيئة بدور مميز فى إقامة العديد من الأنشطة من خلال المشروع لإنعاش قطاع السياحة البيئية منها إقامة الشمندورات ومساعدة القطاع السياحى وخاصة مراكز الغوص كذلك وضع الأدلة الإرشادية للحد من استخدام البلاستيك فى الرحلات البحرية فكانت فترة للتنسيق والتعاون بين القطاعين وإجراء الأعمال المشتركة كدراسات وتدريبات سواء مع القطاع الخاص أو الحكومى مما أدى إلى التناغم بين القطاعين فى فهم أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية وخلق منتج خاص بالسياحة البيئية.
وقد أشادت وزيرة البيئة بدور المشروع فى دمج التنوع البيولوجى فى السياحة البيئية مشيرة أنه استطاع ربط الأنشطة السياحية للأفراد بالمحميات وهو ما انعكس على اهتمام المواطنين بزيارة المحميات ليزداد المقبلين على المحميات ويهتموا بحمايتها وخاصة على مستوى الأطفال والشباب كما استطاع المشروع وضع الأدلة الإرشادية الخاصة بالنزل البيئية "الايكولودج" ليتم إصدار قرار من قبل وزارة السياحة والآثار بإعادة تسعير الايكولودج كمنتج سياحى بيئى مميز له وضع مختلف عن المنشآت الفندقية التقليدية، كذلك أهتم المشروع بدمج المجتمعات المحلية فى تطوير المحميات الطبيعية كشركاء رئيسيين وحماية التراث الثقافى والبيئى الخاص بهم وجعله منتج سياحى فريد، علاوة على فتح الباب لتسويق المنتجات البيئية.
وأكدت وزيرة البيئة أن هناك حاجة إلى مشروعات جديدة لشرح مفاهيم السياحة المستدامة بقطاع السياحة، لافتة أن مؤتمر المناخ cop27 يعد من أهم الأحداث التى ربطت قطاعى السياحة والبيئة حيث أن التحضيرات للمؤتمر تطلبت العمل سويا لذلك تم تنظيم العديد من التدريبات للعاملين بالمنشآت السياحية لشرح مفاهيم السياحة البيئية والمستدامة لتوحيد الرؤى داخل قاعات المؤتمر وخارجها بمدينة شرم الشيخ.
وأوضح دكتور محمد الاتووم الخبير البيئى ورئيس لجنة التقييم بمشروع دمج التنوع البيولوجى، أن رؤية الوزارة فى التوسع بشبكة المحميات الطبيعية تتبلور فى ضرورة الاهتمام بتطوير المحميات الموجودة فعليا وتغير المفاهيم والرؤى لدى كافة الشركاء وإزالة التحديات لدعم السياحة البيئية وحماية الموارد الطبيعية كخطوة أولى، مؤكدة أننا نعمل على تحقيقه بدعم من دولة رئيس مجلس الوزراء من خلال تنفيذ العديد من الإجراءات بمحميات البحر الأحمر ومنها تشكيل لجنة عليا لإعلان بيئة الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر محمية طبيعية وزيادة رسوم الدخول للمحميات ووضع رسوم لمنطقة العرق والفانوس لتحديد أعداد الزوار بالمنطقة لحماية التنوع البيولوجى بها وتقليل الضغط البشرى عليها وخاصة وأن هذه المنطقة تتميز بوجود الدولفين بها والذى عاد للظهور بالمنطقة مرة أخرى، بالإضافة إلى وضع النموذج الاسترشادى للاستثمار بالمحميات وزيادة فترة حق ممارسة النشاط للاستثمار بها.
وأشار الاتووم أن الاستدامة المالية للمحميات وتنظيم الاستخدام المستدام داخل المحميات من الموضوعات الهامة التى يجب تحقيقها والتركيز عليها، حيث أكدت وزيرة البيئة على سعى الوزارة لتوفير تمويل لتحقيق الاستدامة المالية للمحميات لتطوير المحميات وحماية التنوع البيولوجي، كذلك دمج القطاع الخاص للاستثمار بالمحميات بتسهيلات مالية، فقد عملت الوزارة على الاستفادة من قانونى الاستثمار والسياحة لحصول المصانع المنتجة لبدائل البلاستيك احادى الاستخدام على كافة حوافز الاستثمار، كذلك وفق قانون السياحة مفهوم السياحة البيئية ولها حوافز ايضاً، حيث نعمل على زيادة إيرادات المحميات الطبيعية سنويا من خلال إشراك القطاع الخاص للاستثمار بها.