مما لاشك فيه أن صناعة الأخلاق أساسًا للتنمية المستدامة والسلام الاجتماعي، فلنبدأ رحلتنا في استكشاف أسرار صناعة الأخلاق وأثرها العميق في عالمنا المعاصر، بحثًا عن السعادة والتواصل في ظل إنعاش دولة من سبات عميق، لذا نجد أن تعزيز وتعميق القيم الأخلاقية في جميع الجوانب الحياتية استثمار لدى المجتمع والأفراد، باختلاف الثقافات والفئات العمرية في مستقبل أكثر إنسانية وتقدماً.
ويجب أن يكون لدى الأفراد لبناء مجتمع مترابط، فعال ينتشر فيه السلام النفسي مقترن بالقيم المتوارثة والتي تعتبرأساساً للسلوك الإنساني، والتعامل مع الآخرين والتي غابت شمسها في عالم يعاني من التحديات الاجتماعية والأخلاقية.
فصناعة الأخلاق أمر ضروري في زمن عز فيه الارتباط وكثرت نسب الطلاق لتبادل الأدوار الأسرية وكل منهم يبيح لنفسه الأحقية في الآخر ولا تتعجب عزيزي القارئ من اصطلاح "صناعة الأخلاق " هذه الصناعة ليست وليدة اللحظة إنما هي محصلة للعديد من العوامل، التربية الأسرية والتعليمية والثقافية.
وأسلط الضوء على الدور الحيوى للأهل في زرع القيم الأخلاقية في نفوس أبنائهم منذ الصغر، بينما يقوم المدرسون والمرشدون بدورهم في تعزيز هذه القيم في البنية الأساسية للنشء .
وننتقل إلى الجانب الأكثر أهمية، وهو الدور المجتمعي الذي يجب أن تكون له رؤية واضحة حول القيم الأخلاقية ليست المكتسبة أو المصدرة وكيفية تعزيزها وتحقيقها، من خلال اتساع قاعدة الحوار والنقاش حول الموضوعات الأخلاقية بوسائل متعددة لفرض السلوك الإيجابي وطمس السلوك السلبي، ونتذكر دائما أن الممارسة هى أولى خطط الكمال، خاصة أن الأخطاء التي نتعلم منها هى التي ترفع الدرجة الذاتية لنا إلى المثالية وهى ليست بالمستحيل.
عزيزى القارئ، أولى خطوات صناعة الأخلاق هى خوض التجربة الحياتية وأن لا تخاف شيئا، ونتذكر أن فسد الحليب فإنه يصبح زبادى، والزبادي أكثر قيمة من الحليب، وإذا تفاقم فإنه يتحول إلى الجبن، والجبن أكثر قيمة من الزبادي والحليب، فأنت لست سيئًا لأنك ارتكبت أخطاءا، فالأخطاء هى التجارب التي تجعلك أكثر قيمة كشخص، فلولا خطأً ملاحياً لما اكتشفت أمريكا، وكذلك خطأ ألكسندر فليمنج قاده إلى اختراع البنسلين، ولا تدع الأخطاء والتحديات المحيطة بك تحبط عزيمتك، ونتذكر أمرا هاما هو أن الإنسان يستطيع أن يتعايش في أي مجتمع فيه بعض النقص الغذائي الاقتصادي الترفيهى إلا انعدام الأخلاق فأنه يسوده اللئام وتذهب الأعراف والقوانين والخير ويتحول كل شئ إلى غابة وبهذا تصبح الحياة الكريمة شبه مستحيلة.
وعهدكم بي "لا تراجع ولا استسلام" فإنى أناشد الدولة للعمل على توفير البنيّة التحتية الاجتماعية بكافة جوانبها من خلال تعزيز القيم الإنسانية ونشرها في التوجيه الأسرى من خلال المنابر التعليمية والإعلاميه لبناء علاقات صحية وسوية بين أفراد الأسرة، والتركيز على غرس مفاهيم الاحترام والتفاهم والعدالة التي تعزز بدورها ثقافة الحب والتسامح وهما الوجه الآخر لصناعة الأخلاق.
وتعزيز التواصل والتعاون من خلال الحوار المفتوح والبناء لمد جسور التعاون بين الوطن والمواطنين، وبين الفئات المختلفة في المجتمع، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد بأنواعه من خلال تواجد نظام قوى لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في الإدارة والمؤسسات الحكومية لرفع منحى الثقة بينهم، ودعم المبادرات التي تحيى التقاليد التى تنجى المحتمع من الأثر السلبي للانترنت والأكلات السريعة والكمبو.
وختاما، نجد أن صناعة الأخلاق ليست مجرد مفهومٍ فلسفيٍّ بل هى واقع يعيشه الإنسان في كل مرحلة من مراحل حياته، وهي من أهم الأسباب الداعمة لتحقيق رفاهية وطن ومواطن فهي تاج ينير كل من حوله.