احتفى المثقفون والفنانون، أمس، بالشاعر والفنان والكاتب مجدى نجيب، وذلك فى ذكرى ميلاده، بالأمسية التى نظمتها لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، بعنوان "شبابيك على مجدى نجيب" وأدار الندوة الشاعر وائل السمري، رئيس التحرير التنفيذى لليوم السابع، وعضو لجنة الشعر، وشارك فى الأمسية الشاعر عمر طاهر، والشاعر فوزى إبراهيم، والشاعر محمود رضوان، والفنان والملحن وجيه عزيز، كما تواجدت أسرة الشاعر الراحل.
فى البداية قال وائل السمري، اليوم عيد ميلاد مجدى نجيب، ومنذ بدأنا التفكير فى هذه الأمسية تملكتنا حالة من الفرح، وذلك لكون مجدى نجيب مثيرا للفرح، كما أن الله قد فتح قلبه على القصيدة، كما كانت روحه الجميلة المحبة للحياة هى التى تقودنا، وكل من حضر الليلة أصدقاء لمجدى نجيب وأحبابه وشركاء معه فى الخيال، وهم قد عاصروه وعاصروا تجربته، ثم وجه "السمري" التحية لأسرة الشاعر الكبير الراحل.
الندوة
وبدأ الشاعر فوزى إبراهيم حديثه عن مجدي نجيب بقصيدة قال فيها "مكانش يقول أنا/ ولا يهوى الطنطنة" ثم أضاف، اقتربت من مجدى نجيب الإنسان، وذلك لأكثر من سبب منها عمله صحفيا ومبدعا، كذلك بعدما احتواه الناقد رجاء النقاش فى الكواكب، بعد خروجه من المعتقل في نهاية الخمسينيات، وأنا قد انتميت إلى مجلة الكواكب فى التسعينات.
فوزى إبراهيم
وتابع فوزي إبراهيم بأن ما يميز مجدي نجيب هو إنسانيته وتعامله مع الجميع برقة، وكان لا ينهي المكالمة إلا بقوله "شكرا يا صديقي"، كما كان شخصا متسامحا جدا ومتواضعا، لكنه يعتد بنفسه جدا، وكان نبيلا حتى فى حزنه، فبعد وفاة ابنه "ياسر" كنا نجد الحزن فى عينيه، لكنه ثابت وابتسامته لا تغيب، وكان يكره الانهزام ولا يستسلم للحزن، وكان محرضا فى فنه على أن تعمل عقلك، فأغانيه بسيطة لكنها عميقة فى الوقت نفسه، ولم أكن أرى أغانيه عاطفية، بل إنسانية وتحمل معانى واسعة، كما أنه تعامل مع فترة سجنه بمنتهى التسامح، وأكثر شيء تعلمته أنه كى تكون شاعرا جيد يجب أن تكون إنسانا مثل مجدى نجيب.
أما الشاعر والكاتب عمر طاهر فقال، كنت أتمنى وجود مجدى نجيب الليلة، كى يعرف كيف نحبه.
وعن علاقته بمجدي نجيب، قال "طاهر" علاقتى بمجدى نجيب هى "ساعة وأربع دقائق" لكنها كانت فارقة فى حياتي كلها، وذلك منذ أن استمعت لأغنية شبابيك، وأنا تمنيت أن ألتقى بمؤلف هذه الأغنية حتى من قبل أن أعرفه لأني كنت طفلا وقتها.
ندوة شبابيك على مجدي نجيب
وتابع عمر طاهر ثم جاء برنامج "وصفولى الصبر" الذي قدمته، وفكرت فى حلقة مع الأستاذ مجدى نجيب، وهي الحلقة التي أعدها الكاتب إيهاب الحضري، وذهبنا إلى بيت الشاعر الكبير وجلسنا ساعة مع إنسان عظيم يحترف الفن، خفيف الظل، سريع البديهة، ذهبت وأنا محمل بأسئلة كثيرة، ويومها حدثني عن سبب كتابة "شبابيك" وقال إن الغنوة تكونت فى ذهنى وأنا فى المعتقل، بسبب الصدمة.
وأضاف عمر طاهر أن مجدي نجيب أخبره أن تجربته منقسمة بين أحمد منيب ووجيه عزيز، وذكر له إنه لم يعمل مع عبد الحليم، لأنه لم يعجبه تعامل حليم مع أحد الشعراء الشباب، كذلك لم يعجبه العمل مع عبد الوهاب بسبب عدم اتفاقه مع شخصيته، وقد خرجت من عند مجدى نجيب وأنا مؤمن بأن إخلاصك لما تفعله هو من يعطى لها عمرا.
أما الموسيقار وجيه عزيز فقال إنه تعرف على الشاعر الكبير مجدى نجيب سنة 1992 وذلك في مقر جريدة العالم اليوم، وأنه أعطاني أغنية "عصفور صغير السن".
وجيه عزيز
وذكر وجيه عزيز أن مجدي نجيب كان يقول "كل مواطن مسئول عن نفسه" لكنه كان يحتوينى دائما، وكان مهتما بكل من يعرفه، وقد تعلمت منه المعافرة، ولم أسمعه أبدا يتحدث عن أحد بشكل سيء، وتعلمت منه كثير على الرغم من كونه لم ينصحنى أبدا بشكل مباشر، وقد قدمت من كلماته ٢٥ أغنية.
وأوضح وجيه عزيز كانت كلماته مكتملة حتى أنني لم أغير في كلمات أغانيه أبدا، لأنها كانت مكتملة، وكان يطلب أن يسمع الأغنية أكثر من مرة، وذاك معناه أنه أحبها، وكنت ألحن "نية مجدى نجيب" أكتر من الكلام المكتوب، وكان دائما عنده صراع بين الحزن والفرح فى فنه وحياته.
درع الأعلى للثقافة
أما الشاعر محمود رضوان فأكد أن مجدى نجيب كان شخصا شديد البراءة وشديد الدهشة، وكان شاعر الألوان وقد مر بتجارب صعبة، فصودرت دواوينه الاولى، وتم سجنه واعتقاله، كما عاش تجربة الغربة، ومن بعد ذلك وفاة ابنه، وهو من اباء الأغنية المعاصرة، فبعد أن وصلت الأغنية لحالة من الترهل، كانت لديه افكار جديدة ظهرت مع هانى شاكر ومحمد منير ثم وجيه عزيز.
وقد كان مجدي نجيب يحب محمد الموجى وأحمد منيب لأنهما كانا يتقبلان كلماته بدون مجادلة، وكان مجدى نجيب يحتفى بالإنسان وينتصر له.
ثم قرأ محمود رضوان قصيدة أهداها لمجدى نجيب.
وشاركت زوجة الشاعر الراحل مجدي نجيب "مدام دلال" وأكدت أنه كان إنسانا صادقا وحساسا جدا، هو كما يراه الناس، وعن كيفية التعرف بينهما قالت إنها عندما كانت طالبة في الجامعة وصدر له ديوان لفت نظرهما وفيه قصيدة عن القمر، وعند ذلك نظم الطلبة ندوة له لكنه لم يأت وجاء صديقه الشاعر عبد الرحيم منصور، فهاجمته أمام "منصور" ثم ذهبت لمقابلته في الكواكب، يومها "أعطانى بكو لبان، وقال لى لا تتحدثي عن الشعر" بعد ذلك قويت العلاقة بيننا، وعندما ذهب إلى أبى قال له أنا وابنتك اتفقنا على كل شيء، وقد أحبه أبي كثيرا.
وقالت مدام دلال "يوم فرحنا أحيا الفرح الشيخ أمام وظل يغني لنا "جيفارا مات" وحضر الفرح كامل زهيرى، نقيب الصحفيين في ذلك الوقت، وظللنا للفرح حتى الصباح ثم ذهبنا للإفطار فى النقابة.
أرملة الراحل مجدي نجيب
وعن أكتر الأغنيات التي تحبها من كلمات مجدي نجيب هي "غاب القمر يا ابن عمي" التي غنتها شادية، وقد كان شخصا مختلفا فى فنه وشخصه، وكان دائما يريد أن يفعل شيء، ولا يشعر باليأس، وكان يقنع كل من حوله بذلك، كان مجدي يرسم ويكتب الشعر، ولم يكن يتقاض أجرا على رسمه، وكانت الكتابة أقرب له من الرسم.
وتحدث خالد منيب، ابن الفنان أحمد منيب وقال "عاصرت مرحلة مهمة من تاريخ الفنن المصرى، كان الفنانون تجمع بينهم كان بينهم محبة كبيرة.
أما الشاعرة مى منصور قالت : مبسوطة إننا متجمعين فى محبة مجدى نجيب، ومن وجهة نظري فإن مجدى نجيب وعبد الرحيم منصور هما أعظم من كتبا فى زمنهما.
وتم إهداء أسرة مجدي نجيب درع المجلس الأعلى للثقافة، وتسلمه ابنه أحمد، وانتهت الليلة بأغنيات الفنان وجيه عزيز، الذي غنى "من أول لمسة وحاضر، وممكن".
ولد الشاعر الكبير مجدى نجيب فى القاهرة فى 29 مايو عام 1936، وهو شاعر ينتمى إلى جيل الستينيات من شعراء العامية، هذا الجيل الذى شهد معه الشعر العامى نقلة مهمة تعدّ من أهم نقلاته التاريخية، وقد لفت ديوانه الأول عام 1964 "صهد الشتا" الأنظار بقوة إليه، ثم تنوعت قصائده -بعد ذلك- بين القصائد العاطفية والسياسية والاجتماعية والوطنية والقومية، والقصائد المكتوبة للأطفال، ورحل عن عالمنا فى 7 فبراير 2024 الماضي.
ومن دواوينه الشعرية صهد الشتا 1964، وليالى الزمن المنسى 1974، ومقاطع من أغنية الرّصاص 1976، وممكن 1996، والوصايا 1997، وذلك بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الأغانى التى لاقت نجاحًا كبيرًا وظلت من أبرز الأغانى التى يفضلها الكثير حتى الآن، ومنها كامل الأوصاف غناء عبد الحليم حافظ"، والعيون الكواحل غناء فايزة أحمد، وقولوا لعين الشمس غناء شادية، والحب ليه صاحب غناء أحمد منيب، وسيبونى أحب غناء هانى شاكر، جانى وطلب السماح غناء صباح، ومجموعة من الأغانى جاءت بصوت محمد منير وهم: "شبابيك، ممكن، ليلى، حواديت، من أول لمسة، بعتب عليكي".