هذى الإذاعة يا مولاى قد نطقت.. اقرأ قصيدة على الجارم فى افتتاح الإذاعة المصرية

الجمعة، 31 مايو 2024 03:42 م
هذى الإذاعة يا مولاى قد نطقت.. اقرأ قصيدة على الجارم فى افتتاح الإذاعة المصرية الشاعر على الجارم
أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم الذكرى الـ 90 على انطلاق الإذاعة المصرية، وبهذه المناسبة نقرأ معا قصيدة الشاعر علي الجارم "افتتاح الإذاعة" والتي ألقيت بدار الإذاعة يوم الاحتفال بافتتاحها في 31 من مايو سنة 1934م.


يا ساريَ الشِّعْرِ يَطْوِي الْجَوَّ في آنِ
وَيَمْلَأُ الأُفْقَ تَغْريدًا بألْحاني
يَخْتالُ في بُرْدَةِ الفُصْحَى وتُسْعِدُهُ
بَدَائِعُ الْحُسْنِ من آياتِ عَدْنان
سِرْ أيُّها الشِّعرُ واركبْ كلَّ ناجِيَةٍ
من الرِّياحِ فقد أَلْقَتْ بأرْسَان
سِرْ بالرِّياضِ وخُذْ مِنْها نَضارَتها
ونَاغ ما شِئْتَ مِنْ وَرْدٍ وريْحَان
الكَوْنُ أُذْنٌ لِمَا تُلْقِيه وَاعِيةٌ
فَامْلَأ مَدَاهُ بصَوْتٍ مِنْكَ رَنَّان
وَبَلِّغِ الأرْضَ أنَّا في حِمَى مَلِكٍ
صَوْبُ الْحَيَا ونَدى كَفَّيْهِ سِيَّان
وَإِنْ تَزُرْ كَعْبَةَ الآمالِ مُشْرِقَةً
مِنْ (عابِدينَ) فطُفْ مِنها بأَرْكان
وقفْ وأَطْرِقْ خُشُوعًا أنتَ في قُدْسٍ
ضافِي المَهَابةِ عالي الشَّأْوِ وَالشَّانِ
قَصْرٌ بنَاهُ بُناةُ المَجْدِ مِن هِمَمٍ
فَلَمْ يُطَاوِلْ عُلاهُ أَيُّ بُنْيان
فأَيْنَ كِسْرَى وَمَا أَعْلَى مَشَارِفَهُ
في بُهْرَة المُلْكِ مِنْ صَرْحٍ وإيوان
أساسُهُ عَزَمات جَلَّ خالِقُهَا
لا ما يَرَى الناسُ من صَخْرٍ وصَوَّان
يُطِلّ مِنْهُ عَلَى آمالنا مَلِكٌ
يُزْهَى به الشعْبَ في سِرّ وإعْلان
في وَجْهِهِ قَسَمَات قَدْ دَلَلْنَ عَلَى
ما ضَمَّهُ القَلْبُ مِنْ نُبْلٍ وإيمان
•••
يا ابْنَ الأُلَى بَعَثُوا مِصْرًا لِنَهْضتِها
وَأَيْقَظوا من بنيها كُلَّ وَسْنان
وأَرْسَلُوها إلَى العَلْياء فانْطَلَقَتْ
تَعْدُو إلى الْمَجْدِ في جِدٍّ وإمْعانِ
كأنَّها تَبْتغي في الشَّمْسِ حاجَتَها
أو أنَّها أودِعَتْ سِرًّا لكَيْوَان
آثارُهُمْ في ضِفافِ النِّيلِ ماثِلةٌ
أبْقَى عَلى الدَّهْر منْ رَضْوَى وثَهلان
كأنَّها وهْيَ في الوَادِي قد انْتَثَرَتْ
عِقْدٌ تَنَاثَرَ عَنْ دُرٍّ وَعِقْيان
جاءُوا بما عَزَّ في الآذانِ مَسْمَعُهُ
عَنِ المُلوكِ ولم تُبْصِرْهُ عَينان
في باحَةِ السِّلْمِ كانُوا رَحْمةً وهدًى
وفي الكَرِيهةِ كانوا أُسْدَ خَفّان
قد حاوَلُوا الصَّعْبَ حَتَّى ذَلَّ شَامِسُهُ
وَمالَ بالرَّأْسِ عَنْ يُسْرٍ وَإمْكانِ
•••
غَفْرًا (فُؤَادُ) أَبا (الفارُوقِ) إن عَجَزَتْ
عَنْ عَدّ آلائِك الغرَّاء أوْزاني
حاوَلْتُ تَصْوِيرَها جهْدِي فما اتَّسَعَتْ
لِبَعْضِ ذلكَ ألْواحي وألْوانِي
والبحرُ تُبْصِرُ جُزْءًا حَوْلَ ساحِلِهِ
ولَيْسَ في دَرْكِهِ طَوْقٌ لإنسان
في كُلِّ يَوْمٍ لكُمْ فِي مِصْر عارِفَةٌ
في طَيِّها مِنْ نَدَاكُمْ ألْفُ بُرْهان
نَشَرْتَ فيها رُبُوعَ العِلْمِ زَاهِرةً
جَلَالَةُ المُلْكِ في عِلْمٍ وعِرْفان
غَرَسْتَهُ دَوْحَةً غَنَّاءَ وَارِفَةً
قَريبَةَ المُتَمَنَّى ذاَتَ أَفْنان
وساسَنا منكَ رأْيٌ زانَهُ خُلُقٌ
قد صاغَهُ اللهُ من رِفْقٍ وإحْسان
الدِّين زاهٍ وَوَجْهُ الْمُلْكِ مُؤْتَلِقٌ
كالرَّوْضِ جادَ ثَراهُ صَوْب هَتَّانِ
رَدَدتَ لِلُّغَةِ الفُصْحَى بَشَاشَتَها
مِن بَعْدِ أَنْ هَجَرتها مُنْذُ أَزْمان
قد ذَكَّرَتْها أيادِيكَ التي عَظُمَتْ
مَنازِلَ العِزِّ في دَاراتِ قَحْطان
أَوْلَيْتَها (مَجْمَعًا) طَابَتْ مَشارِعُهُ
وَبَلَّ منهُ صَداهُ كُلُّ صَدْيان
أعادَ في مِصْرَ عَهْدًا للرَّشِيدِ مضَى
أيامَ أشْرَقَتِ الدُّنْيا (بِبَغْدان)
سَعَتْ لِساحَتِكَ الدُّنْيا ويَمَّمَها
جَهابِذُ القَوْمِ مِنْ قَاصٍ ومِنْ داني
•••
هَذِي الإذاعةُ يا مولايَ قد نَطَقَتْ
بما بَذَلْتَ بإفْصاحٍ وتِبْيان
مِنْ قَبْلها سارَ سَيْر الشمسِ ذكْرُكمُ
يَطْوِي الْجِواءَ بأقْطارٍ وبُلْدانِ
أنشَأْتها جَنةً غَنَّتْ بَلَابِلُها
وغَرَّدَتْ بين أوراقٍ وأَغْصان
فيها الثَّقافاتُ ألوانٌ مُنَوَّعَة
تُزْجَى إلى الشَّعبِ من آنٍ إلى آن
قد أَصْبَحَتْ مَنْهلًا يَسْعَى لِطالِبِهِ
فاعجبْ إلى مَنْهلٍ يَسْعَى لِظَمْآن
عِشْ لِلْبلادِ (أبا الفارُوق) نُورَ هُدًى
وأَعْلِ رايَتَها في كُلِّ مَيْدان
وعاشَ فاروقُ للدنْيا يُجَمِّلُها
وَيَزْدَهِي بُمحَيَّاُه الْجديدان
لما دَعوْهُ أَمِيرًا للصعِيد سَمَا
بِهِ الصَّعِيد وأضْحى جِدَّ جَذْلان
لا زالَ زِينَةَ عَهْدٍ طابَ مَوْرِدُهُ
مُجَمَّلٍ بِجَلَالِ الْمُلْكِ مُزْدَان

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة