لا شكَّ أنَّ جان دارك كانت وما زالت شخصية مثيرة للجدل، خاصة في مصر.. ففي النصف الأول من القرن الماضي، أثارت مسرحية "جان دارك" - للكاتب الأيرلندي برنارد شو -، جدلاً كبيرًا في مصر، خاصة بعد إدراجها ضمن مناهج قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول - جامعة القاهرة حاليًّا -، حيث اعترض طلاب القسم على بعض العبارات المهاجمة للإسلام؛ الشيء الذي أدى لوصول الأمر إلى وزارة المعارف والأزهر.. انتهى الأمر بعد ذلك بحذف المسرحية من مقررات القسم.
لكنك عندما تبحث في حياة جان دارك، تكتشف أنها حقًا شخصية مثيرة للجدل، فلا تدري أهي مناضلة، أم قدِّيسة، أم ساحرة.. حتى الشخصيات المحيطة بها كانت متناقضة، فمثلاً.. تذكر بعض المصادر: أنَّ الملك شارل السابع -ملك فرنسا-، كان سببًا في تسليمها للإنجليز، بسبب زيادة نفوذها، وبعد انتهاء حربه مع الإنجليز، سعى لإثبات براءتها -بعد إعدامها ب20 عامًا-.
جان دارك
وهنا تسأل نفسك، أين الحقيقة؟
ومَن هي جان دارك؟
ولدت جان دارك في الـ6 من يناير عام 1412، في قرية دومريمي الواقعة شرق فرنسا، لأبٍ فلاح وأمٍّ متدينة، زرعت في ابنتها قيم وتعاليم الدين المسيحي على المذهب الكاثوليكي.
ذاعت شهرة جان في قريتها، وهي في السادسة من عمرها، ففي أحد الأيام تعسرت ولادة إحدى جاراتها، والتي كانت تحبها جدًا، فذهبت إليها وأخذت تدعو لها، حتى أنجبت طفلها بسلام، وبسبب هذا الموقف، عُرِفَتْ في قريتها بأنها طفلة مباركة.
في تلك الفترة، كانت فرنسا تُعاني من الحروب بينها وبين بريطانيا، ومن مؤامرات القصر الملكي، مِمّا أدى إلى انقسام فرنسا بين بريطانيا وحكومة فرنسا، لكن أهالي قرية دومريمي أعلنوا ولاءهم للملك شارل السابع ملك فرنسا.
بعد بلوغ جان عقدها الأول، بدأت تستمع إلى أصوات بعض القديسين تطالبها بمساعدة الملك شارل السابع، في استعادة عرش فرنسا، مِمّا دفعها لطرح الأمر على زوج خالتها، الذي صدَّقها وساعدها
في الوصول إلى أحد الحُكّام المحليين، الموالين للملك شارل السابع، الذي رحَّب بمعاونتها له، وكلَّفها بالقيام بتحرير أورليان، وبعد انتصارها في تلك المعركة، لُقِّبَتْ ب"عذراء أورليان"، منذ التحاق جان بالجيش الفرنسي، وتولّي أحد المناصب القيادية به، عمِلت على تغيير شكلها تمامًا، فقصَّتْ شعرها، وارتدت ثياب الرجال، وامطت الخيل.
وقصة استماعها لأصوات القديسين تطالبها بمساعدة شارل السابع، أوقع من قصة رؤيتها لله
-عَزّ وجَّل-، فالأنبياء أنفسهم لم يرَوْا الله، وهذا ثابت في الأديان السماوية.
جان
بعد انتصار جان في معركة أورليان بشهرين، صحِبت الملك شارل إلى ريمس لتتويجيه هناك رسميًا، إذ كان شارل ملكًا غير متوَّجًا حتى مايو 1429.. وبسبب انتصارات جان في المعارك التي خاضتها، صارت شخصية شعبية، ومنحها الملك ألقاب النبلاء، الشيء الذي أثار حفيظة بعض النبلاء، ودفع بعضهم إلى التخطيط للإيقاع بها وتسليمها إلى الأعداء.
في عام 1430، تمَّ القبض على جان بعد هزيمتها في إحدى المعارك، لتواجه أكثر من 70 تهمة، تنوعت ما بين الهرطقة، والزندقة، والعصيان... ليتم الحكم عليها بعد عام واحد بالإعدام حرقًا، ويُنَفَّذ الحكم في الـ30 من مايو عام 1431.
وبعد انتهاء الحرب بين بريطانيا وفرنسا بأكثر من 20 عامًا، سعى الملك شارل السابع لإثبات براءتها، وبالفعل أثبتت المحكمة براءتها، وكشفت التدليس الذي شاب المحكمة الأولى.
وفي عام 1803، قام نابليون بونابرت باعتبارها رمزًا وطنيًّا، كما حصلت على لقب قديسة من الكنيسة في فرنسا، وذلك عام 1920.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة