هل تنتهي حياة الأدباء بخبر رحيلهم؟ ماذا عن "المسودات" التي تركوها في الأدراج؟ هل يحق للورثة نشر روايات لم تكتمل، أو ربما لم يرغب كاتبها في نشرها من الأساس؟ ألا يعتبر العمل ـ حتى لو كان ناقصًا ـ جزءًا من التجربة الإبداعية يحق للقراء والباحثين الإطلاع عليه، تفتح "عالم الكتاب" الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، هذا الملف الشائك وتقدم شهادات وآراء تحت عنوان "خيانة الوصايا" والتعبير يعود إلى كونديرا.
يؤكد الشاعر عزمي عبد الوهاب أن "التاريخ ملئ بأمثلة عن أعمال معروفة لم تكن لتصل إلينا لولا مخالفة الورثة والأوصياء لرغبات الكتاب"، لدرجة أن فوكنر ـ الحائز على جائزة نوبل ـ أوصى ألا تطبع له أعمال بعد رحيله إلا ما نشره بالفعل.
فما الذي يضيفه نشر رواية "نلتقي في أغسطس" بعد رحيل ماركيز بسنوات؟ ولماذا تُرك الحبل على الغارب لماكس برود يتلاعب بإرث كافكا ويرسم شخصية سوداية عصابية له، ويضيف ويغير في نصوصه، لذلك وصفه كونديرا بأنه أكبر مزيف في تاريخ الأدب.
جانب آخر من سيرة ومسيرة الكاتب غسان كنفاني ما كان للجمهور العربي أن يعرفه لولا مغامرة غادة السمان بنشر رسائله إليها، برغم أنها لم تنشر رسائلها هي. فلماذا أقدمت على تلك تلك الخطوة؟ هل كان كنفاني ليرغب في نشر رسائله الخاصة تلك؟ هل سعت السمان إلى الشهرة على جثته؟!
كيف يقرأ الكاتب والأكاديمي حمدي النورج الكتب التي حملت اسم نجيب محفوظ وصدرت بعد رحيله؟ هل يقبل ذلك من باب توثيق التجربة الإبداعية؟
وما القيمة الإبداعية لطرح كتاب "أمل دنقل: قصائد لم تنشر"؟ يجيب عن ذلك السؤال الشاعر مؤمن سمير. ديوان آخر صدر بعد رحيل صاحبه وهو "لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي" لمحمود درويش. كما خاض الكاتب والباحث إبراهيم عبد العزيز معركة عند نشر ديوان شعر مجهول لتوفيق الحكيم مخالفًا تعاقد ابنته مع دار الشروق آنذاك!
في ملف آخر تحتفل "عالم الكتاب" بتجربة الروائية هالة البدري الحائزة على جائزة الدولة التقديرية،فيكتب علي قطب عن سؤال ما بعد الرواية لديها، وتقرأ هند وائل روايتها "نساء في بيتي"، بينما تناقش سماح ممدوح الخيال المعيش في "مدن السور".
أبي خرج ولم يعد
ما حكاية ستيفن كينج الذي خرج والده لشراء السجائر ولم يعد؟ حول تجربة الكاتب الشهير ومحطات حياته يترجم ميسرة صلاح الدين حوارًا مهمًا معه. كما تضمن العدد حوارًا مهمًا للفيلسوف هيربرت ماركوزه بترجمة مارينا أشرف.
ويستأنف باب "معارك الكتب" سجالات المثقفين مسلطًا الضوء على معركة محمد حسنين هيكل وما عُرف آنذاك ب "أزمة المثقفين" من خلال مقال شهدي عطية.
أما باب "ضفاف" فينتفح على الجانب الآخر من العالم ليقدم للقارئ العربي بانوراما عن مبدعين وتجارب من مختلف الثقافات ومنها مقال عن رحيل ماريز كوندي الكاتب الذي فضح عالم الظلمات، وكذلك إعادة اكتشاف ديكنز في "نقطة تحول"، و"الكوميكس على الطريقة الروسية" ترجمة رولا عادل، بينما يثير إسحاق بندري إشكالية أدب الرحلات والاستعمار عبر كتاب "من القاهرة إلى بغداد".
لماذا تقول الشاعرة ماري أوليفر عن نفسها: "أنا السمكة"؟ الإجابة في مقال أكرم قطريب. وما سبب وقوع النجم توم هانكس في غرام الآلة الكتابة؟ الإجابة لدى تامي محمود.
الفيزياء المرحة
يتناول "خارج النص" قضية لغتنا العربية، وعرض لمذكرات فاينمان عالم الفيزياء الشهير، الذي اعتبر أن الفيزياء لا تخلو من المرح، وهي مذكرات شيقة تقدم في ترجمتها العربية مغامرة فضولية تخص واحدًا من ألمع العقول.
كذلك ثمة عرض لآخر ما ترجم المفكر الراحل شاكر عبد الحميد وهو كتاب "العلاج بالفن للأطفال". بينما تأخذنا رشا عبادة في جولة لزيارة مكتبة الشاعر الراحل فاروق شوشة.
حول علاقة المرئي بالمكتوب، بعد نجاح مسلسل "الحشاشين" الذي عرض في شهر رمضان، يطرح الناقد والمؤرخ الفني ماهر زهدي أفكارًا مهمة حول مصادر العرض التلفزيوني. وفي باب "صوت وصورة" تكتب فيبي صبري عن "المحو في الرواية الأمريكية".
ولا تغفل المجلة باب مراجعات الذي يهتم بالإبداعات العربية، فيقدم فرج مجاهد قراءة في "العربة الرمادية" لبشرى أبو شرار، بينما يعرض محمد صلاح غازي رؤية تاريخية لخماسية "مدن الملح"، ويعرض عاصف الخالدي لكتاب "التخييل الذاتي"، بينما يقرأ د.حسين محمود مجموعة "شطحات منسية" للروائي والوزير السابق أحمد جمال الدين موسى.
وفي "سور الأزبكية" نطالع مقال إبراهيم حمزة عن أحمد زكي أبي شادي وديوانه "الينبوع"، بينما يوثق محمد سيد ريان لسلسة "كتابي" التي أطلقها محمد حلمي مراد قبل أكثر من سبعين عامًا.
أما "رائحة الحبر" فيقدم أبرز وأحدث الإصدارات في دور النشر المصرية والعربية، وفي "تحت الطبع" نقرأ فصلًا من رواية خليل صويلح الجديدة "ماء العروس".
عالم الكتاب