أجرى وزير الخارجية سامح شكري سلسلة من المشاورات والمباحثات مع مسؤولين أوروبيين وعدد من وزراء خارجية الدول العربية، وذلك خلال مشاركته في اجتماع مشترك لمجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي مع عدد من وزراء الخارجية العرب، أمين عام جامعة الدول العربية، للتباحث حول الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، ومسارات التحرك المشتركة بين الجانبين العربى والأوروبى لاحتواء تداعياتها، بحسب ما صرح به السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية المصرية.
وذكر السفير أحمد أبو زيد، أن الوزير شكرى أكد فى كلمته على ضرورة تضافر التحركات العربية والأوروبية فى ظل الظرف الدقيق الراهن للقضية الفلسطينية والأزمة الإنسانية بقطاع غزة، من أجل إذكاء قيم الإنسانية وحقوق الإنسان، والتدخل لوقف الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وتوفير الحماية لأبناء الشعب الفلسطينى، منوهًا بأن ما وصلت إليه الأوضاع فى قطاع غزة، من ارتفاع غير مسبوق فى إعداد الشهداء الذين تجاوزوا 35 ألفًا، أغلبهم من النساء والأطفال، تضع جميع الأطراف الدولية اليوم أمام مسئولياتها القانونية والإنسانية، وما سيسطره التاريخ عن ماهية معايير تعامل المجتمع الدولى مع الأزمة الإنسانية فى غزة.
وذكر الوزير شكرى أن إسرائيل مستمرة منذ بدء الأزمة فى الإمعان فى تنفيذ سياساتها الممنهجة باستهداف المدنيين، وإحكام الحصار وتجويع الفلسطينيين فى غزة، منوهًا إلى التقارير الأممية بما تضمنته من بيانات مروعة عن انهيار الخدمات والبنية التحتية المدنية فى القطاع بصورة شبه كاملة، وبجانب اكتشاف عدد من المقابر الجماعية، على نحو يُنذر بحجم الكارثة الإنسانية الفجة التى تعرض لها المدنيون فى القطاع ونطاق الجرائم التى ارتكبت بحقهم.
وفى سياق متصل، ذكر وزير الخارجية أنه من الصادم والمؤسف أن نرى بعض الدول لازالت لا تدين الانتهاكات الإسرائيلية المخالفة لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى بالشكل الملائم، ولا تدعم محاسبة مرتكبيها، مشددًا على ضرورة قيام المجتمع الدولى بتخطى حالة الجمود الراهنة، واتخاذ مواقف حاسمة لوقف إطلاق النار فى كامل قطاع غزة، وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني.
وأضاف السفير أحمد أبو زيد، أن الوزير سامح شكرى أكد على الالتزام الراسخ لمصر تجاه ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية للفلسطينيين فى غزة بشكل كامل ودون عوائق، وأن مصر أخذت على عاتقها منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات، ومن خلال جهود الإنزال الجوى، فضلًا عن استقبال الجرحى الفلسطينيين، وتسهيل إقامة عدد من المستشفيات الميدانية ومراكز الإيواء لتخفيف معاناة النازحين داخل القطاع.
كما أكد وزير الخارجية على ضرورة تحمل الأطراف الدولية لمسئولياتها القانونية والإنسانية لضمان التنفيذ الكامل لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصِلة بالحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ومنها قرار مجلس الأمن (2720) وما يتصل بذلك من ضرورة تفعيل العمل بالآلية الأممية لتنسيق ومراقبة وتسهيل عملية إدخال المساعدات للقطاع.
وتطرق وزير الخارجية لما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المزرية فى القطاع على خلفية توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية، وبمحيط معبر رفح، حيث جدد الوزير شكرى التحذير من العواقب الإنسانية الوخيمة لهذا الأمر، وتداعياته على أسس السلام والاستقرار فى المنطقة، وطالب الاتحاد الأوروبى بضرورة حث إسرائيل على العدول عن سياساتها الممنهجة لخلق واقع غير مأهول بالحياة فى القطاع، وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بالوقف الفورى للعمليات العسكرية الإسرائيلية، مؤكدًا رفض مصر القاطع لمحاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم، والقضاء على مبدأ الأرض مقابل السلام.
وفى سياق متصل، أكد وزير الخارجية على أن إسرائيل تتحمل المسئولية القانونية كاملة عن الأوضاع الإنسانية والأمنية فى غزة والضفة الغربية بموجب القانون الدولى، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، مطالبًا إسرائيل بالوقف الفورى لحربها ضد قطاع غزة، والعدول عن توظيف سيطرتها على المعابر كأداة لإحكام الحصار وتجويع الشعب الفلسطينى، وفتح معبر رفح وجميع المعابر البرية بين إسرائيل وغزة، فضلًا عن توفير الظروف الآمنة لعمل أطقم الإغاثة الدولية لاستلام وتوزيع المساعدات فى القطاع.
وفى نهاية تصريحاته، ذكر المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن سامح شكرى طالب جميع الدول أعضاء الاتحاد الأوروبى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، كخطوة هامة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية على أساس حل الدولتين، ولدعم مسار السلام للوصول للحل العادل والشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، داعيًا لتبنى خطوات جادة إزاء تحقيق حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولتعيش فى سلام وأمن بجانب إسرائيل.
وخلال تواجده بالعاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في اجتماع مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي، التقى سامح شكري بمفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع "أوليفر فارهيلي". وقد تناول اللقاء التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المصرية الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، وسبل تعزيزها في كافة المجالات استفادةً من الزخم الذي ولده إطلاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي في مارس الماضي، جاء ذلك في تصريح للسفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية.
وأوضح السفير أبو زيد، أن اللقاء شهد التشاور بشكل مكثف حول الخطوات المستقبلية لتفعيل الإعلان السياسي للشراكة الإستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي، والتطورات ذات الصلة بالحزمة المالية الإضافية المرتبطة بالشراكة الجديدة. وقد حرص الوزير شكري على تثمين الدور الحيوي الذي يلعبه المفوض الأوروبي لإنجاح مسار الارتقاء بالعلاقات المصرية الأوروبية، مؤكداً تطلع مصر للانتقال بهذا النسق التعاوني إلى نجاحات ملموسة في إطار محاور التعاون الستة للشراكة الجديدة.
وفي ذات السياق، حرص الوزير سامح شكري على تأكيد اهتمام الحكومة المصرية بتعزيز المكون الاستثماري في العلاقات المصرية الأوروبية، معرباً عن التطلع لمشاركة واسعة وفاعلة من الشركات الأوروبية في مؤتمر الاستثمار في مصر والذي تعقده بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي يومي 29 و 30 يونيو القادم لجذب الاستثمارات الأوروبية إلى السوق المصري، والترويج لما تمتلكه مصر من فرص استثمارية جاذبة في عدد من القطاعات الواعدة خاصة قطاع الطاقة النظيفة.
كما أكد سامح شكري تعويله على الدور المأمول للمفوضية الأوروبية لتأمين مشاركة قوية من القطاع الخاص الأوروبي في المؤتمر، للتعرف عن كثب على الحوافز التي تقدمها الحكومة المصرية من أجل تعزيز مناخ الاستثمار، والاستفادة من تلك الحوافز.
وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن المناقشات بين الجانبين تطرقت إلى ما آلت إليه الأوضاع الأمنية والإنسانية من تدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فضلاً عن السياسات الإسرائيلية التصعيدية في الضفة الغربية. وقد استعرض وزير الخارجية في هذا السياق الجهود المصرية الرامية لوقف الحرب على غزة، وتعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف ومستدام، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن.
كما شدد وزير الخارجية على ضرورة تحمُل إسرائيل لمسئولياتها تجاه المدنيين في غزة، لاسيما مدينة رفح الفلسطينية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي، مؤكداً رفض مصر لمحاولات إسرائيل عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع من خلال سيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الذي يعد الشريان الرئيسي للحياة داخل قطاع غزة. كما أعاد تأكيد ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل لوقف سياسة التجويع وتوفير البيئة الآمنة لأطقم الإغاثة الدولية للاضطلاع بمهامهم في استلام وتوزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة.
وأردف المتحدث الرسمي، بأن الوزير سامح شكري حرص على تأكيد أهمية استمرار الاتحاد الأوروبي في دعمه للسلطة الفلسطينية حتى تتمكن من مواصلة الاضطلاع بمهامها، منوهاً بأهمية قيام الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم المباشر لميزانية السلطة الفلسطينية في ظل التضييق المالي والاقتصادي الذي تمارسه إسرائيل ضدها.
ما شدد وزير الخارجية على أهمية استمرار الاتحاد الأوروبي في تقديم دعمه لوكالة الأونروا لتمكينها من أداء دورها الذي لا بديل عنه في تقديم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني خاصة في هذه الظروف الإنسانية الكارثية التي تحدق بكامل قطاع غزة.
ومن جانبه، أكد المفوض الأوروبي على مواصلة الاتحاد الأوروبي لجهوده لاحتواء الأزمة في قطاع غزة، وتعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكانه. كما أكد موقف الاتحاد الداعم لمسار حل الدولتين والذي يستند إلى حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة القابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو للعام 1967.
كما أعرب عن تقديره لمصر وقيادتها السياسية، والدور المحوري الذي تلعبه مصر منذ اندلاع الأزمة لاحتواء تداعياتها على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي نهاية اللقاء، أشار المتحدث الرسمي إلى أن وزير الخارجية والمفوض الأوروبي اتفقا على أهمية الاستمرار في البناء على الزخم الحالي الذي تشهده العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، والحفاظ على وتيرة التنسيق والتشاور القائمة بين الجانبين على مختلف المستويات.
في ذات السياق، بحث وزير الخارجية سامح شكري في بروكسل، الاثنين، مع " خوسيه مانويل ألباريس" وزير خارجية إسبانيا،بشكل مفصل مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، وتطورات توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية.
وقد عكست المناقشات تطابق الرؤى تجاه حتمية تحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار، وضرورة تحمل إسرائيل باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال لمسئولياتها القانونية والإنسانية إزاء سكان قطاع غزة والضفة الغربية، ووقف كافة انتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني وسياساتها المعرقلة لدخول المساعدات، فضلاً عن الامتناع عن استهداف أطقم الإغاثة الدولية.
وأضاف المتحدث الرسمي، بأن الوزير شكري شدد على ما يحتمه التطور الخاص باستهداف إسرائيل لمخيمات النازحين المدنيين في رفح الفلسطينية من ضرورة التحرك الدولي الفوري للضغط على إسرائيل لوقف تحركاتها العسكرية في جنوب القطاع والذي يمثل الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح فلسطيني.
كما أكد على ما تمثله هذه الواقعة من انتهاك سافر وصارخ لكافة القوانين الدولية والتدابير الصادرة عن محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف العمليات العسكرية في رفح الفلسطينية، منوهاً بأن الإدانات الدولية للانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة أصبحت غير كافية لوقف هذه الجرائم، وأن الوضع الكارثي في القطاع أصبح يحتم على المجتمع الدولي تخطي حالة الجُمود الحالية إلى اتخاذ مواقف وردود أفعال حاسمة لوقف الحرب حقناً لدماء المدنيين الأبرياء ولاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأردف السفير أبو زيد، بأن الوزير شكري ثمن عالياً موقف إسبانيا الداعم للقضية الفلسطينية معرباً عن تقدير مصر الكبير للخطوة الهامة التي اضطلعت بها إسبانيا بالاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، مؤكداً أهمية أن تحذوا الدول الأخرى حذوها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، باعتباره ركيزة رئيسية في مسيرة تنفيذ حل الدولتين وتحقيق السلام في المنطقة، والوسيلة المثلى لدحض نهج الحكومة الإسرائيلية الذي يكرس لعدم أحقية الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفقاً لحل الدولتين.
ومن جانبه، أكد وزير خارجية أسبانيا على مواصلة بلاده لجهودها في إطار الاتحاد الأوروبي وفي الأطر الدولية لحشد الجهود الدولية لإنهاء الحرب في قطاع غزة وتعزيز الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتباره خطوة على طريق إنفاذ حل الدولتين واستعادة المسار السياسي لتسوية القضية الفلسطينية بما يسمح باستعادة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما أشاد الوزير " ألباريس “ بالدور المحوري والجهود الحثيثة لمصر لحلحلة الوضع المتأزم في قطاع غزة منذ اندلاع الأزمة.
وكشف المتحدث باسم الخارجية، بأن جانباً من اللقاء تناول أوجه العلاقات الثنائية التي تجمع مصر وإسبانيا، حيث ثمن الجانبان ما تتميز به العلاقات بين البلدين الصديقين من تشعب في مختلف مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي. كما تناول وزيرا الخارجية سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث أكد الوزير سامح شكري تطلع مصر لمشاركة مثمرة من جانب كبرى الشركات الإسبانية في مؤتمر الاستثمار الذي تعقده مصر بالشراكة مع المفوضية الأوروبية نهاية يونيو القادم لجذب الاستثمارات الأوروبية إلى السوق المصري والترويج للفرص الاستثمارية التي تمتلكها مصر في عدد من القطاعات الواعدة وعلى رأسها قطاعات الطاقة والبنية التحتية والاتصالات.
كما أكد وزير الخارجية تعويل مصر على مواصلة إسبانيا لمواقفها الداعمة لمصر داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، وخاصة تنفيذ مسار ترفيع العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي.