تمر، اليوم، ذكرى حصول الخديوى إسماعيل على فرمان من الدولة العثمانية، والذى عرف باسم "فرمان مصر" وذلك في مثل هذا اليوم 28 مايو 1863، ويقضي الفرمان بانتقال ولاية مصر من الأب إلى الابن الأكبر، وهو ما مهد الطريق لمحمد توفيق باشا ابن الخديوى إسماعيل لتولى الحكم فى مصر.
كان إسماعيل باشا واليا على مصر لكونه أكبر الأفراد الذكور لسلالة قاوالالى محمد علي باشا وذلك بموجب أحكام الفرمان المؤرخ 1841/5/24 الذي قدمه السلطان مجيد إلى محمد علي باشا، كان سيخلفه أخوه مصطفى فاضل باشا، لكن إسماعيل باشا أخذ يحاول منذ سنوات عديدة حجب وراثة مصر عن أخيه وإعطائها إلى ابنه، وقد أنفق لتحقيق هذا الغرض الملايين من النقود الذهبية على رجال الدولة في استانبول، وفي النباية لم ير الصدر الأعظم فواد باشا وصديقه المقرب الذي لا يفارقه وزير الخارجية عالي باشا، بأسا في تغيير وراثة مصر، وطلبا إلى الساطان عزيز نشر فرمان حول نظام مصر (1863/5/28)، وذلك حسب ما جاء في كتاب "تاريخ الدولة العثمانية" لـ ليماز أوزتون.
ويقضي هذا الفرمان بانتقال ولاية مصر من الأب إلى الابن الكبير؛ أي أن الذي سيخلف إسماعيل باشا في الولاية، هو ابنه محمد توفيق باشا.
فقد مصطفى باشا أخو إسماعيل باشا، حق الوراثة، أو على الأصح ابتعد جدا عن هذا الحق؛ حيث إنه يلزم لكي يأتي عليه الدور في الولاية، ألا يكون لأخيه الكبير إسماعيل باشا أي ابن أو حفيد على قيد الحياة، والحال أن لإسماعيل باشا، أولادًا كثيرين جدا.
وكان فاضل مصطفى باشا وزيرا لمالية الدولة العثانية، تنكر للدولة، وانتقاما من عالي باشا وفؤاد باشا، أخذ يدعم الجمعية السياسية غير الرسمية المعارضة لهم المسماة بني عثمانليلر (العثانيون الجدد) الأكثر راديكالية والتي تطالب بالحكم بواسطة المجالس النيابية، فر زعيما الجمعية ضياء بك (باشا) ونامق كمال بك إلى أوروبا تاركين وظائفهما العالية في الدولة، وبدا المعارضة بإدخال الصحف التركية التي يصدرونها في الخارج إلى الدولة العثانية، بغرض التأثير على البادشاه لإسقاط ثنائي الباشوات عالي – فؤاد، وتنصيب ضياء بك صدرًا أعظم ونامق كال وزيرا للخارجية كان كلاهما شاعرا وأديبا يملكان حظا وافرا من الدهاء، لكن السلطان عزيز، رغم أنه أرسل إلى ضياء بك، الموجود في جنيف، مبلغ ألف قطعة ذهبية لم يفكر في المساس بالثنائي عالي – فؤاد.
وبناء على ذلك صارت مسألة الوراثة المصرية، على أساس أن بني عثمانليلر (العثمانيون الجدد) سيستمرون في معارضتهم خارج الدولة العثهانية وذلك بحصولهم على الدعم المادي من مصطفى فاضل باشا، وفي حالة اعتلاء ضياء بك منصب الصدر الأعظم سيعيد إلى مصطفى باشا حقه في مصر حتى ولو أدى الأمر إلى أن يعزل إسماعيل باشا ويعينه واليا على مصر.